أمة لا تريد الحياة

أمة لا تريد الحياة

أمة لا تريد الحياة

 لبنان اليوم -

أمة لا تريد الحياة

جهاد الخازن

أفتح عينيّ كل صباح وأسمع أخبار الموت في هذا البلد العربي أو ذاك. أنا من أمة لا تريد الحياة. لعلها في حالة موت سريري، وتنتظر مَنْ يسحب الأنبوب لتريح وترتاح.
أيام الاستعمار هتف أهلنا: يسقط الاستعمار، هتفوا حتى بحّوا وتظاهروا وحملوا السلاح وانتهى بعضهم شهداء وعلى أعواد المشانق. وسقط الاستعمار.
وجاء عهد الاستقلال وتوقعنا أن نعيش في بلاد ديموقراطية تعيد أمجاد الأقدمين. غير أن الديموقراطية في حاجة إلى ديموقراطيين. وابتلينا بديكتاتور بعد ديكتاتور، متجبر متكبر، في بلاد مثل العراق وليبيا وغيرهما.
قلنا: طيب معلهش ديكتاتور. بس يكون ذلك الديكتاتور المتنور. إلا أن الديكتاتور العربي أصر على أن يكون أعمى البصيرة ودفعنا معه ثمن الطغيان.
وطالبنا بعودة الاستعمار، إلا أنه لم يعد، أو هو لم يعد بجزمة وبندقية، وإنما عاد على شكل بنوك دولية أكلت خيرات بلادنا ونحن جياع.
قام بيننا الذي قال إن الديموقراطية محدثة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وهو اقترح أن نتبع المرشد، وفعل بعضنا وسار في طريق الجهل والجوع والمرض.
كان يجب أن نسمع للذي قال عن الديموقراطية إن كلمة نصفها يوناني ونصفها لاتيني لا يمكن أن تنتهي بخير.
وقعنا في حيرة أو حيص بيص بلغة النحويين، فالاستعمار لا يعود والاستقلال غير سعيد، والديكتاتور لا يفيد ولا يحيد.
وكان أن جاءت الثورات العربية وتعلقنا بتلك القشة الخرافية طلباً للنجاة، واكتشفنا بعد فوات الأوان أنه «ربيع إسرائيل» ولا أحد غيرها.
أربعة علقوا على المشانق في دنشواي قبل قرن وتبعهم بضعة عشر مناضلاً في لبنان وسورية. هناك عشرات ألوف القتلى هذا القرن، ولا ديموقراطية أو حرية، ولا خبز في بعض البلدان. أعيدوا لنا اللورد كرومر وجمال باشا السفاح. كانا أرحم من... ومن... ومن...
اليوم نطالب بعودة الاستعمار ولا ندري أنه موجود بيننا ولكن بقناع هذه المرة مع «ريموت كونترول» فعندنا مَنْ ينفذ أوامره على الهاتف.
قلنا نهاجر في طلب العلى فأرض الله واسعة، وذهب كثيرون طعاماً للسمك، وتعرض الذين نجوا إلى اضطهاد ديني وعنصري، ووجدوا أنهم وصلوا إلى ما فرّوا منه.
لا جديد تحت الشمس. اللي من إيدو الله يزيدو. كل عمرك يا زبيبة فيكي هالعودة.
أنقل عن «نفح الطيب» للمقري: في الأندلس نشأ الصراع أولاً بين العرب والبربر، وبين اليمنية والقيسية، وجاء الشوام (ما يُسمى الآن سوريين ولبنانيين وأردنيين وفلسطينيين) في طلعتين وزادوا عنصراً آخر على الخصومة. وعندما جاء عبدالرحمن الداخل (بعد الولاة 92 - 138) وقاومته اليمنية أوقع بها، واستوحش من العرب قاطبة وعلم أنهم على غلّ وحقد فانحرف عنهم إلى اتخاذ المماليك، وأخذ يشتري الموالي من كل ناحية واستعان بالبربر...
نحن ضيّعنا الأندلس ولم نتعلم الدرس، وضيعنا فلسطين بعدها، وضيعنا مستقبلنا. نحن فعلنا هذا كله. لم يفعله الاستعمار أو الصهيونية. لم يفعله الشرق أو الغرب. لم تفعله أميركا. نحن أول أعداء لأنفسنا.
وبعدين؟ أما لهذا الليل من آخر؟ هل ننتظر حتى يقتلنا إرهاب خرج من وسطنا، أو نموت قبل ذلك؟ لم يجدوا صليبيين ويهوداً يقتلونهم، فارتدوا على المسلمين ليقتلوهم من أفغانستان وباكستان، إلى العراق وسورية، وحتى ليبيا ومالي والصومال.
لا أبحث عن عالم آخر، وإنما أبحث عن وطن. بلاد العرب أوطاني، ولكن لا وطن يحتضن أبناءه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمة لا تريد الحياة أمة لا تريد الحياة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon