سفينة الأسلحة إلى اليمن

سفينة الأسلحة إلى اليمن

سفينة الأسلحة إلى اليمن

 لبنان اليوم -

سفينة الأسلحة إلى اليمن

عبدالوهاب بدرخان
ضُبطت شحنات أسلحة في سفينة «جيهان 1» قبيل رسوها على الشاطئ اليمني، وأعلن رسمياً أن مصدرها إيران. وفي السياق أُفيد أن شحنات أخرى استُوقفت أيضاً في مايو من العام الماضي... ثم ماذا بعد، وإلى أين من هنا؟ لا شيء واضح. في السابق، أي قبل الإعلان الصريح عن المصدر، كان الأمر يوضع في صيغة التكهنات أو الاستنتاجات. لكن ماذا بعد الآن؟ التساؤل مشروع، وإنْ لم تكن هناك إجابة. يمكن اللجوء إلى الأمم المتحدة، أقله لتسجيل الواقعة، شرط أن يكون هناك ملف صلب ومتماسك. دولياً، هذا تدخل خارجي مسلح تقوم به دولة ضد دولة، ونظراً إلى النوعية الخطيرة للأسلحة يصبح اعتداء على هذه الدولة، وهي هنا اليمن. كان هناك دائماً انطباع شديد الوطأة بأن إيران تلعب على الساحة اليمنية، لكن كانت لدى الأجهزة معلومات، ومع ذلك كان المسؤولون الأميركيون يفضلون القول إن ليست لديهم دلائل. وللمرة الأولى، قبل أسبوعين، بادر السفير الأميركي في صنعاء إلى اتهام إيران بالتدخل في شؤون اليمن، ثم أن وزير الدفاع "ليون بانيتا" قدّم تفاصيل عن السفينة، إلا أنه أبقى الموضوع في إطار تقني يتعلق بالجهد المبذول لتدريب وحدات خاصة على اعتراض السفن المشتبه بها. ودلّت أيضاً إيضاحات "بانيتا" إلى أن الولايات المتحدة قامت بدور في عملية السفينة، كما أن المسؤولين اليمنيين أكدوا أنها تمت بإسناد من دولة صديقة. الأرجح أن تكون الولايات المتحدة في صدد إبقاء الملف عند عتبة كشف العملية وفضحها، تاركة للجانب اليمني التصرف بالطريقة التي يراها. لكن ثمة اعتبارات تمنع صنعاء من الذهاب بعيداً في التصعيد: فهي غارقة في وضع داخلي مرتبك ومفتوح على احتمالات شتى، ثم أنها مضطرة لتكييف موقفها مع الوضع الإقليمي وأبعاده الدولية المتوترة أصلاً. ذاك أن المنطقة تراقب وصول الأزمة الإيرانية- الدولية إلى منعطف دقيق وينبغي أن تتجنب حصول أي إشكال طارئ قد يتخذ ذريعة لتفجير حربي. هذا لا يحول طبعاً دون التعامل مع قضية سفينة الأسلحة بما يتيحه القانون الدولي من مساءلة وتحقيق وإجراءات عقابية. هناك توقعات كثيرة بالنسبة إلى المسار الدبلوماسي لأزمة البرنامج النووي الإيراني. إذ يُراد لمفاوضات مجموعة 5+1 مع إيران أن تسجل تقدماً أو حتى تسجل اختراقاً يمكن أن ينعكس بالتالي على مفاوضات طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإذا أُحرِز تحسنٌ ما عبر هاتين القناتين يُحتمل عندئذ أن تُفتح علناً ورسمياً القناة الثالثة التي تعتبر حيوية وأساسية: التفاوض المباشر بين الولايات المتحدة وإيران. هناك خطوات تمهيدية لهذا التفاوض أجريت، وقد أشير إليها أخيراً سواء في تصريحات نائب الرئيس الأميركي في مؤتمر ميونخ الأمني، في سجالات بعض المسؤولين الإيرانيين. وتريد طهران أن يتركز التفاوض مع الأميركيين على الملفات الثنائية والأوضاع الإقليمية، في حين تريد واشنطن التأكد أولاً من أن المحادثات عبر القنوات الثلاث ستتمكن من حسم الملف النووي قبل تناول المسائل السياسية. لكن الإيرانيين سيسعون إلى اعتراف بما يعتبرونه نفوذهم الإقليمي، وإلى حلحلة للعقوبات الدولية قبل إنجاز أي اتفاق بشأن البرنامج النووي. في سياق التحضير لهذا التفاوض وتوجيهه يأتي كشف سفينة الأسلحة كتطور ذي بعدين. فمن جهة يمكن أن يشير إلى اختراق إيراني يشجع الأطراف الانفصالية في اليمن، وفي المقابل يدلّ إلى أن إيران تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وهذا لا يؤهلها بالتالي إلى اعتراف بنفوذها ثم للتعامل معها على أساس هذا النفوذ. وإذا رُبط التدخل في اليمن مع التدخل في سوريا ولبنان وغزة، باعتبارها بذرة ملتهبة، يتضح نهج التصعيد الذي يرمي إلى الضغط على التفاوض المباشر مع الأميركيين حتى قبل حصوله. لعل الرد الأفضل هو تفعيل الاستحقاقات الداخلية في اليمن استكمالاً لحل الأزمة. وأولى الخطوات أن تستخدم الأطراف الدولية والخليجية كل الوسائل لإقناع الفرقاء اليمنيين كافة على البدء بالحوار الوطني. فالنزاعات الانفصالية تبدو أكبر العقبات أمام هذا الحوار، ولا يمكن أن تُزال إذا أيقن الانفصاليون بأن مشاريعهم لن تلقى مستقبلاً أي تأييد أو شرعية، أما البدائل "الفيدرالية" وغيرها فيمكن أن تحظى بضمانات صلبة.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سفينة الأسلحة إلى اليمن سفينة الأسلحة إلى اليمن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon