وتغير العالم

وتغير العالم...

وتغير العالم...

 لبنان اليوم -

وتغير العالم

بقلم:طارق الحميد

نعم، تغير العالم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا بأول حرب على دولة ديمقراطية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وستتغير التحالفات، فمن كان مصدر ثقة بالأمس لم يعد كذلك اليوم. ومن كان عدواً قد يصبح حليفاً.
وسنبقى، جيلنا ومَن بعدنا، أمام حقيقة راسخة بأنه لا ثقة بالولايات المتحدة وأوروبا، وبالتجارب الملموسة من أفغانستان إلى أوكرانيا. ولن ينسى العالم صور الأفغان وهم يتساقطون من الطائرة الأميركية، كما لن ينسى توسلات رئيس أوكرانيا بأن 27 دولة تجاهلت طلب انضمام بلاده لـ«الناتو»، وأنه لم يجد مَن يقف معها ضد الغزو الروسي.
الأكيد أن الولايات المتحدة وأوروبا غررتا بأوكرانيا، واستخدمتاها ورقة للعب بأنف الدب الروسي الذي لا يمزح حتى غزاها الروس، بينما الرئيس بايدن يقول «لن نرسل قوات لأوكرانيا». والآن يقول الرئيس الألماني «أتوسل لبوتين لإيقاف الحرب»!
ويقول وزير القوات المسلحة البريطاني أمام البرلمان: «يجب أن نكون واضحين جميعاً في هذا المجلس أن القوات البريطانية وقوات حلف شمال الأطلسي يجب ألا تلعب دوراً نشطاً في أوكرانيا»، محذراً من «سوء التقدير، وكيف يمكن أن يصبح ذلك وجودياً بسرعة كبيرة إذا أخطأ الناس في الحسابات وتصاعدت الأمور بلا ضرورة»!
نعم، يقول «بلا ضرورة»، علماً بأن أوروبا تستعد لاستقبال قرابة خمسة ملايين لاجئ أوكراني، ورغم غزو الروس لدولة ديمقراطية أوروبية، خاصة أنها أزمة كان يمكن حلها دبلوماسياً من دون الوصول للحرب لو تصرف الأوروبيون بجدية.
نقول العالم تغير لأن الولايات المتحدة وأوروبا حريصتان على معاقبة الروس لكن من دون المساس بالنفط، ودون وقف الحرب بالقوة، وانقسام أوروبي حاد لاستخدام عقوبة «السويفت بنك» رغم التلويح بها مسبقاً، حين كان الغرب ينفخ في هذه الأزمة بلا مبرر.
والحديث هنا ليس لاتخاذ موقف، بل هو تقييم سياسي، والقصة ليست مع أو ضد، بل هي قصة تغير العالم الذي سيدخل حرباً باردة جديدة، وبدء صراع مفتوح في ظل قادة غربيين ضعاف، فنحن إزاء حرب حقيقية بلا ساسة حقيقيين.
ولهذا مؤشرات قديمة، منذ المد الشعبوي في أوروبا والولايات المتحدة، ومنذ أن شهدنا فترة انطلاق مرحلة «السذاجة السياسية» عام 2009 وللآن. وكما كتبت هنا في 13 فبراير (شباط) تحت عنوان «طاولة العالم» أن «كل شيء بات بلا جوهر ولا عمق، وحتى السياسة»، حيث إن «الجميع يغرد، لكن لا أحد يتحاور، وباتت لغة خطابات الساسة الدوليين مثل محتوى تويتر، حيث التراشق والتطاول، بل والشتائم». خلاصة القول إن العالم يتغير، ومن لا يدرك ذلك فهو واهم.
وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا ستطول التحالفات في كل العالم، والكاسب للآن الصين، والخاسر استراتيجياً الولايات المتحدة وأوروبا، حيث إننا إزاء ساسة غربيين همهم انتخابي، لكن خسائر دولهم أكبر.
ودرس هذا العالم الذي يتغير هو أن من يراعي جبهته الداخلية ومصالحه الوطنية، ويتحرك بعقلانية سيكسب، دون اندفاع أو تباطؤ. في هذا العالم المتغير الرسالة الصارخة هي ضرورة عدم الوثوق بأحد، خصوصاً أننا في لحظة تحول خطرة، فما قبل غزو أوكرانيا ليس كما بعده.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وتغير العالم وتغير العالم



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon