مقترح كيري  ما عليه وما له

مقترح كيري .. ما عليه وما له؟

مقترح كيري .. ما عليه وما له؟

 لبنان اليوم -

مقترح كيري  ما عليه وما له

حسن البطل
الفكرة بسيطة، بساطة أرجوحة سرير الغابات المربوط بجذعي شجرة، ويريد جون كيري أن يربط حبل الحل، اولاً، بجذع الشجرة العربية، أي تعديل وتحديث مبادرة السلام العربية، ومن ثمّ يربط طرف الحبل الآخر بجذع قبول إسرائيل لها؟ ماذا يعني هذا؟ مثلاً أن يوافق العرب على انسحاب إسرائيل من فلسطين.. لا الى خطوط ١٩٦٧ كما في المبادرة العربية، بل الى خطوط الكتل الاستيطانية كما في مقترح بوش - الابن غير الرسمي، القائل أن العودة لخطوط الهدنة (وقف النار لعام ١٩٦٧) لم تعد عملية ممكنة. لماذا؟ لسببين: واقعي استيطاني وسياسي فلسطيني.. حيث لم يكن احد يتحدث لا عن "الحل بدولتين" ولا عن دولة فلسطينية مترابطة الأركان. الفلسطينيون قبلوا، عملياً ورسمياً، ترسيم الحدود بين الدولتين على قاعدة مبادلات أرضية متكافئة، كماً ونوعاً. إسرائيل تجاهلت المبادرة العربية كلياً! .. وانسحبت من غزة لتعطيلها. الحد الثاني، والشرط المكمل للمبادرة العربية إياها (بعد ١١ سنة من طرحها) هو تطبيع العلاقات بين سائر الدول العربية والإسلامية وبين إسرائيل. ظاهريا لم يأت مقترح التعديل او "التحديث" بجديد جذري، لكن قبول التحديث الأميركي هو شرط أميركا الأوبامية للانتقال من وضع سرير الغابات الى وضع النول الذي ينسج سجادة الحل! لاحظوا أن جولة جون كيري التمهيدية لجولة رئيسه باراك أوباما بدأت عربية للحصول على "صنع" القرار السياسي العربي، ومن ثم سيحاول الرئيس أوباما "صنع" الحل السياسي الأميركي لأنه سيبدأها بإسرائيل وفلسطين والأردن. لم يحصل كيري على قبول "التحديث" من دول عربية عدّة زارها، ربما لأن أوباما قد لا يحصل على قبول اسرائيل لها، والحجة العربية ان المبادرة "تقادمت" بما يشجع على التفكير بسحبها من التداول. واضح ان العرب يرفضون الشق الثاني من مقترح كيري، أي خطوات التطبيع مع اسرائيل، واما الشق الاول فهو منوط بالقبول الفلسطيني لمبدأ التعديلات الحدودية من مؤقتة الى حدود رسمية بين دولتين.. لكن، بشرط ان تكون متكافئة كماً ونوعاً، وموضوع تفاوض ترعاه الولايات المتحدة، وفق مبدأ : دولة فلسطينية ذات حجم يكافئ حجم الأراضي الفلسطينية المحتلة. لماذا أذعنت أميركا البوشية لحقائق الكتل الاستيطانية؟ لأنها التي ستمول القسم الاكبر من الانطواء الاستيطاني المبعثر الى الكتل الاستيطانية. الكلفة مهولة وتزيد على المائة مليار دولار (مقابل عشرة مليارات شيكل كلفة الانسحاب من غزة). تقول الفكرة الأساسية الأميركية ان باستطاعة دولة فلسطين، بعد المبادلات الجغرافية، ان تقيم "كتلاً" تستوعب اللاجئين الراغبين بالعودة الى "دولة فلسطين". بينما يستطيع العرب رفض التطبيع السياسي مع إسرائيل، وخاصة سياسياً بتبادل السفراء مثلاً، فإن الفلسطينيين لا يستطيعون رفض التطبيع الاقتصادي والتجاري وحتى السياسي - السيادي، طالما قبلوا مبدأ "قدس عاصمة دولتين". الصحيح والمقبول في مقترح كيري المزدوج هو ان الحل في فلسطين هو مفتاح حل الصراع العربي - الاسرائيلي. لم يكن الأمر كذلك من قبل، اي في مرحلة الحاق الحل في فلسطين بحل الصراع العربي - الاسرائيلي، كما في كامب ديفيد المصري - الإسرائيلي - الاميركي. الآن، الحاق الحل العربي - الاسرائيلي بالحل الفلسطيني - الإسرائيلي، أي: الحصان يقود العربة لا العكس! ما الذي تغير بين طرح المبادرة العربية في قمة بيروت واقتراح كيري "تحديثها"؟ إسرائيل لم تتغير، لكن تغير العرب وضاعت الحدود بين "دول ممانعة" و"دول مسالمة" فالربيع العربي قوّض الأنظمة الممانعة وخضّ وخربط الأنظمة المسالمة.. والفلسطينيون يعانون من التقويض والخضّ معاً، وهم يقولون مع العالم ان نافذة "الحل بدولتين" توشك على الانغلاق. ما هو خبر فكرة او مقترح كيري؟ إنه عملي ولكن غير بسيط: بدلاً من جدل الاستيطان والانسحابات، يجب على أسرائيل ان تحدد حدودها السيادية، اي تضم الكتل الاستيطانية وتخلي المستوطنات المبعثرة وهذا برنامج متعدد السنوات، على أن تكون مساحة دولة فلسطين ومساحة دولة إسرائيل كما كانت عليه قبل حرب ١٩٦٧. مشكلة كيري وأوباما وأميركا.. والحل بدولتين ليست مع الفلسطينيين بالتأكيد، ولا حتى مع دول العرب .. بل مع إسرائيل، التي بدلاً من حل نهائي تريد حلولاً مؤقتة ومرحلية ومتطاولة الأمد، اي مع هندسة داخلية لجغرافية الضفة (أ.ب.ج). يقولون ان اوباما لن يحمل جديدا لفلسطين وإسرائيل. لا أرى هكذا، فهو سيحمل بعد زيارته جديدا في سياسة الولايات المتحدة، بدل ان تنطق اوروبا باسمه واسم أميركا.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقترح كيري  ما عليه وما له مقترح كيري  ما عليه وما له



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon