اللبنانيون يهربون من «داعش» إلى الحرب الأهلية

اللبنانيون يهربون من «داعش» إلى الحرب الأهلية

اللبنانيون يهربون من «داعش» إلى الحرب الأهلية

 لبنان اليوم -

اللبنانيون يهربون من «داعش» إلى الحرب الأهلية

طلال سلمان

 تتطوّع مجاميع من المواطنين الذين ضربهم داء العصبوية الطائفية أو المذهبية لتحقيق بعض أهداف «داعش» بغير طلب من هذا التنظيم الإرهابي وبغير مكافأة على «إنجازهم التاريخي» بدفع البلاد نحو حافة الحرب الأهلية... وهو ما يتجاوز أحلام «داعش» و«النصرة» ومشتقاتهما.
إن عمليات الخطف والخطف المضاد التي تختلط فيها نزعة الثأر مع الطمع بفدية سخية لا تشكّل رداً على الجريمة المنظمة التي يعتمدها تنظيم «داعش» الإرهابي، بل هي تخفف من وطأة المذابح التي ارتكبها بحق «رهائنه» من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي ومعهم أهالي عرسال... إذ هي تظهر أن بين اللبنانيين مَن لا يقل عنه وحشية وتفريطاً بوحدة الشعب في مواجهة الإرهاب المنظم، بل ويساعده في ضرب الإجماع الوطني على دعم الجيش والجهد الحكومي من أجل تحرير رهائنه.
إن ما جرى أمس، في بعض منطقة بعلبك والمدينة ذاتها كما في سعدنايل، فضلاً عن الوقائع العنصرية المخزية التي شهدتها مداخل الضاحية وبعض البلدات في البقاع والجنوب، يشكّل جائزة ذهبية لـ«داعش» وأخواتها، بل إنه قد يشكّل تبرئة لها أو ـ أقله ـ تخفيفاً من فداحة جرمها الشائن، خصوصاً أنه يتعدى تبرير الجرائم التي ارتكبها «داعش» بالأمس، وقد يرتكبها اليوم أو غداً اندفاعاً مع هوسه الدموي.
إن وقائع أمس ليست مخزية فحسب، بل هي نذر بتجديد الحرب الأهلية في لبنان مع اختلاف في هوية «الأبطال» وأغراضهم.
لقد قدّم أهالي الجنود الذين يحتجزهم «داعش» ويبتز بهم لبنان صفحة مشرقة وطنياً، إذ أكدوا وقوفهم خلف الجيش، بل واستعدادهم للتطوع فيه من أجل قتال «داعش» والرد على الإرهاب بالوحدة الوطنية والتمسك بالدولة التي لم ينصفهم نظامها بطبقته السياسية الفاسدة والمفسدة، في أي يوم.
ليست السلطة وحدها المسؤولة، وليس النظام، بل هو الجمهور الذي تفتك به المشاعر العنصرية فيضطهد الضحايا من الرعايا السوريين الذين التجأوا إليه هاربين من محنتهم في البلد الشقيق، متناسين أن هؤلاء الضحايا كانوا هم هم بين من استضافهم فأكرمهم عندما نزحوا من بلداتهم وضواحي المدن المستهدفة بالنار الإسرائيلية في حرب تموز 2006.
فإذا ما أضفنا إلى قسوة اللبنانيين بعضهم تجاه بعض، لأسباب طائفية ومذهبية، هذه الفظاظة في التعامل مع من لجأ إليهم طالباً تعاطف إخوتهم، لشعرنا بالخوف من هؤلاء الذين لا تردعهم وطنيتهم عن الإساءة بعضهم إلى بعض، ولا تمنعهم إنسانيتهم من ممارسة عنصريتهم على أشقائهم الأقربين.
إن لبنان في خطر داهم.
والخطر الجديد كامن في داخله وليس قابعاً في الجرود وخلفها من حول عرسال وسائر البلدات في البقاع الشمالي.
إن مَن يُشعل نار الفتنة أقسى على لبنان وشعبه وأفظع إجراماً، بالمعنى الوطني فضلاً عن الإنساني، من «داعش» باعتباره طليعة الإرهاب المنظّم بالشعار الديني.
وإنه لأمر يستعصي على الفهم أن يفترق اللبنانيون، وأن يتنابذوا ويكيدوا بعضهم لبعض عبر كمائن مكشوفة، بينما الخطر يتهدد جميعهم... أبناء الشعب العنيد الذي يمشي إلى الحرب الأهلية بقدميه وعيناه مفتوحتان لكن عقله معطّل.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللبنانيون يهربون من «داعش» إلى الحرب الأهلية اللبنانيون يهربون من «داعش» إلى الحرب الأهلية



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon