حوار تحت وطني

حوار تحت وطني

حوار تحت وطني

 لبنان اليوم -

حوار تحت وطني

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

الحوار الوطني ليس اختراعنا ولا خصوصية لنا فيه، فقد أشرفت الأمم المتحدة على مجموعة من الحوارات في كل القارات: الحوار الوطني في المكسيك 1995 - 1996، وفي بنين 1990، وتوغو وجنوب أفريقيا ومالي (1991)، والكونغو الديمقراطية (1999 - 2003)، وأفغانستان 2002، ولويا جيرجا أو نيبال 2008 - 2012، وأخيراً الحوار الوطني الإثيوبي الذي فشل فشلاً ذريعاً في احتواء جبهة تيغراي. ليس كل الحوارات الوطنية كانت فاشلة، فحوار جنوب أفريقيا على سبيل المثال كان من الحوارات الوطنية الناجحة.

ما يحدد نجاح أي حوار وطني أو فشله هو القدرة على التجهيز الذي يتعامل مع الأسئلة الرئيسية والبنية المصاحبة، التي تجعل الحوار محل ثقة وله مشروعية وقبول لدى جميع الأطراف المشاركة.
الأسئلة الأساسية الخاصة بالحوار الوطني تبدأ من سؤال: لماذا احتاجت الحكومات المذكورة للحوار؟ معظم الدول التي احتاجت حواراً وطنياً كانت تعاني من تآكل الشرعية أو هناك كتلة أو كتل اجتماعية تختلف مع النخبة الحاكمة في طريقة إدارة البلاد، وبمعنى أبسط كانت تلك الحكومات تعاني مما هو معروف في علم السياسة بأزمة حكم.
ويأتي الحوار بديلاً سلمياً للتعامل مع كل مظاهر أزمة الحكم والبحث عن حلول سلمية لها.
الأسئلة الأخرى المصاحبة كما رأينا في حالة الحوار الوطني في لبنان واليمن وبابوا نيوجيني، كانت أسئلة تخص الظروف المحيطة بأزمة الحكم تلك، هنا كان هم الأمم المتحدة والوسطاء الخارجين التركيز على إجراءات اختيار الكتل المشاركة، وكذلك الإجراءات الحاكمة للحوار وكيف ستتخذ القرارات ما بعد الحوار، وما هي طريقة تنفيذها، وكيف للنخبة الحاكمة أن تأمن شبكة حماية الكتل المشاركة محلياً ودولياً، دونما خجل من أسئلة الداخل مقابل الخارج.
لكي ينجح الحوار لا بد من وجود المؤسسات المسهلة لإجراء هذا الحوار، سواء كانت قيادات محلية مشهوداً لها بالنجاح في إدارة الحوارات على المستوى المحلي أو مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة، التي قامت بدور الوسيط في عديد من الحوارات سالفة الذكر، وأثبتت أنها قادرة على ضبط قطار الحوار، وجعله لا يخرج عن القضبان.
رغم أهمية ما سبق، فإن النقطة التي تشغلني في الحوارات بشكل عام سواء كانت حوارات حول تجديد الخطاب الديني، أو حوارات وطنية، هي إغفال كل هذه الحوارات لإجراءات بناء الثقة، وعدم قدرتها على التدريب على الحوار على مستويات أدنى. وبهذا التدريب أعني مثلاً أن تجرب الدولة حواراً مثل الحديث عن الأمور التي تهم الناس بشكل يومي، مثل ماذا يجري للشوارع في مدينة مثل القاهرة؟ هل هناك مساحات كافية تسهل للمرور لذوي الحاجات الخاصة أو كبار السن مثلاً، هل الخروج من القاهرة هو الحل الأمثل، أم أن تجربة مثل تجربة العاصمة الإيطالية روما جديرة بالاهتمام. إذا ما استطاع المشاركون في حوار أدنى من وطني، مثل هذا أن يسمع بعضهم بعضاً، وأن اختيار المشاركين كان ممثلاً لمن هم أصحاب مصلحة، وحدثت الثقة بين المتحاورين عندها نستطيع القول إن رفع الحوار إلى مستويات أخرى اقتصادية أو سياسية جدير بالاعتبار.
فلا يستقيم للعقل أن يفشل الأفراد في الحوارات الاجتماعية أو حوارات الحديث عن أمورهم اليومية، ثم يقولون لك إنهم متعودون على الحوارات السياسية الكبرى.
ثقافة الحوار والاستماع واحترام وجهة نظر الطرف المغاير وإجراءات بناء الثقة، هي الأساس في التدريب على التصدي للحوارات الوطنية الكبرى التي تتعامل مع أزمة الشرعية وبناء لحمة وطنية، وتهدف إلى بناء أسس الاستقرار في المجتمع، وهي اللبنات الأولى لبناء أي حوار ناجح.
الحوار الخالي من التدريب والإجراءات هو حوار محكوم عليه بالفشل، وأياً كان بريق الشاشات المروجة له، فالصورة أبداً لا تغطي على الأصل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار تحت وطني حوار تحت وطني



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon