هذه إيران الجديدة بعد ليلة القدر النووية

هذه إيران الجديدة بعد "ليلة القدر النووية"

هذه إيران الجديدة بعد "ليلة القدر النووية"

 لبنان اليوم -

هذه إيران الجديدة بعد ليلة القدر النووية

علي الأمين

المشهد الذي خلص اليه الاتفاق النووي الايراني مع الدول الغربية لا يقرأ من زاوية الارباح والخسائر لدى ايران او الدول الغربية. السؤال الذي يطرح اليوم بعد انجاز الاتفاق النووي: هل ايران قبل الاتفاق ستكون هي نفسها بعد الاتفاق؟ ذلك ان الجوانب التقنية والفنية في المفاوضات لم تكن هي الاساس على رغم اهميتها، بل لا بد من رصد التحولات التي يفرضها هذا الاتفاق على المنظومة الايديولوجية الايرانية. ذلك ان المفاوضات لم تكن تتم من اجل عقد اتفاقية تجارية، بل الاهم ان النقاش طال بنية النظام الايراني واستراتيجيته. والاتفاق لم يكن نوويا بل كان خلاصة بحث في كليات السياسات العامة الايرانية، التسلح، النفط، الاقتصاد...

ومقتضيات الاتفاق تفرض نسق جديد من العلاقة بين ايران والمنظومة الغربية. نسق يقوم على الاعتراف بقواعد النظام الدولي. وهذا الاتفاق يفرض تعاون سيستبعد النمط الايديولوجي الذي تبنته ايران طيلة العقود الماضية. الرضى الغربي عن الاتفاق لا يقل عن الرضى الايراني. بل البهجة التي كان وزير الخارجية محمد جواد ظريف يعبر عنها بهذه الضحكة العريضة التي كادت لا تفارق وجهه امس. كان يبدو وكأن ليلة القدر قد نزلت عليه وعلى ايران.

حققت ايران مبتغاها باعتراف دولي انها دولة نووية، واتاحت للغرب فرصا جديدة متابعة ومراقبة برنامجها بالتلازم مع رفع مستمر للعقوبات الغربية عن ايران. ايّ ان الاتفاق يتطلب التزامات متبادلة في مسار ممتد لسنوات. لذا فالعلاقة بين ايران واميركا تغيرت. لم تعد محكومة بالمضمون الايديولوجي. الاتفاق النووي يرسم اطار ضابط لنسق العلاقات الايرانية الجديدة مع الغرب. اذ ان ايران ستغير في سلوكها وفي خطابها السياسي. لا يمكن ان تبقى على خطاب محاربة "الشيطان الاكبر" و"الاستكبار" من جهة، وهي تتعاون معه من جهة ثانية. هذا لن يكون منطقياً وغير قابل للصرف. محاربة الاستكبار، ان وجدت، ستكون ضمن قواعد العلاقات الدولية وشروطها وليس من خارجها.

عندما يتحدث العالم عن دولة متطورة ودولة حديثة، فالمقصود بتلك التي لديها انتاج اقتصادي ومعرفي، بنية تصنيعية، وروافع ناظمة لتطورها هي روافع رأسمالية، . الدولة الحديثة بهذا المعنى هي دولة غربية. والنموذج الآخر غير موجود كمنافس او كنموذج قابل للحياة. لذا فإن اندفاعة ايران نحو خيار "الدولة الحديثة" سيفرض عليها النظر الى معايير القوة بشكل مختلف عما هو حالها اليوم. جزء من الرهان الاميركي على هذا الاتفاق هو ان انه سيساعد في احداث تحول بالسياسة الايرانية وفي المزاج الايراني.

الحصار الذي تعرضت له ايران والكم الكبير من العقوبات لم يمنعاها من التمدد في اكثر من دولة عربية واسلامية. هذا النفوذ الخارجي الفاعل ترافق مع استمرار النزف الاقتصادي في ايران وتقهقر ماليتها العامة. وان نجحت القيادة الايرانية في سياسة المناكفة غير ان الزخم والاندفاع الخارجي وصل الى نهاياته ويعاني من حالة انحدار في سورية والعراق وحتى اليمن وغيرها. هذا ربما ما عجل بالوصول الى اتفاق، فإدارة اوباما ليس لديها مانع من ان تكون ايران دولة اقليمية فاعلة في محيطها. الدور الايراني له مساحته، لكن شرط ان يكون منضبطا ومنسجما تحت المظلة الاميركية الغربية في المنطقة.

اهمية الاتفاق النووي انه فرض احتراما لموقع ايران الاقليمي، التي حظيت باعتراف طالما سعت اليه في النادي النووي الدولي. والى جانب ذلك، وقبله وبعده، ايران امام خيار بناء الدولة الحديثة او البقاء على المنظومة الايديولوجية التي وصلت الى مأزقها السياسي وربما الحضاري. وبالتالي فإن ايران، التي يمهد الاتفاق، بحسب بعض المراقبين، لكي تكون لاعبا رئيسا في منظومة الشرق الاوسط الجديد برعاية اميركية في المرحلة المقبلة... باتت امام خيارات استراتيجية اتخذ المرشد الوجهة وحددها للايرانيين. لكن المنظومة الايديولوجية المتحكمة والمسيطرة على مراكز رئيسة في القرار الايراني هي امام مرحلة تحول يفرضها مسار التفاهم الايراني – الدولي، وبرضى المرشد وقبوله.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه إيران الجديدة بعد ليلة القدر النووية هذه إيران الجديدة بعد ليلة القدر النووية



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon