الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو

الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو

الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو

 لبنان اليوم -

الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ما الخيارات العربيّة في ضوء تدمير إسرائيل لغزّة من جهة وإصرار «حماس» على أنّها انتصرت على الدولة العبريّة من جهة أخرى؟الجواب واضح كل الوضوح وهو يكمن في اتخاذ موقف عربي شجاع يؤكد حق أهل غزّة بالبقاء في غزّة والعمل في الوقت ذاته على بلورة خطة عربية مقنعة لا تترك مجالاً لأي طرف كي يرفضها، بما في ذلك الطرف الإسرائيلي. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ مثل هذه الخطوة تسحب ورقة من يد بنيامين نتنياهو، الذي يتذرع بما تقوم به «حماس»، من خلال عملية تسليم الرهائن الإسرائيليين، كي يدّعي أنّه سيكون عليه متابعة حرب غزّة في مرحلة معيّنة واستغلال ذلك من أجل الانقضاض على الضفّة الغربيّة التي يرى فيها «الجائزة الكبرى» بالنسبة إلى إسرائيل.

تمرّ المنطقة كلّها في مرحلة بالغة الخطورة والتعقيدات. ليس سرّاً أن الأردن لن يقبل تهجير قسم من أهل غزّة إليه. لا معنى لأي انتصار تحققه «حماس» في غزّة في حال استمرت مأساة القطاع التي تطول نحو مليوني مواطن فلسطيني. هؤلاء فقدوا منازلهم بعدما تحولت الأحياء التي كانوا يقيمون فيها إلى أرض طاردة لأهلها.

سيتوجب على العرب، الذين يبحثون حالياً في كيفية استعادة غزّة وإنقاذ أهلها وإعادة إعمارها، التعاطي مع مواضيع متشعبة من بينها إعادة بناء السلطة الوطنيّة الفلسطينية بعدما تبيّن أن السلطة، القائمة حالياً، سلطة مترهلة كلّياً غير قابلة للإصلاح بأي شكل. بكلام أوضح، لابد من قيام سلطة وطنيّة مختلفة كلّياً عن تلك القائمة حالياً، باختصار توجد حاجة إلى وجوه جديدة تطل على العالم بشكل مختلف لا علاقة له بممارسات السلطة الحالية.

يظلّ الأهمّ من ذلك كلّه، منع نتنياهو من متابعة تنفيذ مخططه الخاص بالضفّة، التي يعتبر أنّ عليه تهجير القسم الأكبر من أهلها. لا بد من الوقوف في وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية في ظل مخاوف من عمل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على توفير المبررات لعمليات تهجير تنفذها إسرائيل خلال شهر رمضان. مثل هذا النوع من التهجير سيتصدى له الأردن بكلّ قوة مثلما ستتصدى مصر لأي عملية تهجير للفلسطينيين من غزّة. لا يستطيع العرب الوقوف مكتوفين تجاه مثل هذا الوضع الذي يمكن أن يفجّر المنطقة كلّها.

تتطور الأحداث في المنطقة في ظلّ إدارة أميركيّة جديدة برئاسة دونالد ترامب. تحتاج هذه الإدارة إلى من يعرف كيف التعاطي معها. من الواضح أن ترامب يتصرّف تحت تأثير محيطين به. في مقدم هؤلاء صهره جاريد كوشنر، الذي لايزال يلعب دوراً مهماً، بل محورياً بعيداً من الأضواء. من الواضح أيضاً أن كوشنر ينفذ أجندة اليمين الإسرائيلي. من المهم، من وجهة نظر الذين احتكوا بترامب، أن تصل إلى الرئيس الأميركي وجهة النظر الأخرى التي تجعله يقتنع بأن مشروعه الخاص بغزّة غير قابل للتحقيق نظراً إلى وجود شعب فلسطيني لا يمكن القضاء عليه وتصفية قضيته. يحتاج التعامل مع ترامب إلى من يروّضه، عبر استخدام المنطق، خصوصاً أنّه تاجر عقارات أكثر مما هو سياسي. يكره الرئيس الأميركي الذين يقولون له لا في بداية تبادل الحديث معه. لكنه مستعد للنقاش والأخذ والرد في سياق أي حوار، خصوصاً في حال كان من يتحدث إليه يمتلك منطقاً معقولاً.

من الضروري بلورة خطة عربيّة واضحة في شأن غزّة. لهذا السبب هناك مشاورات مستمرة ونقاشات بين زعماء دول المنطقة مثل الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.

لا شكّ أنّ وجود خطة عربيّة واضحة في شأن غزّة ستترك آثاراً إيجابية كبيرة، خصوصاً في داخل الإدارة الأميركيّة التي لا مفرّ أمامها من الاقتناع بأن مصر والأردن لن يسمحا بتهجير الفلسطينيين من غزّة والضفّة بغض النظر عن حجم الضغوط التي يمكن أن تمارس عليهما والطرف الذي سيمارس هذه الضغوط. أكثر من ذلك، لا يمكن للأردن التخلي عن دوره في رعاية الأماكن المسيحية والإسلاميّة المقدسّة في القدس الشرقيّة.

تعني الخطة العربيّة، بين ما تعنيه، إيجاد صيغة حكم لغزّة مسالمة تتوقف الحرب الإسرائيلية عليها. ستكون ثمة حاجة إلى البحث عن قوة سلام لغزّة وستكون حاجة للبحث في مستقبل السلاح الموجود لدى «حماس» و«الجهاد». كذلك، ستكون حاجة إلى أموال لإعادة إعمار غزّة. وجود مثل هذه الأموال سيدفع من دون شكّ الشركات الأميركيّة إلى الاهتمام بمستقبل القطاع ومشاريع البناء فيه والقيام باستثمارات.

سيكون من الصعب جعل الإدارة الأميركيّة تتخذ موقف الوسيط بين العرب وإسرائيل. ستظلّ أميركا منحازة للدولة العبريّة على الرغم من أنّ ترامب، خلافاً للاعتقاد السائد، ليس معجباً ببنيامين نتنياهو. من هذا المنطلق، يبدو من المفيد اسماع الرئيس الأميركي، الواقع تحت تأثير كوشنر وآخرين منحازين كلّيا لليمين الإسرائيلي، رأياً مختلفاً. ما سيكون مفيداً أكثر أن يرتدي هذا الرأي الآخر طابعاً عملياً مرتبطاً بالأحداث، طابعاً يؤكد أن العرب يتعاطون مع الواقع وليس مع الأوهام.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon