حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس»

حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس»

حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس»

 لبنان اليوم -

حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس»

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

يعطي ترحيب «حماس» بالقرار 2728 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي يدعو إلى وقف للنار طوال شهر رمضان، أي طوال الأسبوعين المقبلين، مع الإفراج عن جميع المحتجزين لدى الجانبين فكرة عن استعداد الحركة للدخول في نوع من المفاوضات السياسيّة.

تبدو الحركة في حاجة أكثر من أي وقت إلى نوع من الهدنة تسمح لها بالتقاط أنفاسها بعد هجوم «طوفان الأقصى» الذي ردّت عليه إسرائيل بسلسلة من الجرائم فاقت كلّ ما تتصوره «حماس». حدث ذلك بعدما وضع بنيامين نتنياهو نصب عينيه تصفية القضيّة الفلسطينيّة مستغلاً يوم «طوفان الأقصى» أي السابع من أكتوبر الماضي ... إلى أبعد حدود الاستغلال، مثله مثل إيران.

بعد خمسة أشهر وثلاثة أسابيع من بدء حرب غزّة، كان لابدّ من التوصل إلى هدنة ما، حتّى لو كانت قصيرة، لن تلتزمها إسرائيل حيث قرّر «بيبي» نتنياهو الذهاب بعيداً في المواجهة مع إدارة جو بايدن.

قرّر رئيس الحكومة الإسرائيليّة التراجع عن إرسال وفد من شخصين يثق بهما إلى واشنطن بغية مناقشة موضوع الهجوم، الذي ينوي شنّه على رفح، مع مسؤولي الإدارة.

أراد «بيبي»، بتراجعه عن إرسال الوفد الثنائي، إظهار امتعاضه من امتناع الولايات المتحدة عن استخدام «الفيتو» لمنع صدور قرار يوقف النار في غزّة، ولو لبضعة أيام، عن مجلس الأمن.

سيستغل الإسرائيليون العبارة التي تضمنها القرار الأممي والتي تتحدث عن تبادل المحتجزين «من دون شروط» كي ترفض وقف النار. سيأخذ الإسرائيليون ما يريدونه من القرار ويتركون وقف النار معلّقاً.

لدى رئيس الحكومة الإسرائيليّة، الذي ربط مستقبله السياسي بحرب غزّة وبانتصار ساحق ماحق على «حماس»، رغبة في اقتحام رفح من دون طرح سؤال في غاية البساطة من نوع: إلى أين يذهب الفلسطينيون الموجودون في رفح والذين يزيد عددهم على مليون شخص؟

هل مطلوب تشريد كلّ أهل غزّة من أجل أن يرضى نتنياهو واليمين الإسرائيلي؟ يعتبر اليمين الذي يتحكم بمصير الحكومة القائمة أنّ «طوفان الأقصى» فرصة لا تعوّض في المواجهة مع الشعب الفلسطيني وحقّه في دولة مستقلّة.

في كلّ الأحوال، ليس قرار مجلس الأمن سوى خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح في وقت لا تدرك فيه «حماس» أنّ لا مستقبل سياسياً أمامها وأنّ عودتها إلى غزّة، التي تسبّبت في تدميرها، ليست واردة.

يمكن للأميركي والإسرائيلي أن يختلفا في شأن نقاط كثيرة. لكن ما يجمع بينهما، كما يجمعهما بالأوروبيين، ذلك الإصرار على رفض عودة «حماس» إلى غزّة أو التعاطي معها بأي شكل.

هذه هي المشكلة الأساسيّة لـ«حماس» التي تعتقد أنّ في استطاعتها قطف ثمار حرب غزّة سياسياً متجاهلة أن ذلك هو الطريق المباشر الذي يقود إلى خدمة اليمين الإسرائيلي الذي راهن دائماً على صواريخها وعلى رفعها شعارات فارغة مثل شعار «تحرير فلسطين من البحر إلى النهر» أو أن «فلسطين وقف إسلامي».

يخفي القرار، الذي سمحت إدارة بايدن بتمريره في مجلس الأمن بعد التخلص من عبارة «الهدنة الدائمة»، مواجهة حقيقيّة بين الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية الحالية التي لا تمتلك أي مشروع سياسي باستثناء تكريس الاحتلال وإلغاء الشعب الفلسطيني الموجود على الخريطة السياسيّة للمنطقة أكثر من أي وقت، مثلما هو موجود على أرض فلسطين.

مازالت «حماس» تخلط بينها وبين المشروع الوطني الفلسطيني ومازال اليمين الإسرائيلي بزعامة «بيبي» يراهن على أنّه سيخضع إدارة بايدن التي لم تعد قادرة، مثلها مثل بقية الدول الأوروبيّة والعربيّة، على تجاهل مأساة غزّة التي فاقت كلّ تصوّر.

سيتوقف الكثير على ما ستفعله إدارة بايدن في الأسابيع المقبلة. الأكيد أنّها لا تستطيع، بأي شكل، أن تكون مثل إدارة دوايت إيزنهاور التي أجبرت إسرائيل على الانسحاب من سيناء في العام 1956 بعد مشاركتها في «العدوان الثلاثي» على مصر، إثر قرار جمال عبدالناصر القاضي بتأميم قناة السويس.

وقتذاك، وضع إيزنهاور إسرائيل في حجمها الحقيقي وأوقف العدوان البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي على مصر. كان العالم مختلفاً في خمسينيات القرن الماضي. لم تكن إسرائيل تتجرّأ على تحدي أميركا كما يفعل «بيبي» حالياً الذي لديه تجربة ناجحة في تحدي باراك أوباما في واشنطن نفسها وفي الكونغرس حيث ألقى خطاباً أمام مجلسيه متجاهلاً البيت الأبيض وموقفه منه.

حسناً، يمكن أن تتوقف حرب غزّة أو أن تخفّ حدتها لمدة أسبوعين. لكن ماذا بعد ذلك؟ ما الذي ستفعله إدارة بايدن وإلى أين يمكن أن تذهب في ضغطها على «بيبي» الذي اتخذ قراراً بالمقاومة من منطلق أن الولايات المتحدة تابع لإسرائيل وليس العكس.

يعتبر رئيس الحكومة أن واجب أميركا تزويد إسرائيل بكل الأسلحة والذخائر التي هي في حاجة إليها، فيما لا ترى أميركا، ومعها أوروبا ودولة مثل كندا، أنّ لا معنى لاستمرار حرب غزّة. بدل استمرار الحرب، لا مفرّ من البحث عن حلّ سياسي يقوم على وضع الأسس لقيام دولة فلسطينيّة مسالمة مع استبعاد لأي دور لـ«حماس» مستقبلاً.

مازالت «حماس» تبحث عن دور في مرحلة ما بعد حرب غزّة. يستحيل أن يكون لها دور مثلما يستحيل أن ينتصر اليمين الإسرائيلي على الولايات المتحدة التي سيكون عليها تطوير قرار مجلس الأمن بما يتوافق مع بحث عن حلّ سياسي. تحتاج المنطقة إلى مشروع حلّ سياسي اليوم قبل غد.

في النهاية، هل يمكن التوصل إلى حل سياسي مع شخص مثل نتنياهو يريد، باصراره على حرب رفح، الانتهاء من غزّة لكنّه لا يعترف أنّه لا يستطيع الانتهاء من الشعب الفلسطيني وقضيّته التي اساءت إليها «حماس» ولم تخدمها؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس» حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس»



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 10:52 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 12:38 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يجدد عقد خليفة الحمادي 5 مواسم

GMT 18:43 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

هدى المفتي تتعرض لانتقادات عديدة بسبب إطلالاتها الجريئة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 11:52 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

إتيكيت زيارات العيد

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 22:11 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

أفضل الأحذية المثالية للحفلات

GMT 13:20 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon