مفهوم الدولة وسجالات نزع السلاح

مفهوم الدولة... وسجالات نزع السلاح

مفهوم الدولة... وسجالات نزع السلاح

 لبنان اليوم -

مفهوم الدولة وسجالات نزع السلاح

بقلم : فهد سليمان الشقيران

عبّرت الجلسة النيابية الأخيرة في لبنان المخصصة لدرس «أداء الحكومة» عن وعورة التضاريس في دروب استعادة الدولة وهيمنتها.

السجالاتُ والنقائض والانشقاقات بين الأحزاب تعني أن ثمة انسداداً مفهومياً حول «نظرية الدولة»، وإرادة بسط السيادة في لبنان؛ وهنا لا أتحدّث عن تفاصيل اللبنانيين ومشكلاتهم، فأهل مكة أدرى بشعابها، وإنَّما أتخذ هذه الجلسة وصراعات النواب مدخلاً لمحاولة فهم إمكانية وجود إقليمٍ من دون سلاحٍ بيد فصيلٍ خارج إطار الدولة.

ثمة نظريات عديدة في لبنان حول طريقة نزع السلاح. البعض يريد التدرج، والآخر يريد الإٍسراع. لاحقاً أقحمت اشتقاقات اللغة... هل هو «نزع» للسلاح أم «تسليم» له؟

السجال الآخر هل هذه مهمة الجيش، أم مهمة الدولة عن طريق القوة، أم عبر الحوار؟!

سمير جعجع يريد نزع السلاح منتقداً فكرة الوزير غسان سلامة التي بوّب فيها فكرته حول السلاح بناءً على أساس فهم تركيبة لبنان المعقّدة، بينما وليد جنبلاط يتمسّك بطاولة الحوار كالمعتاد.

من البدهيات في مفهوم الدولة أن السلاح حقّ محتكرٌ لها. ماكس فيبر ميّز بين العنف المشروع ونقيضه غير المشروع.

استخدام الدولة للسلاح من صالح السكان، كما يقول، وهو سلاح الدولة له شرعية قانونية لحماية كل فردٍ أو جماعة، وهذا الاحتكار للعنف من أهم المفاهيم التي أسست لمفهوم الدولة بالمعنى الحديث.

ليس من حقّ كل شخصٍ أن يحمل سلاحاً لأن ثمة من ينوب عنه عن ذلك، وهو الشرطي، وثمة من يحمي أرضك، وهو الجيش، هذا هو أساس التقدّم لجعل المجال العام مضبوطاً من أي انفلاتٍ أو تشويش.

إنَّ نزع السلاح غير المشروع من العموم في المجتمع يعني تفوّق الدولة في حراسة السكان، وفتح كل مجالات الرفاهية في المجال العام كما في كل دول العالم التي أسست دولها على مبادئ مؤسسيةٍ راسخة.

يشرح ذلك الأستاذ رضوان السيد في كتابةٍ له حول «الدولة والشرعية والعنف»، يقول: «منذ التسعينات من القرن الماضي، ذهب مفكرون استراتيجيون إلى أنّ قياس ماكس فيبر (1864-1920) لشرعية الدولة بأنَّها التي يكون من حقها احتكار العنف لم يعد صحيحاً. لأنّ قوى أخرى داخل الدولة صارت تمارس العنف ضد السلطات القائمة أو في حضورها من دون أن تكون تلك السلطات قادرةً على المعالجة أو الإخماد! وقد تفرع على ذلك بحثٌ آخر هو إعادة قراءة أنماط الشرعية باتجاه النقد أو التوسيع».

من أفكار قيام الدولة أنها تمنع العنف، ويضيف رضوان السيد: «تقوم الفكرة الغربية السائدة للدولة (على) أنها لمنع العنف، وتحسين حياة الناس، بحيث لا يلجأون للعنف. وصحيح أنّ بعض الدول ما حسّنت عيش الناس، لكنّ الميليشيات ما حسّنت حياة الناس أيضاً، أو فكّرت في ذلك! وقد كان المعتقد أن الناس يخافون من عنف الدولة، لكنّ السائد لدى العرب منذ أعوامٍ وأعوام: الخوف على الدولة من الفوضى ومن الميليشيات. فالمطلوب الدولة والدولة من دون شروط».

الخلاصة؛ أن مطلب نزع السلاح تم تمطيطه في الأوساط اللبنانية بحججٍ عديدةٍ بل وواهية، وهذا ليس من صالح الناس. إن فكرة بسط سيادة الدولة تعني بالضرورة نزع السلاح وهذه من البديهيات. للأسف فإنَّ المصالح والصراعات تطغى، وآية ذلك أن المجال السجالي حول فكرة بسط السيادة ونزع السلاح لم تبوّب بطريقةٍ جادةٍ وحازمةٍ، وأن الأفكار المطروحة عن إعادة قوة الدولة وإعادة الإعمار وصيغ السلام لا تزال هزيلة بل وكسولة... وقد قالها المبعوث الأميركي توم برّاك للزعماء اللبنانيين «هذه هي الأفكار التي لديّ»، سأله أحدهم وإن لم نستطع تنفيذها؟! أجاب: «أديروا شؤونكم بأنفسكم، الدول لديها ما يشغلها».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفهوم الدولة وسجالات نزع السلاح مفهوم الدولة وسجالات نزع السلاح



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon