إيران لعبة التحمل والصمود

إيران... لعبة التحمل والصمود؟

إيران... لعبة التحمل والصمود؟

 لبنان اليوم -

إيران لعبة التحمل والصمود

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

«اليوم، أصبح الزعيم الأكثر شجاعة وحكمة وشعبية بين زعماء جبهة المقاومة». هكذا تحدثت صحيفة «كيهان» اليومية، لكن عمن يا ترى؟ تخمين خاطئ.

يشتهر كُتَّاب افتتاحيات الصحيفة بمبالغتهم في مدح المرشد علي خامنئي. ومع ذلك، هذه المرة لم يكن خامنئي المقصود. صدِّق أو لا تصدق. لقد كان هذا الوصف موجَّهاً إلى حسن نصر الله، زعيم جماعة «حزب الله» اللبنانية. وبذلك، نال إشادة تفوق كل أحلامه. وهنا، قد تتساءل: لماذا؟ فحتى وقت قريب كانت وسائل الإعلام في طهران تعامل نصر الله باعتباره حاكماً إيرانياً في بيروت. وفي كل مرة كان يزور طهران، كان يطلب مقابلة المرشد الأعلى لتقديم تقرير عن حكمه.

إذن، ما الذي يحدث؟ الإجابة المختصرة أن خامنئي في مأزق، فقد كان اغتيال زعيم جماعة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، بمثابة إذلال كبير لنظام يزعم أنه القوة العظمى الجديدة التي تجعل أميركا «ترتجف مثل أوراق الخريف».

والآن، ما العمل؟ إن تكرار الكوميديا الأخيرة التي تتحدث عن إطلاق 400 مقذوف طائر ضد إسرائيل، مع التأكد من عدم وصول أي منها إلى الهدف، سيُعتبر إفراطاً في استخدام خدعة واحدة حتى من قبل خبير في الخدع. في الوقت ذاته، فإن عدم القيام بأي شيء يُعدّ خياراً غير متاح لنظام مخمور بالحراك الزائف. ومنذ وقت ليس بالبعيد، زعم المرشد أن رسالته تغزو العالم بأسره، بما في ذلك بلجيكا التي أرسل له «شبابها» رسالة حب يعلنون فيها استعدادهم للاستشهاد.

الحقيقة أن شن هجوم حقيقي قد يوفر للنظام الإيراني مشاعر رضا للوهلة الأولى، لكن السؤال: «وماذا بعد؟»، لا يمكن تجاهله.

في الواقع، يعلم خامنئي أفضل من أي شخص آخر أن إيران ليست في حالة تسمح لها بخوض حرب كلاسيكية حقيقية.

بداية، ليس هناك أدنى تأييد شعبي لجرّ إيران إلى حرب سبق أن وصفها وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، بأنها «لا ناقة لنا فيها ولا جمل».

بجانب ذلك، من المتوقَّع أن أي حرب مع إسرائيل ستأتي في صورة هجمات جوية بطائرات حربية وطائرات من دون طيار وصواريخ. وبما أن إيران تمتلك الآن قوة جوية جديرة بالاهتمام، فإن هذا يعني أن إسرائيل ستتمتع بميزة انتقاء الأهداف وضربها. وجدير بالذكر أن إيران أكبر من إسرائيل بثمانٍ وثمانين مرة، وعدم قدرتها على حماية سمائها سيكون بمثابة فشل ذريع.

في المقابل، سيكون أمام إسرائيل مساحة جوية صغيرة لتأمينها؛ ما تفعله عبر نظام القبة الحديدية، ومساندة 12 دولة حليفة في المنطقة وخارجها.

وحتى لو تمكنت إيران من قتل كثير من الإسرائيليين والفلسطينيين في غارة أولية، فإنها تخاطر بذلك بتعريض نظامها بأكمله للخطر. وقد يجابه النظام الإيراني، حال افتضاح أمره باعتباره كثير الحديث قليل الإنجاز، انتفاضة شعبية داخلية، سعياً للبحث عن أسلوب حياة مختلف.

بعد ذلك، بدأت آلة الدعاية الخاصة بالنظام تتحدث عن شيء يُسمى «المجلس الأعلى للمقاومة الإسلامية»، الذي حضر أول جلسة له على الإطلاق زعماء وممثلون عن معظم الميليشيات التي تموِّلها طهران، بمن في ذلك «حزب الله» و«حماس» و«الحشد الشعبي» والحوثيون و«الجهاد الإسلامي»، الذين جاءوا إلى طهران لحضور تنصيب بزشكيان.

ووفقاً لمصادر من طهران، طلب خامنئي من مستشاره الخاص، علي أكبر ولايتي، تطوير هذا التجمُّع ليصبح تجمعاً دورياً يتولى مسؤولية «تنسيق» عمليات المقاومة ضد «العدو الصهيوني».

في الوقت ذاته، يسعى النظام الإيراني إلى إيجاد شركاء في الخارج كذلك. وفي هذا الإطار، استضافت طهران الجنرال سيرغي شويغو، رئيس مجلس الأمن الروسي، الذي نقل رسالة تدعو إلى ضبط النفس من الرئيس فلاديمير بوتين.

كما تزعم وسائل الإعلام في طهران أن الصين ونصف دزينة من الدول الإسلامية توسلت إلى «المرشد» للعب دور الوسيط.

وأفادت تقارير بأن طهران بعثت برسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن تؤكد له أن أي هجوم إيراني على إسرائيل سيكون مصمَّماً لإلحاق أقل قدر من الضرر. في المقابل، ترغب طهران في ضمانات أميركية بأن إسرائيل لن ترد. وظهر نص الرسالة الإيرانية للمرة الأولى على موقع السفارة الإيرانية في برن. وتولت سويسرا مهمة نقل الرسائل بين طهران وواشنطن. ويبدو ذلك نبأً سيئاً لمختلف فصائل «المقاومة» التي دُعيَت إلى اتخاذ قراراتها بشكل فردي أو جماعي، ولم تعد تعتمد على التدخل التلقائي من جانب طهران، حال تعرضها للهجوم.

وفي هذا السياق، فإن ترقية نصر الله إلى مرتبة الزعيم الأكثر شجاعة في «المقاومة»، قد تضعه في موقف حرج، من دون أن يبادر المرشد إلى مساندته. كما أن التظاهر بأن جماعات «المقاومة» الأخرى لديها عقل خاص بها، قد يشجع إسرائيل على اتباع استراتيجية اصطياد قيادات «المقاومة» واحداً تلو الآخر حتى الوصول إلى الزعيم.

علاوة على ما سبق، فإن تكتيك التهرُّب الجديد الذي يتبعه النظام الإيراني قد يمنح إسرائيل الفرصة للمضي قدماً في تدمير «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في غزة، مع شل حركة الحوثيين. وقد يتبع ذلك التحول في الهجوم على جماعات «المقاومة» في العراق، وهذا من شأنه أن يضع «حزب الله» في الدور التالي.

بالطبع، كل هذا لا يعدو كونه مجرد تكهنات. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن أي شخص يعتقد أن النظام الإيراني قد يخاطر بنفسه من أجل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والحوثيين و«الحشد الشعبي» و«حزب الله»، هو بحاجة ماسَّة إلى فحص قدراته العقلية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران لعبة التحمل والصمود إيران لعبة التحمل والصمود



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon