عملية نظيفة وذكية وناجحة

عملية نظيفة وذكية وناجحة

عملية نظيفة وذكية وناجحة

 لبنان اليوم -

عملية نظيفة وذكية وناجحة

علي الأمين

برع حزب الله في عملية الرد على عملية القنيطرة الاسرائيلية، براعة امنية وعسكرية تسجل له، اذ نجح في توجيه ضربة مدروسة وقاسية الى الجيش الاسرائيلي، ونفذ ردّاً مدروساً، راعى خلاله المخاوف اللبنانية من جرّ لبنان الى حرب شاملة مع اسرائيل، والتزم شروط عدم المغامرة بجمهوره، الذي مهما قيل في تأييده لحزب الله الا انه ليس مستعدا للدخول في تجربة شبيهة بالعام 2006، لكن في ظروف اسوأ. كما راعى الاعتبارات الدولية في عملية الرد باختيار مزارع شبعا، مستفيدا من تجربة حرب العام 2006، لجهة عدم المبادرة الى خرق الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، بل اختار المكان الذي يصعّب على اسرائيل خوض حرب، ويسمح لها بهضم العملية وتفادي الحرب.

براعة حزب الله، الى كون العملية العسكرية التي نفذها في مزارع شبعا وادت الى سقوط قتيلين اسرائيليين وجرح سبعة بينهم ضابط، أنها مرّت من دون اشعال ازمة حدود، ولم تفجر ازمة داخلية لبنانية... ساعده في ذلك عدم التهور في حسابات الردّ. فقد نجح في هندسة عملية نظيفة تستجيب لكل المحاذير. عملية لم تخلّ بالمعيار الاستراتيجي الذي يحكم علاقة الصراع مع اسرائيل من خلال محافظتها على التوازنات التي يشكل الاخلال فيها مدخلا لحرب لا يريدها اطراف الصراع اليوم. وحسناً فعل تيار المستقبل بعدم المسارعة الى اصدار موقف، قبل ان تتضح الصورة كاملة، لا سيما ان حزب الله لم يخرق القرار الدولي 1701، والثابت لبنانياً ان اسرائيل تحتل مزارع شبعا اللبنانية. وبالتالي فان العملية العسكرية لحزب الله جرت على اراض لبنانية وليست داخل فلسطين المحتلة. فضلا عن ان العملية العسكرية، بحدودها، يمكن ادراجها في المواجهة الاقليمية من دون ان تحمل الى الداخل اللبناني ايّ تداعيات كما كانت الحال بعد حرب 2006.

حزب الله كان وسط كمّ هائل من التحديات السياسية والاستراتيجية في لحظة قرار تنفيذ عملية الرد على العدوان الاسرائيلي على كوادره في القنيطرة. التقدم للرد بعمل ضد اسرائيل يوازي حجم الخسارة التي تكبدها، اوالعودة الى الوراء وعدم الردّ كانت مستحيلة في حساباته. لقد خرج من تأثير الشعبوية الخالصة التي تطالبه برد عنيف ومباشر، الى الالتزام بشروط الردّ الذي يراعي بدقة الاعتبارات الاقليمية والدولية، وحقق هدفه بنوع من الذكاء عبر قدرته على النفاذ من بين هذه العناصر المتضادة. ويمكن ملاحظة ان التعليق الاميركي على العملية، بالقول "ان العملية لاتستدعي حربا" ثم لاحقاً دعوة الخارجية الاميركية "اطراف الصراع الى ضبط النفس"، كان موجها من الناحية العملية ضد نشوب الحرب، وبالتالي هو رسالة الى اسرائيل بالدرجة الاولى. وهو اقرار اميركي بأن اسرائيل ليس من حقها تصعيد المواجهة، فضلا عن ان الحرب في حال نشبت ستكون لها تداعيات اقليمية اقله في الميدان السوري ومعادلاته وهو ما لا تريده واشنطن ولا طهران ولا اسرائيل.

الردّ الاسرائيلي، بعمليات القصف التي طالت مناطق غير مأهولة، ومن دون خسائر في الجانب اللبناني وفي صفوف حزب الله، ترافق مع موقف لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، انطوى على رغبة في هضم عملية حزب الله، لكن مع تحذير بأن تصعيد حزب الله سيستحضر مشهد الحرب الاخيرة على غزة. لكن الحكومة الاسرائيلية كانت تعلم ان حزب الله لا يريد توسيع دائرة الاشتباك، وبالتالي عدم قيام اسرائيل بضربات تتجاوز حدود القصف الروتيني والمحدود، لن يدفع حزب الله الى حرب لا يريدها، وان كان قادرا على خوضها. لسان حال حزب الله كان "ضربة بضربة". بمعنى: "لا تريدون حرباً معنا ولا نريد حرباً معكم، ومعادلة الصراع التي تحكم العلاقة بيننا ثابتة ولا خروج على قواعد اللعبة في الوقت الراهن على الأقل".

في البعد الاستراتيجي نجحت ايران من خلال عملية حزب الله العسكرية في تثبيت موقعها على حدود التوتر مع اسرائيل. وهي، للمرة الاولى، بادرت قبل تنفيذ العملية في مزارع شبعا، الى اعلام الولايات المتحدة عبر القنوات الدبلوماسية بحتمية الردّ على اسرائيل رداً على عملية القنيطرة، كما قال مساعد وزير الخارجية الايرانية حسين عبد اللهيان امس. وفي هذا اشارة الى ان اسرائيل وايران تلتزمان بقواعد اللعبة التي لا تخلّ بالحسابات الاميركية والتزاماتها سواء تجاه اسرائيل او لجهة الحوار الاميركي – الايراني العميق في الشرق الاوسط.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عملية نظيفة وذكية وناجحة عملية نظيفة وذكية وناجحة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon