في العالم إسلامان

في العالم إسلامان

في العالم إسلامان

 لبنان اليوم -

في العالم إسلامان

بقلم : عبد الرحمن الراشد

إلغاء المسلمين ولا تجاهل أهمية الإسلام بوصفه عقيدة منتشرة ومؤثرة. هناك مليار ونصف مليار مسلم في أنحاء العالم٬ و57 بلداً ذات أغلبية مسلمة. ليس ممكناً والإسلام٬ مثل غيره من الأديان الرئيسّية٬ كاليهودية والمسيحية٬ منقسم على نفسه إلى طوائف ومدارس ويختلف مع بقية الأديان. ورغم هذه الاختلافات لم يواجه المسلمون في تاريخهم الحديث أزمات مثل التي يواجهونها اليوم. أخطر ما أصابهم في سمعتهم... هناك نسبة كبيرة في كل مكان صارت تعتبر المسلمين مشكلة كبيرة أمنياً وسياسياً وثقافياً٬ وبناء على هذه القناعة الجديدة تحولت المطالبات المتزايدة من الهمس إلى التصريح بالتضييق على المسلمين واعتبارهم فئة غير مرغوب فيها.

هذا التململ يتبناه السياسيون والعنصريون٬ ولو سارت الأمور وفق هواهم فإننا مقبلون على أزمة أكبر مما نشهده ونتعاطاه. وفي رأيي٬ من الخطأ تجاهل الصورة التي تكونت عن الإسلام والمسلمين٬ وما تسببه من غضب شعبي ورسمي ضدهم واعتبارها حالة عداء عنصرية٬ بل لا بد من فهمها والتعامل معها. وقبل ذلك لا بد من التوقف عن إنكار المشكلة داخل المجتمعات الإسلامية٬ واعتبار ردود الفعل محض عنصرية ضد الإسلام والمسلمين٬ وهذا بالطبع لا ينفي دور العنصريين والانتهازيين في تغذية الصورة السيئة والحث على كراهيتهم.

بدأت مع الثورة الإيرانية٬ التي ادعت أن مشروعها الدفاع عن الإسلام والمسلمين في أنحاء الدنيا٬ مستخدمة العنف والحشد والتنظيم فعلياً مشكلة المسلمين خارجياً والعمل الحركي. قبل ذلك كان المسلمون منشغلين في شؤونهم ومندمجين مع المجتمعات الأخرى في سلام٬ كل يحافظ على عقيدته ويمارس شعائره. لكن نظام طهران أراد تحويل الإسلام والمسلمين مطية يركبها في العالم٬ فأصبحت صرخات أتباعه «الله أكبر» ورؤوسهم الملفوفة بعصابات كتب عليها دعوات دينية وسياسية «لبيك خميني»٬ واجهة بشعة تعبر عن إسلام جديد لا يمت بصلة للمسلمين الذين عرفهم العالم. هذه الوجوه المرعبة الملطخة كانت تقف ممسكة بدبلوماسيين رهائن٬ ضد كل الأعراف والأخلاق٬ وبالطبع الأديان٬ كان ذلك المشهد عنواناً جديداً لإسلام مختلف ومسلمين جدد. صاروا يفتعلون قضايا تخدم صراعاتهم السياسية٬ مثل تحويل رواية مجهولة صدرت في بريطانيا إلى سبب لتغذية كراهية المسلمين نحو بريطانيا على الرغم أن في إيران نفسها تطبع كتب وروايات أعظم تجديفاً ضد معتقدات بقية لنظام إيران. وتوالت الأحداث المفتعلة من ملاحقات ضد المسلمين وأتباع الأديان الأخرى. كان التحريض٬ ووضع جوائز مالية لقتل المؤلف سلمان رشدي٬ عملاً سياسياً مثقفين ورسامي كاريكاتير وزعامات أديان أخرى٬ ومرت سنين قادت فيها طهران المسلمين مثل النعاج رغماً عن أنفهم٬ تدعي الدفاع عن دينهم٬ وقضاياهم٬ وجالياتهم٬ وثقافاتهم٬ ثم ولد تنظيم القاعدة الذي سار على النهج نفسه. هكذا شوه الإسلام٬ وهكذا ولد الإسلام السيئ الذي يكرهه العالم اليوم.

لقد أوقع بَنا في حفرة كبيرة حفرها مجموعة من المتطرفين في إيران وغيرها٬ لكن هذا ليس إسلامنا ولا يفترض أن ندافع عن إسلامهم ولا أفكارهم ولا قضاياهم. في العالم إسلامان؛ إسلام إيران والمتطرفين الآخرين٬ وإسلام المعتدلين٬ والمسلمون ليسوا مثل بعضهم. من يشاء أن يعادي الإسلام المشوه والمسلمين المتطرفين يجب أن نقف معه لا أن نقف معهم٬ بل نحن ضدهم٬ فنحن المتضررون بالدرجة الأولى من هذا «الإسلام» ومن هذه «الأنظمة الإسلامية» والجماعات التي تواليها.

هذا وقت البراءة من «إسلام إيران» و«القاعدة» و«داعش»٬ والتنظيمات التي تسيس الدين٬ وتلبس السياسة بالِدين. وهي ت ّصب في صالح الإسلام٬ عقيدة الفرد٬ وفي صالح المسلمين الذين هم مواطنو بلدان مختلفة. وخلافات دول العالم وحكوماته معظمها سياسية ليس للدين بها صلة٬ ولا يفترض أن تترك لحكومات تريد أن تجند المسلمين فكرياً حتى تكسب معاركها مع خصومها٬ التي لا يهمها مدى الأضرار بعلاقات الأمم ببعضها٬ ولا يهمها ما يحدث للغالبية والأقلية من المسلمين المسالمين في بلدانهم٬ فهي تريد أن تربح من وراء الصدام والفوضى وتعرف أنها تخسر عندما يعم السلم والاعتدال. وللحديث صلة...

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في العالم إسلامان في العالم إسلامان



GMT 07:47 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 09:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 21:33 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بري رجلُ السَّاعة

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الصراع الإيراني الإسرائيلي المباشر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon