عدم جدية مخيف

عدم جدية مخيف

عدم جدية مخيف

 لبنان اليوم -

عدم جدية مخيف

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

نحن أمام حالتين دوليتين تظهران عدم جدية وعدم احترام للقوانين والأنظمة الدولية بشكل مذهل ومخيف، وتظهران أن العالم يتغير، بل إنه ينحدر إلى منحدر خطر من الأزمات والتصعيد، من آسيا إلى أوروبا وحتى الولايات المتحدة.
الحالة الأولى، الرد الإيراني على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، الذي انتقد إيران لإحداثها تغييراً لم تعلن عنه في الربط بين مجموعتين من الأجهزة المتطورة التي تخصب اليورانيوم لنسبة نقاء تصل إلى 60 في المائة، ما يقترب من النسبة اللازمة لتصنيع الأسلحة.
ورغم توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا انتقاداً يتهم إيران بعدم الوفاء بالتزاماتها، عبر بيان مشترك، فإن طهران ردت على التقرير الخطير بالقول إن مفتش وكالة الطاقة أخطأ بتقديم «التفسير» الصحيح!
الحالة الثانية، قصة المنطاد الصيني الذي يحوم فوق الأجواء الأميركية، واعترفت الصين بذلك، إلا أن خارجيتها تقول إن «بعض السياسيين ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة استخدموا الحادثة ذريعة لمهاجمة الصين وتشويه صورتها». علماً بأن الصين أصدرت بياناً عبرت فيه عن الأسف، وألقت باللوم على الرياح بدفع ما وصفته بأنه منطاد مدني إلى المجال الجوي الأميركي، لكن هذه أزمة خطرة، في توقيت علاقات البلدين، وتوقيت الأوضاع داخل الولايات المتحدة نفسها.
وبالتالي فإن الوضع يتطلب جدية، وليس تحسساً، وتشكيل خلية معالجة أزمة، من الخطر تفاقمها على البلدين والعالم كله، من آسيا إلى الولايات المتحدة، مروراً بأوروبا نفسها التي تشهد حرباً لم يتم التعامل معها للآن بالجدية والعقلانية المطلوبتين.
وعدم الجدية هذا لا يتعلق بالمثالين السابقين وحسب، بل وبما تشهده منطقتنا أيضاً من عدم جدية، وخذ مثالاً بسيطاً هنا على ما يحدث في لبنان، وحتى سوريا، حيث يهرع القاتل والمقتول للمطالبة بالتحقيق والعدالة.
وبعد أن تشكل محاكم أو هيئات متخصصة للنظر في عملية الاغتيال، أو الجرائم الكبرى مثل استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، أو قصة مرفأ بيروت، يقال إنه تم تسييس الأدلة، وتسييس الجريمة!
وشاهدنا أمثلة على ذلك، ورغم استمرار الجرائم والأعمال الإجرامية، تتم المطالبة بالعدالة، ثم تفرغ العدالة من محتواها، ولا تطبق، ولا أحد يلتزم بنتائجها، بل تستخدم الأوراق السياسية من أجل الضغط لتجاهل تلك الجرائم، وكل ذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
صحيح أن العالم ليس بذاك المكان الفاضل، وتحديداً سياسياً، لكن عدم الجدية المتزايد والملحوظ الآن بشكل لافت، يعد أمراً خطراً، وينبئ بعدم يقين حيال تعامل الدول مع الأزمات التي يواجهها العالم.
وكل ذلك يعد مدعاة لعدم الاستقرار، وخطورة أن تنفجر أزمات وحروب يكون ضررها على العالم كله، العالم الذي لم يتعافَ بعد من أزمة «كورونا»، ولا الحرب في أوكرانيا، ومن الصعب أن يتحمل اليوم أزمة ثالثة.
وهذه ليست صورة متشائمة، لكنه تحليل لعالم متحول وأكثر اندفاعاً للصدام، وعدم العقلانية، من الأزمة الإيرانية وتصرفات الملالي إلى الحرب في أوكرانيا والأزمة الصينية الأميركية وكيفية تعامل واشنطن مع كل ذلك. هناك عدم جدية واضح.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عدم جدية مخيف عدم جدية مخيف



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon