الرياض وواشنطن أفكار التنمية وسُبل السلام

الرياض وواشنطن... أفكار التنمية وسُبل السلام

الرياض وواشنطن... أفكار التنمية وسُبل السلام

 لبنان اليوم -

الرياض وواشنطن أفكار التنمية وسُبل السلام

بقلم : فهد سليمان الشقيران

يروي هنري كسينجر عن روزفلت أن التاريخ في حال حركةٍ دائمة؛ ثم ينسب أفكار الرئيس الأميركي إلى الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، الذي عاصر الحرب الأهلية الإنجليزية في القرن السابع عشر، حيث كانت الدماء ترشق من على نافذته، حينها ألّف أطروحاته في الفلسفة السياسية وأهمّها كتابه «اللفياثان».

أخذ روزفلت المدد النظري من هوبز من زاوية إنهاء «حالة الطبيعة»؛ أي تحوّل الإنسان إلى ذئبٍ على أخيه الإنسان، وهذا نصّه.

لقد التقى روزفلت الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في 14 فبراير (شباط) عام 1945، حيث كان روزفلت عائداً من مؤتمر مالطا، لقد أدرك الرئيس أن الملك الذي شيّد دولةً تشبه القارّة، وتمكّن من تكوين نمط اجتماعي متكامل رغم التعقيدات القبليّة والجغرافية والدينية، حازم وعازم وجادّ في تبويب شراكةٍ سعودية - أميركية، وقد كانت الشراكة المستدامة رغم التحوّلات العالمية حتى الآن.

أستعيد تلك الزيارة بالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن؛ حيث يحمل معه العديد من الملفات وأفكار الحلول والشراكات.

تتمتع السعودية بعلاقاتٍ متينة مع روسيا وأميركا، يمكن لترمب أن يسارع في حلّ الصراع الأوكراني - الروسي، لدى أميركا انفتاح كبير مع دول الشرق والصين، كل ذلك يمكن أن ينهي الموضوع. أما الأهم بالنسبة للإقليم وللسعودية فيمكن تلخيصه ببضع نقاط:

أولاً: المستوى السياسي، لقد عاش العرب منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في ضنك شديد؛ حروب شرسة بين إسرائيل وغزة ولبنان، واستطاع الأمير محمد بن سلمان بقوّته السياسية وبمروحة دبلوماسية فعّالة أن يقنع الدول بالاعتراف بدولة فلسطين. ثم إن المبادرة السعودية لحل الدولتين التي طُرحت في 1981 بـ«قمة فاس»، ثم في عام 2002 بـ«قمة بيروت»، باتت الآن تأخذ زخمها الكبير مع الأمير محمد. كما أن ثمة أزماتٍ أخرى لا بد من حسمها في السودان، واليمن، ولبنان.

أما عن الإرهاب فإن البوصلة السعودية واضحةٌ في ذلك لا يمكن أن تتعامل إلا مع دول ذات سيادة كاملة، فالدولة السيادية تتعامل فقط مع دولٍ ليس بداخلها دويلات.

ثانياً: المستوى التكنولوجي؛ من المعلوم أن العالم الآن - حتى على المستوى الأمني - لم يعد يتعاون فقط بمجالات المعلومات والسلاح؛ وإن كان هذا له أهميّته كما في الصفقات المزمعة بين السعودية وأميركا وأهمّها مقاتلاتF35 ، وإنما أيضاً الحروب المقبلة سوف تكون تكنولوجية أكثر منها عسكرية.

بحسب «العربية Business»، فإن الولايات المتحدة والسعودية أحرزتا تقدماً ملموساً في محادثاتهما حول اتفاقية مرتقبة تسمح لشركات الرقائق الإلكترونية الأميركية بتصدير أشباه الموصلات المتطورة إلى السعودية، في خطوة يُتوقّع أن تُبرم قريباً ضمن مساعي البلدين لتعزيز التعاون في مجالات التقنية المتقدمة والذكاء الاصطناعي.

وبدأت هذه المباحثات بين الجانبين منذ مايو (أيار) الماضي، بعد أن تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اتفاقياتٍ محتملة تشمل شركتي إنفيديا، وأدفانسد مايكرو ديفايسز مع السعودية، لاستخدام الرقائق في مراكز البيانات المخصّصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية الإدارة الأميركية لتوسيع صادراتها التقنية، وتعزيز حضور شركاتها في الأسواق العالمية، بحسب تقرير سابق لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وتسعى السعودية عبر الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي إلى أن تصبح المملكة ضمن أعلى 15 دولة في الذكاء الاصطناعي، وإلى جذب استثمارات في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي بقيمة تقارب 75 مليار ريال، وإلى تمكين أكثر من 20 ألف متخصص وخبير في البيانات والذكاء الاصطناعي.

ثالثاً: المستوى الاقتصادي؛ فهو لبّ النقاش مع كل الدول بالعالم، والزيارة أساسها الأوّل اقتصادي وشراكة فعّالة ومنتجة، وبحسب الخبير الاقتصادي السعودي غالب درويش، فإن: «بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء كشفت، منتصف العام الحالي، عن بلوغ الاستثمارات الأميركية التراكمية في السعودية نحو 202.29 مليار ريال 53.94 مليار دولار بنهاية عام 2023، محققة أعلى مستوى لها منذ بدء التوثيق الإحصائي، ومؤكدة بذلك المكانة المتقدمة للولايات المتحدة ضمن قائمة شركاء الاستثمار الأجانب في السعودية».

ثم يضيف درويش أن «هذا الرقم يمثل نحو 25 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد، مما يعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين البلدين، واتساع قاعدة المصالح المتبادلة، خصوصاً في ظل توجه السعودية نحو توطين الصناعات المتقدمة وجذب رؤوس الأموال التقنية العالمية».

الخلاصة أن هذه الزيارة التاريخية مع الاستقبالات الاستثنائية التي ستصاحبها، تأتي في ظرفٍ إقليمي شائك؛ يحمل الأمير على عاتقه حلّ المعضلات المعقدة وإنهاء الحروب المتكررة. إنها زيارة عناوينها السلام وإطفاء الحرائق وإحياء فكرة التنمية لدى كل الدول المحيطة.

إنه لطموح شجاع أن يكون الإقليم مثل «أوروبا»، كما قال الأمير، وهذا ما تتمناه كل الشعوب المنكوبة التي تعاني الأمرّين. إن الزيارة التاريخية سوف تمنح المنطقة الزخم الاقتصادي والتنموي.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض وواشنطن أفكار التنمية وسُبل السلام الرياض وواشنطن أفكار التنمية وسُبل السلام



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon