الثورات والمراجعات

الثورات والمراجعات

الثورات والمراجعات

 لبنان اليوم -

الثورات والمراجعات

حازم صاغية

تجدّد الذكرى الرابعة لثورة مصر إحباط المحبطين بالثورات. فهي ترافقت مع مقتل الناشطة شيماء الصبّاغ، ثمّ مع وقوع قرابة عشرين قتيلاً في الشارع، وقبيل الحدثين أُطلق سراح علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس المخلوع.

وهذه الاعتذارات المتتالية عن الثورة المصريّة، كبرى ثورات «الربيع العربيّ»، معطوفة على ما آلت إليه الأمور من إحباطات أكبر في سوريّة وليبيا واليمن، تنبّه إلى نقص هائل في المراجعات، نقصٍ يطرح بدقّة سؤال: أين الخطأ؟، قبل أن يحاول أن يجيب عنه، لا فارق أسمّيت تلك العمليّة نقداً أم نقداً ذاتيّاً.

فالراهن، ومع مرور نيّف وأربع سنوات على انطلاق الموجة الثوريّة، أنّ الأفكار لا تزال متخلّفة كثيراً عن حركة الواقع الذي يموج بالأعاجيب. وباستثناء محاولات فرديّة هنا وهناك، يتّسم أغلبها بالتقطّع، يلاحَظ أنّ الإحباط الصامت يزداد غرقاً في صمته.

وغنيّ عن القول إنّ الهزّة الأرضيّة المزلزلة التي شهدت عليها السنوات الأربع الماضية أكبر كثيراً من كلّ ما سبقها، بما في ذلك هزيمة 5 حزيران (يونيو) العربيّة التي لا يزال بعضنا يتشدّق بما أحدثته من مراجعات.

صحيح أنّ حركة كجماعة «الإخوان المسلمين» تبدو، لأسباب عدّة ومعروفة، مطالَبَة أكثر من غيرها بأن تقول شيئاً مفيداً عمّا آلت إليه الأمور. لكنّ شبّان الثورات وشابّاتها، وهم الذين أطلقوا شراراتها، مطالَبون أيضاً بأن يقولوا أشياء مفيدة عن تجاربهم تلك، أي عن نيّاتهم الطيّبة وتضحياتهم البطوليّة وما كانوا يجهلونه وما تعلّموه.

والمراجعة المرجوّة لا تخصّ أنظمة الاستبداد وضرورة إسقاطها، فهذا تحصيل حاصل تؤكّده «الانتصارات» التي حقّقتها هذه الأنظمة على نحو أو آخر، فكانت برهاناً حاسماً آخر على أنّها لا تستحقّ الحياة. لكنّ المراجعة المقصودة تطاول القدرات المتوافرة الكفيلة بجعل ذاك الإسقاط أمراً واقعاً.

فما العمل حيال تلك الثنائيّة الكابوسيّة التي لا تفضي إلاّ إلى الانسداد، بين عسكر وإسلاميّين؟

وماذا عن الانكشاف المجتمعيّ الكبير الذي نضحت به بلدان المشرق العربيّ وليبيا واليمن، وبطريقة مختلفة مصر؟ وكيف انعكس انكشاف تفتّتها الهائل على الأصعدة التنظيميّة والسياسيّة؟

وأيّة صلاحيّة لا تزال تحتفظ بها الخرائط والوطنيّات العربيّة القائمة، وفي أيّ معنى يمكن، أو لا يمكن، القول بأنّ تلك الأطر هي نفسها عائق قاتل أمام التغيير، كلّ تغيير؟

وماذا عن الدين السياسيّ، وتالياً ما هو «الثقافيّ» في حدود ما يعنينا؟ كيف يبدأ «الثقافيّ» بـ «السياسيّ»، أي بإسقاط السلطة، وكيف يُتوَّج «السياسيّ» بـ «الثقافيّ»، أي بتغيير المجتمع، شرط ألاّ يكون تغييراً من خارج علاقات الناس ومن فوقها؟

وما الدور الفعليّ للخارج، وما حدود مسؤوليّته، وهل نستأنف من خلال تضخيم هذا الدور ميلاً يُفترض أنّ الثورات ثارت عليه، هو الامتناع عن تناول واقعنا بمسؤوليّة؟

ولماذا حصدت الثورة التونسيّة، من دون سواها، نجاحاً نسبيّاً؟

ثمّ هل كانت الثورات، في نظرة استعاديّة لها، أكثر راديكاليّة مما يحتمله الواقع أم كانت أقلّ راديكاليّة؟

فهذه وسواها من أسئلة كبرى تلحّ في طرح نفسها علينا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورات والمراجعات الثورات والمراجعات



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon