عودة الضربات وشبح تبدد الاتفاق

عودة الضربات وشبح تبدد الاتفاق

عودة الضربات وشبح تبدد الاتفاق

 لبنان اليوم -

عودة الضربات وشبح تبدد الاتفاق

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لم تكن أيام ما بعد الاتفاق بين «حماس» وإسرائيل مطَمْئنة. هدأت الحرب قليلاً، وانتهت موجات احتفالٍ مصحوبة بالخطابات، ولكن بعدها واجهت الأطراف وعورة الواقع وتبدّت معضلات التنفيذ.لقد عقّدت سجالات تسليم الجثث كل المشهد. ولذلك عادت إسرائيل لتضرب من جديد، بل ومُنحت بمعنىً ما الفرصة المطلوبة والأمنية المنشودة بغية وجود أي اختراق يخدم نقض الاتفاق.

لا يُدرى لماذا تصرّ «حماس» على اختبار، بل مناكفة، إسرائيل مع عنادٍ خطير بعد كل الخسائر التي تلقّتها على مستوى هيكلية الحركة، ناهيك بالأزمة الإنسانية والمجازر الدموية الجنونية؛ كل ذلك التعثّر استثمرته رغبة إسرائيلية في أن تستمر المعركة وألا تضع الحرب أوزارها.

إن مفهوم أي «اتفاق» يعني وجود نيّة جادة للتنفيذ من كل الأطراف، من دون ذلك فإن عودة النزعات الانتقامية والاستمرار في أساليب الهجوم الكارثية يعنيان أن ثمة تلكؤاً أو ربما رغبة في إكمال الصراع من دون أي فقه أبعد لمفهوم الاتفاق ومآلات نقضه.

منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا تغيّر مفهوم «النظام العالمي» الذي اعتاد المنظّرون الاستناد إليه. ثمة أفكار متغيّرة ومخاطر حقيقية على المستويات الاقتصادية والسياسية والجغرافية؛ ولذلك فإن محاولات تأبيد الحروب ونقض الاتفاقيات لن تغيّر من مجرى التاريخ الذي نشهده. مع التفاوض كل قضيّة يمكن حلّها، ومحاولات جعل النار مشتعلة بغية تحقيق أهدافٍ آيديولوجية، أو توسيع رقعة المعركة المحددة لتشمل الإقليم، جِدُّ خطيرةٍ ويجب أن تواجَه.

لم يَعِ المغامرون أن المرحلة الحاليّة أساس خطابها اقتصادي بحت؛ ما عادت الشعارات السياسية -في دول الخليج تحديداً- تستقطب الجيل الصاعد كما كان الحال عليه من قبل؛ إنهم في حالة تحديثيّة وترفيهية وإبداعية ضمن أفكار ورؤى تنموية كبرى نرى نتائجها كل يوم.

ثمة تغيّر وإرادة تغيير للنظام العالمي القديم؛ ثمة نظرياتٌ حيوية تعتني بتعزيز هذا المفهوم. لقد ساد الصراع طوال القرون من السابع عشر حيث الحروب الأهلية، حتى العشرين حيث نهاية الحرب العالمية، بين فلسفات السلام وفلسفات الحرب. لا يمكن تصوّر فكرة «السلام الدائم» التي طرحها إيمانويل كانط، ولا تبنّي فكرة هيغل عن ضرورة الحرب من أجل ابتكار واقعٍ جديد. إن نظرية السلام التي طرحها ترمب في خطابَيه الأخيرين فيها كثير من التكثيف المعمّق، فهي بوصلة وجهتها محددة، إقليمٌ يتّجه نحو النظريات الاقتصادية التنموية الصاعدة، والمجتمعات والأديان المسالمة، إنه نظام عالمي يتغيّر لا بد من التبويب عليه والتفكير معه لا ضده، فالاستمرار في هذا التجويع وصناعة الصواريخ والمغامرة بمصير مجتمعاتٍ ودول يعني أن ثمة من يريد إبقاء بلده في حالة حربٍ أبديّة مكلفة.

قبل «السابع من أكتوبر» لم تكن هناك مشكلات جوهريّة في الإقليم، بضع مفاوضات ممتدة يمكن إنفاذ نتيجتها بطريقةٍ مفيدة، ولكن حين بدأت المغامرة تغيّر المشهد نحو التصعيد الآيديولوجي في وجه المشروع التنموي، وهذا يتضح على مستويين اثنين؛ الأول: تحويل اهتمام الدول التنموية الصاعدة وإرهاقها وتثبيط عزيمتها التنموية ومحاولة تأخير اهتماماتها الاقتصادية على حساب الدخول في مشكلاتٍ طويلة الأمد، ومن ثم تعسير المشروع التنموي والاستمرار في الاستنزاف السياسي. الآخر: أن التغوّل النظري للإسلام السياسي في البودكاست وفي طريقة شرح رموزه للنظام العالمي وأفول الدول، القصد منه الحشد من أجل استعادة ما فشلوا به فيما يُعرف بـ«الربيع العربي»، وهذا يقولونه باستمرار في منصاتهم السوشيالية.

الخلاصة؛ إن نقض الاتفاق المبرم الأخير يعني الفشل في استثمار فرصة الأوْبَة نحو المجال الحيوي التنموي، وهذا لا يمكن أن يكون إلا لسببٍ آيديولوجي أكثر منه سياسياً. النُّظُم العالمية والدولية ونظريّاتها تتغيّر، والمفاهيم التفاوضيّة اختلفت. من دون إدراك هذا التطوّر المذهل فإن البعض سوف يستمرّ في المغامرات غير محسوبة النتائج بدليل أن «حزب الله»، على سبيل المثال، لا يزال يعاند ويتترَّس بالمجتمع اللبناني، وآخر ذلك ما حدث في قصف مصانع من بينها مصنع «أسمنت» وهمي هدفه إعادة قوّة «حزب الله» العسكرية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الضربات وشبح تبدد الاتفاق عودة الضربات وشبح تبدد الاتفاق



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon