النتائج الميدانية المتحركة في سورية

النتائج الميدانية المتحركة في سورية

النتائج الميدانية المتحركة في سورية

 لبنان اليوم -

النتائج الميدانية المتحركة في سورية

وليد شقير

حقق التدخل العسكري الروسي في سورية أهدافاً ميدانية عدة حتى الآن. تمكّن الكرملين من المراهنة على دفع البحث في الحل السياسي إلى الأمام.

أول هذه الأهداف، الاستبعاد الكامل لفكرة قيام منطقة آمنة شمال سورية، كان التوافق الأميركي - التركي يقترب من التفاهم عليها في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. فالتحليق الكثيف للطيران الروسي في سماء الشمال السوري والساحل... جعل هذا الخيار الذي تصر عليه أنقرة منذ أكثر من سنة، غير قابل للتطبيق. وبدلاً منه، اضطرت الولايات المتحدة الاميركية للاتفاق مع موسكو على قواعد تحليق طائراتها التي توجه ضربات إلى «داعش» و «النصرة» و «القاعدة» على الأراضي السورية، كي لا تصطدم بالطائرات الروسية.

وكان الأتراك يأملون بالمنطقة الآمنة، بعد توسع سيطرة المعارضة في محيط مدينة حلب، ليتم نقل نازحين من تركيا إلى داخل الأرض السورية، وبأن تتمكن قيادة المعارضة من أن تنقل بعض مقارها إلى هذه المنطقة المحمية من الجو.

أما الهدف الثاني، فهو نجاح القصف الروسي الجوي والصاروخي البعيد المدى في شل قدرات «الجيش السوري الحر» والتشكيلات العسكرية الأخرى المصنفة «معتدلة»، في بعض المناطق وإعاقة تقدمها، الذي استدعى هذا التدخل، نحو الاستيلاء على مواقع جديدة تابعة لقوات النظام وحلفائه في الميليشيات المدعومة من إيران.

أما الهدف الثالث، فهو وضع إعادة ترتيب أوضاع الجيش السوري على السكة، بنية دمج الميليشيات السورية التي أشرفت إيران على إنشائها وتدريبها، في هيكلية الجيش بعد أن ثبت فشلها في الدفاع عن المناطق التي تقدمت فيها قوات المعارضة في الأشهر الماضية.

اعتبرت موسكو أن تحقيقها هذه الأهداف، تحت عنوان محاربة «داعش» والإرهاب حيناً والحؤول دون سقوط بشار الأسد عسكرياً أحياناً أخرى، يمكنها من طرح صيغة للحل السياسي، لأنها تكون استعادت المبادرة في التخاطب مع الدول المعادية للنظام، ومع النظام نفسه، لعلها تحقق نصراً سياسياً يشكل نموذجاً لعودتها لاعباً رئيساً على الساحة الدولية بقوة التدخل العسكري. وهي لذلك استعجلت تقصير عمر هذا التدخل، عبر الانتقال إلى التفاوض السياسي على الحل قبل أن تتعاظم أثمان العمليات العسكرية عليها. فإطالة أمد الحرب، على رغم استعدادها لها، احتمال وارد إذا غاب أفق التسوية السياسية.

فإلغاء فرضية المنطقة الآمنة عبر تدخلها، يقابله إمكان حصول الثوار السوريين، من الدول التي تدعمهم، على صواريخ أرض - جو. وهو أمر تعلم موسكو أنه بات ممكناً وأن بعض التشكيلات العسكرية تمكنت من اقتناء هذه الصواريخ، لكن مع قرار بعدم إجازة استخدامها، إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المفاوضات النشطة على الحل السياسي.

ومع أن القيادة الروسية حذرت من إعطاء الثوار السوريين هذا النوع من الأسلحة، فإن الدول المعنية بتسليمها إلى هؤلاء الثوار قد تجيز استخدامها ضد الطيران السوري، لا الروسي في مرحلة أولى، ما يعيد إظهار الأسد في مظهر الضعف إزاء إصراره على عرقلة الحل الذي يقضي بتسليم صلاحياته للهيئة الانتقالية. وقد تعيد هذه الصواريخ، مثلما فعّلت الصواريخ المضادة للدبابات التي انتشرت بين الميليشيات المعارضة التدخل الروسي، إلى «الجيش الحر» والتشكيلات المشابهة، القدرة على المبادرة...

عامل آخر قد يؤخر الحل هو الممانعة الإيرانية التي ظهرت في تناقضات تصريحات بشار الأسد عن استعداده للحل السياسي، تارة بقبوله وأخرى بعودته إلى اشتراط القضاء على الإرهاب قبل أي تفاوض. ومن المؤكد أن طهران لن تقبل تقليص دور الميليشيات التي تشرف عليها، سواء السورية أم الآتية من الخارج، مقابل الإصرار الروسي على عدم فاعليتها وعلى وجوب دمجها بالجيش أسوة بصيغة لاحقة لدمج «الجيش الحر» وغيره، في إطار الحل السياسي. فطهران عززت وجودها العسكري المباشر، إضافة إلى دور «حزب الله» والميليشيات الأخرى رداً على الخيارات المطروحة للتسوية السياسية.

بات مستقبل الوضع الميداني الذي حركته موسكو، متوقفاً على مفاوضات فيينا. فعلى نتائجها، تقرر موسكو إطالة الحرب أم تقصيرها. وفيها تتقرر حصيلة الاختبار الذي تنتظره الدول العربية الطامحة لاتفاق على مدة قصيرة لبقاء الأسد، لتقرر بعده خياراتها الميدانية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النتائج الميدانية المتحركة في سورية النتائج الميدانية المتحركة في سورية



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon