عيون وآذان السمنة تقتل

عيون وآذان (السمنة تقتل)

عيون وآذان (السمنة تقتل)

 لبنان اليوم -

عيون وآذان السمنة تقتل

جهاد الخازن
يظهر رجل في كاريكاتور وكرشه ضخم في حجم بطن امرأة حامل تقف أمامه. هو يقول لها أن سبب كرشه الخمور، وهي تقول له أنها حملت للسبب نفسه. الكاريكاتور غربي ولا ينطبق علينا، ولكن تعددت الأسباب والسمنة واحدة، وفي حين تخلو بلادنا من إحصاءات دقيقة عن نسبة السمنة لدى الشعوب العربية، فإننا جميعاً نعرف أنها موجودة لأن كلاً منا يراها من دون طلب. وكنت أخيراً في جولة على دول عربية، ورأيت منافسة في السمنة بين الرجال والنساء. الموضوع عاد إليّ بعد نشر دراسة لجامعة ديوك، رجّحت أن ترتفع معدلات السمنة لدى الأميركيين من 36 في المئة سنة 2010 إلى 42 في المئة سنة 2030، منها 11 في المئة سمنة مفرطة. وكنت سأهمله لولا كثرة المادة وقد قرأت أخيرا أن البريطانيين أسمن شعوب أوروبا حتى أن 30 في المئة من البالغين يعانون سمنة مفرطة، ونصف الأمراض يمكن رده إليها. الموضوع جدي جداً فالسمنة الزائدة تسبب أنواعاً من السكّري وأمراض القلب وسرطان الدم. والدراسة الأميركية أفادت بأن السمنة الزائدة كلفتها في الولايات المتحدة 147 بليون دولار في السنة، أو نحو تسعة في المئة من الإنفاق الصحي. بل أنني قرأت أن السمنة تسبب أمراضاً نفسية، والسمين كالسمينة يحاول أن يخسر من وزنه الزائد ويفشل، ويقارن نفسه بالآخرين ويصاب بإحباط وسويداء. وقرأت مقالاً لامرأة سمينة حاولت أن تنتزع بسمة من القراء عبر تجاربها، وقالت أن أكثر ما يزعجها أن يهتف البائع عبر المتجر ملوحاً بفستان تريد أن تشتريه: هل لدينا هذا الفستان بحجم كبير؟ لاحظت وأنا أراجع مادة عن الموضوع أن أكثر الطرف يتحدث عن رجال لا نساء، مع أن السمنة لا تفرّق بين الجنسين. وعلى سبيل الموضوعية أقول أنني أعرف امرأة سمينة الى درجة أنها لا تستطيع أن تضع ساقاً على ساق، وسمعت عن رجل وقف على الميزان في حمام البيت وحاول أن يبلع كرشه. وقالت له زوجته أن ذلك لن يخفف وزنه، ورد بأنه لا يحاول تخفيفه وإنما يحاول أن يقرأ وزنه على الميزان تحت رِجليه. المرأة سمينة إذا كانت تشتري ثيابها من متجر يبيع الخيام، والرجل سمين إذا جلس على كرسي وسمعه يصيء كأن قوائمه تشكو من الوزن الثقيل. زعم رجل أنه بعد ست سنوات من الزواج لم يرَ زوجته كلها حتى الآن، وهي زعمت أن نمرة حجم ثيابه تواكب سنوات عمره. الواقع أن الوزن يزيد مع زيادة العمر، خصوصاً عندما يبلغ الإنسان الأربعين أو الخمسين، ما يسمونه بالإنكليزية «زيادة وسط العمر». والدراسة الأميركية التي بدأتُ بها تزعم أنه إذا وُجدت طريقة لمنع زيادة وزن الأميركي، فتبقى نسبة السمنة عام 2030 مثلها في عام 2010، لوفر الأميركيون 550 بليون دولار من إنفاقهم على الصحة. طبعاً المشكلة ليست جديدة، فالسمنة موجودة منذ وجد البشر والشاعر القديم قال لسمين: فلو كنت عذري العلاقة لم تكن / سمينا وأنساك الهوى شدة الأكل. على الأقل عزاء السمين أن سمعته أفضل من النحيل، فهو هادئ الأعصاب ودود لا يبخل ببسمته، وذلك بعكس النحيل العصبي «السمّاوي» الذي لا يؤتمن جانبه، وهذا رأي شكسبير لا رأيي وحدي. وأتأرجح بين الجد في الحديث عن السمنة وبعض الهذر لتخفيف وزن الموضوع، ثم أقول أن السمنة مؤذية، وواجب كل إنسان أن يحاول إبقاء وزنه ضمن نطاق المعقول، مع تقديري أن هناك حالات مَرضية تسبّب الوزن الزائد ولا يستطيع المريض أن يمنعه. أترك القارئ مع قصة قديمة عن رجل قال لصديق أنه ذهب إلى الطبيب بحثاً عن دواء لتخفيف وزنه، فقال له الطبيب إنه بحاجة إلى رياضة وأعطاه حبوباً يتناول واحدة منها قبل النوم ويحلم بأنه يطارد حسناء ترتدي ثياباً مختصرة في حقل ورد. وذهب الصديق إلى الطبيب وطلب منه علاجاً لسمنته فأعطاه حبوباً وحلم في الليل بأن شقياً مسلحاً يطارده في أزقة المدينة. وعاد الرجل إلى الطبيب شاكياً لأن حلم صديقه أجمل من حلمه. فرد الطبيب: طبعاً، هو مريض خصوصي يدفع من جيبه، أما أنت فعلى الضمان الصحي.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان السمنة تقتل عيون وآذان السمنة تقتل



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon