لماذا الاردنغير مصر وتونس وليبيا واليمن

لماذا الاردن...غير مصر وتونس وليبيا واليمن؟

لماذا الاردن...غير مصر وتونس وليبيا واليمن؟

 لبنان اليوم -

لماذا الاردنغير مصر وتونس وليبيا واليمن

خيرالله خيرالله
أن يترشّح 1528 مواطنا اردنيا، بينهم 203 امرأة، لانتخابات المجلس النيابي الجديد، دليل على أن رهان الملك عبدالله الثاني كان في محله. أنه رهان على الاردنيين اوّلا وعلى رغبتهم في الاصلاح من ضمن المؤسسات الاردنية، في مقدّمها البرلمان، وليس عن طريق الشارع الذي يسعى كثيرون الى استغلاله من اجل اخذ البلد الى المجهول... يُتوقّع ان تجري الانتخابات في الثالث والعشرين من كانون الثاني- يناير المقبل. من راهن على المقاطعة خسر رهانه وذلك لسبب في غاية البساطة. يعود السبب الى ان المملكة الاردنية الهاشمية ليست مصر ولا اليمن ولا تونس ولا ليبيا... والاكيد انها ليست سوريا. ما حصل في البلدان الخمسة، والذي استغله الاخوان المسلمون وغيرهم الى ابعد حدود، هو الفراغ السياسي الذي ولّد ثورات شعبية، وُجد من يخطفها. لا شكّ أن الاخوان المسلمين حققوا نجاحا كبيرا في كلّ من مصر وتونس. ولكن لا شكّ ايضا أنهم يواجهون عقبات في طريق الاستيلاء على السلطة في كلّ من ليبيا واليمن وسوريا وذلك لاسباب مرتبطة بالتعقيدات الداخلية في البلدان الثلاثة. صحيح أن اليمن كان استثناء، نظرا الى أن الرئيس علي عبدالله صالح كان يمتلك قاعدة شعبية، اضافة الى وجود قوي داخل القوّات المسلّحة، لكنّ الصحيح ايضا أن ذلك لم يحل دون اضطراره الى التخلي عن الرئاسة قبل انتهاء ولايته في السنة 2014. ولكن ما لا مفرّ من الاعتراف به أنّ الرئيس السابق حققّ انجازا على الصعيد الشخصي، مقارنة بزين العابدين بن علي، الذي لجأ الى المملكة العربية السعودية مع افراد عائلته، ومعمّر القذافي الذي صار في خبر كان، وحسني مبارك الذي انتهى في السجن، وبشّار الاسد الذي يتأرجح مصيره بين السجن والنفي وما انتهى اليه صدّام أو معمّر. تكمن اهميىة الاردن في أنه لم يوجد يوما فراغ سياسي في المملكة على الرغم من أنها لم تكن يوما بعيدة عن الازمات. عاشت باستمرار وسط الازمات الاقليمية في مقدّمها النزاع العربي- الاسرائيلي الذي في اساسه قضية فلسطين وشعبها الذي وُجد غير طرف عربي يريد المتاجرة به. لكنّ الاردن، بفضل ما امتلكته من مؤسسات، استطاعت دائما التعاطي مع هذه الازمات التي انعكست عليها داخليا بشكل سلبي. لم يكن في الاردن تصحّر سياسي. على العكس من ذلك، كان هناك دائما سعي الى ايجاد حياة سياسية تقوم على التنافس بين الاحزاب، اكان ذلك في عهد الملك الحسين، رحمه الله، او خليفته عبدالله الثاني. ما يجهله كثيرون أن حلم الحسين كان قيام مثل هذه الحياة السياسية الحزبية التي يكون التنافس فيها بين احزاب ذات برامج واضحة وعصرية في الوقت ذاته. لكنّ التطورات الاقليمية حالت دون ذلك منذ منتصف الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي في عزّ صعود التيّار الناصري والمزايدات، ذات الطابع القومجي، التي استهدفت العرش الهاشمي. الاكيد أن حرب 1967 التي تورّطت فيها الاردن غصبا عنها، في غياب القيادات العربية الواعية والناضجة، لم تساعد في تطوير الحياة السياسية في الاردن. على العكس من ذلك، تعرّضت الاردن، بعد 1967، لحملات استهدفت شطبه عن خريطة الشرق الاوسط بعد تدفق المسلحين الفلسطينيين عليه وسعيهم الى "اقامة سلطة الشعب"، نظرا الى انّ "طريق القدس تمرّ في عمان". هل من لديه جرأة كافية لاستعادة تلك الايّام والمقارنة بين ما كان يمارسه وقتذاك اليسار الفلسطيني، وهو يسار طفولي، وطريقة تصرّف الاخوان المسلمين، ومن لفّ لفّهم، هذه الاياّم؟ اسس الحسين لمرحلة جديدة في العام 1988 بعد قرار فكّ الارتباط مع الضفّة الغربية. وضع اللبنة الاولى للدولة الفلسطينية المستقلة التي قد تقوم يوما. وفي تشرين الثاني- نوفمبر 1989، وفي الوقت الذي كان فيه جدار برلين يتهاوى، اجريت انتخابات نيابية في الاردن. لم تساعد تطوّرات صيف العام 1990 واجتياح صدّام حسين للكويت في استقرار الاردن الذي تدفّق عليه فلسطينيو الكويت الباحثين عن مكان يؤويهم... في كلّ وقت من الاوقات، تعرّضت الاردن لظلم ذوي القربى، اذ مورست عليها كلّ انواع الضغوطات، ضغوطات ارهابية مصدرها النظام السوري وضغوطات اقتصادية مارسها بعض العرب واسرائيل التي لم يتخل اليمين فيها يوما عن مشروع الوطن البديل. ما جعل البلد يصمد هو مؤسسات الدولة من جهة وبداية ظهور وعي، كان متأصّلا، لدى الشرق اردنيين ومعظم المواطنين من اصول فلسطينية بأن المملكة الاردنية الهاشمية ليست دولة عابرة وأن النظام فيها ليس  قادرا على حماية البلد وحمايتهم فحسب، بل أنه عمل باستمرار على تطوير الحياة السياسية ايضا. ما يجعل الاردن مختلفة عن كلّ الدول العربية التي شهدت تظاهرات وحراكا شعبيا وجود اساس يمكن البناء عليه من اجل استيعاب هذا الحراك. بكلام اوضح، لم يكن هناك في ايّ يوم من الايّام تصحّر سياسي في الاردن. هذا ما لم يدركه الاخوان المسلمون الذين يقاطعون الانتخابات والذين ردّ عليهم الاردنيون بالطريقة المناسبة، اي عبر الاقبال الكبير على التسجيل في القوائم الانتخابية وتقديم هذا العدد كبير من الترشيحات. ربّما اكثر ما فشل الاخوان في استيعابه، أن عبدالله الثاني يعرفهم جيّدا. يعرف جيّدا ما يريدون. يعرف أنهم يصدقون الاشاعات التي يطلقونها، بما في ذلك المبالغة في قضية الفساد، ويعرف أنّهم يريدون استخدام الشارع من اجل فرض قانون انتخابي على قياسهم وليس على قياس الاردنيين. لديهم شبق لا حدود له للسلطة. كان في امكانهم تمرير مخططاتهم لو كانوا في بلد آخر... ولو لم تكن الاردن هي الاردن...
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الاردنغير مصر وتونس وليبيا واليمن لماذا الاردنغير مصر وتونس وليبيا واليمن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon