أقليات أقليات

أقليات أقليات

أقليات أقليات

 لبنان اليوم -

أقليات أقليات

غسان شربل
يجب أن تزور وطنك. وأن تكرر الزيارات. ليس لأن أجدادك يرقدون هناك. تحسدهم احياناً لأنهم عبروا باكراً. شهدوا صعوبات لكنهم لم يسبحوا في هذا البحر من البشاعات. غادروا قبل انكشاف الفضيحة المدوية. مساكين. ظنوا أن الارض ارضهم وأن التراب لن يخون قبورهم. صدقوا اكاذيب الخريطة وكذبوا عليك. يجب ان تزور وطنك. وأن تكرر الزيارات. لا لترى العلم يرفرف مزهواً. انت تعرف انه محتقر من الوريد الى الوريد. وأن من يتغنون به يفضلون أعلاماً اخرى. وخريطة اصغر. ونشيداً مختلفاً. وأن كرههم للعدو الجديد يفوق كرههم للعدو القديم. وأن الخناجر تلمع تحت عبارات التعايش. وتحت التغني باللحمة الوطنية. لطالما كرهت عبارة اللحمة الوطنية. تشعرني ان لحم المواطنين سيتطاير عند اول فرصة. يجب أن تزور وطنك. وأن تكرر الزيارات. لتطلق النار على آخر أوهامك. لتتحرر من جبال الدجل. ولتصبح قادراً على القراءة والفهم. يجب ان تكرر الزيارات لتتأكد من انك بلا وطن. ماذا تسمع لو أمضيت يوماً في لبنان؟ يتأكد لك ببساطة ان ما كنت تسميه الشعب اللبناني لم يعد موجوداً. لا اقصد ان اللبنانيين غادروا الى مكان آخر. يمكنك العثور على شيعي. وعلى سنّي. وعلى مسيحي. وعلى درزي. لكنك لن تعثر على من كنت تسمّيه اللبناني. هذه العباءة تهرأت وتمزقت. خرجت من تحتها الانتماءات العميقة والحقيقية. اذا استخدمت عبارة الشعب اللبناني تشعر انك تكذب على نفسك وعلى الآخرين. سمعت كلاماً مؤلماً استوقفني. قال المتحدث ان الوطن تفكك وليس الدولة. وأن الناس عادوا الى الجذور التي اخفوها طويلاً او تظاهروا بتطويعها. قال ان الحقيقة هي اننا مجموعة اقليات هائمة ومتوترة ومذعورة. وأننا ندفع ثمن إرغامنا على العيش معاً. وأن الخريطة كانت قفصاً. وأن كل فريق قبل بها على امل إحكام سيطرته عليها وأنه انكفأ الى جزيرته حين تعذّر عليه إركاع الآخرين ومحو ملامحهم. قال الرجل كلاماً كبيراً وخطيراً. قال ان الشيعة في لبنان يشعرون انهم سيعودون الى وضع الأقلية اذا سقط النظام السوري المتحالف معهم. سقوطه يقطع خط اتصالهم بمن يشبهونهم في العراق وصولاً الى ايران. قال ان السنّة في لبنان يعتبرون ان تحالف النظام السوري مع الشيعة في لبنان حوّل السنّة فيه الى اقلية مهيضة الجناح وقطع اتصالهم بمن يشبهونهم داخل سورية والعراق وأبعد منهما. رأى ان اللبنانيين الذين عبروا الحدود للقتال في سورية ساهموا في اسقاط الحدود. وأنهم انخرطوا في حروب اكبر منهم. حروب مذهبية ستدوم طويلاً. قال ان الخطر الكبير يحدق بالمسيحيين في لبنان. وأن الماروني يعاين ما حل بمسيحيي العراق وما يحل حالياً بمسيحيي سورية فيرى المستقبل قاتماً ويصاب مجدداً بهاجس الاقتلاع. تحدث عن افلاس الموارنة. تراجع حضورهم السكاني وتأثيرهم. غاب دورهم القيادي. لم تعد لديهم فكرة مقنعة لتجديد معنى الكيان وإنقاذ أوتاد الخيمة. قال ان الدكتور سمير جعجع غير قادر على القيام بهذا الدور لاعتبارات كثيرة، بينها انه مرشح دائم للاغتيال. وأن تجربة العماد ميشال عون تشبه السهم الطائش. اضاف ان عون لم يدرك فور عودته الى لبنان ان استقرار الدولة هو من يحمي المسيحيين من الهجرة ويمنع النزاع الشيعي - السنّي من التهام لبنان. وأنه اختصر مصير الدولة بموقعه فيها وبالحقيبة المُسندة الى صهره. وأنه لم يدرك ان عرقلة تشكيل الحكومة يضر بكل اللبنانيين وبصورة خاصة بالمسيحيين. قال ان دور الدروز انحسر وأن دور وليد جنبلاط الحالي مؤقت. تغيرت المعادلات الداخلية. انحسر الحضور السكاني للدروز. انحسرت قدرتهم على الحرب وكذلك على صناعة السلم. لاحظ ان وليد جنبلاط يعرف ذلك وهو ما يحاول الزعماء الموارنة إنكاره بالنسبة الى طائفتهم. أقليات. أقليات. أقليات. رائحة خوف عميق. ونزاعات مديدة. هذا يحدثك عن «داعش» والبيئة الحاضنة والفكر التكفيري. وذاك يحدثك عن «الهلال الشيعي». وثالث يبحث لابنه عن سقف في كندا او استراليا. مشكلة الأقليات ليست حكراً على لبنان. وهي تساعد على تفسير نزاعات كثيرة في المنطقة. لكنها في لبنان قاتلة لكيانه ومعناه.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقليات أقليات أقليات أقليات



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon