ما بعد «فتوحات» إيران

ما بعد «فتوحات» إيران

ما بعد «فتوحات» إيران

ما بعد «فتوحات» إيران

 لبنان اليوم -

ما بعد «فتوحات» إيران

غسان شربل

في الاعوام الماضية، حقق الهجوم الايراني في الاقليم سلسلة نجاحات تعادل انقلاباً كاملاً. ادى الإخلال السريع بموازين القوى الى توتر اقليمي كما ادى الى تدهور صريح في العلاقات السنّية-الشيعية. وإذا تركنا خصوصية ما يحدث في اليمن جانباً يمكن اختصار النجاحات الاخرى بالآتي:

- في العراق شاركت ايران في استنزاف الاحتلال الاميركي. غادرت القوات الاميركية العراق بعد شهور شهدت تراجع نفوذ اميركا السياسي في البلد الذي غزته وحررته من نظام صدام حسين. بعد الانسحاب الاميركي اصبحت ايران اللاعب الاول على المسرح العراقي. شددت في سياستها على نقطتين: الاولى إبقاء الكتلة الشيعية موحدة. والثانية الاحتفاظ بعلاقة مع الاكراد ومنع الخلاف الشيعي-الكردي من بلوغ نقطة التصادم.

- قبل ذلك نجحت ايران في منع حصول انقلاب دائم في ميزان القوى اللبناني بفعل اضطرار الجيش السوري الى الانسحاب من هذا البلد إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. تمكنت ايران من منع قوى 14 آذار من تشكيل حكومة مستقرة مؤيدة لمعسكر الاعتدال العربي ومتعاطفة مع الغرب. وأظهرت التجارب لاحقاً استحالة تشكيل حكومة في لبنان من دون الحصول على موافقة طهران.

- تعاطت ايران مع الاحتجاجات في سورية بوصفها محاولة تستهدف محور الممانعة والتحالف السوري-الايراني. اتخذت قراراً قاطعاً بمنع اسقاط النظام السوري. ترجمت قرارها بتدخل «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية الموالية لها في القتال الى جانب ذلك النظام. أظهرت مجريات المعارك ان الدعم الروسي ما كان ليضمن بقاء النظام لو غاب الدور الايراني.

في العام الماضي، بدت صورة النجاحات اقل زهواً. ظهرت ايران محتاجة الى ما هو اكثر من تحسين الصورة عبر انتخاب الرئيس حسن روحاني. ارسل اقتصادها اشارات تعب بفعل العقوبات الغربية. اضطرت الى الانخراط في المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1. تبين ان طهران قادرة على منع اسقاط النظام السوري لكنها غير قادرة على حسم نزاع يبدو طويلاً ومكلفاً. بدأ الحديث عن تحول سورية الى فيتنام ايرانية باهظة مالياً لطهران ومكلفة بشرياً لـ «حزب الله».

جاءت المفاجأة من العراق. انهار الجيش العراقي امام هجمات «داعش». وولدت «الدولة الاسلامية» على مساحات واسعة من العراق وسورية. سبق ذلك انهيار علاقات رئيس الوزراء نوري المالكي بالمكونين السنّي والكردي. لا تستطيع ايران ارسال قواتها لاسترجاع المناطق السنّية من قبضة «داعش». والتمسك بالمالكي يعني الوقوع في استنزاف طويل. ادركت واشنطن صعوبة الموقف الايراني فاشترطت للمساهمة في ضرب «داعش» تغييراً حكومياً في بغداد يحل الشراكة مكان الشراهة.

قبل اعوام، سألت في طهران عن احتمال وقوع حرب اميركية - ايرانية فجاءني الجواب:» انك تسأل عن الحرب التي لن تقع. نحن نجري حسابات دقيقة. قد نقيم طويلاً على حافة الحرب لكننا لن نقع فيها. لن نجازف بمنجزات الثورة لكننا سنتصدى لأي عدوان».

لم تقع الحرب. ولم يعد جلوس المفاوضين الايرانيين مع نظرائهم الاميركيين جريمة تستحق الشنق. وروحاني يصف من يخافون التفاوض بالجبناء. في هذا المناخ اعلن علي شمخاني سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني ترحيب بلاده بالعملية الدستورية التي ادت الى تكليف حيدر العبادي تشكيل الحكومة خلفاً للمالكي.

رفض المالكي الرقص مع السنّة. رفض الرقص مع الاكراد. الحاكم العراقي لا يحب التانغو. لكن من قال ان من حق لاعب محلي ان يشهر سياسة «انا او لا احد». من قال ان من حق لاعب محلي ان يعرقل لعبة كبرى وحسابات كبرى. ايران تستهويها احياناً رقصة التانغو خصوصاً اذا كانت تعني امكان فوزها بمقعد الشريك الاكبر لـ «الشيطان الاكبر».

من المبكر الانطلاق من الموقف الايراني في العراق للاستنتاج بأن ايران وأميركا سترقصان الرقصة نفسها في ملفات اخرى. لكن الاكيد هو ان عصر «الفتوحات» الايرانية السهلة انتهى. تركيبة الاقليم صعبة ومملوءة بالفخاخ وقادرة على المقاومة والممانعة. تركيبة لا تسمح بالراقص الوحيد ولا بسياسة «انا او لا احد».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد «فتوحات» إيران ما بعد «فتوحات» إيران



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon