حول الحرب وتغيير الخرائط

حول الحرب وتغيير الخرائط

حول الحرب وتغيير الخرائط

 لبنان اليوم -

حول الحرب وتغيير الخرائط

فهد سليمان الشقيران
بقلم : فهد سليمان الشقيران

من الطبيعي أن يكونَ الوضعُ في الإقليم متوتراً، وبخاصة بعد هذه الحملاتِ الحيّة الكبرى. وبعد اغتيال زعيمِ ميليشيا «حزب الله» وجمع معه ممن ذهب أو سيذهب؛ ثمة عمليات كبرى تقوم بها إسرائيل. الدول ليست جمعيات خيرية. لها مصالحها وأهدافها وحركتها. وعلى هذا الأساس يجب بناء الاستراتيجيات المؤسسة والمدروسة، لا يمكن بناء الدول على تخمينات أو خطابات، وإنما أفكار قابلة للتنفيذ.

من المؤلم سعي محور المقاومة وميليشياتها لتجريب الإسرائيليين واختبار غضبهم كل بضع سنوات.

بعد حرب 2006 المتسببة في مقتل أكثر من ألفي لبناني، وفي خسارة اقتصادية فادحة بلغت أكثر من ملياري دولار، قال نصر الله كلمته الشهيرة: «لو كنت أعلم لما خطفت الجنديين الإسرائيليين»، وفي عام 2009 جربت «حماس» الإسرائيليين مجدداً وتسببت في مجازر كبيرة، وفي عامي 2012 و2014، حدث مثل ذلك والآن تجرب مع الإسرائيليين الحرب، والآن تدك لبنان في عددٍ من المناطق القوية والصلبة.

إنَّ المشكلة اليوم تتعلق بمفهوم «المقاومة»، الذي أخذت دلالته تتمدد منذ بواكير تأسيس الحركات «حزب الله» والكتائب الفلسطينية و«حماس»، وليس انتهاءً عند الحوثي. ومفهوم المقاومة محمل ومشحون بالآيديولوجيا الأصولية؛ فهو هنا لا يعني الدفاع عن النفس، ولا منازلة المعتدي، وإنما له سياقه السياسي والآيديولوجي والحزبي.

ارتبط مفهوم المقاومة بالتصعيد الانتحاري والضغط على العدو، لا من خلال العمل العسكري، بل عبر ثقافة الانتحار، هنا لا يشمل الموضوع فقط جهادياً في «كتائب عز الدين القسام» يفجّر نفسه في مقهى بالقدس أو بتل أبيب، وإنَّما حركة «حماس» جعلت الشعب الفلسطيني كله وغزة مطوقة بحزام المغامرة الناسف، وتحت رحمة القرار غير المسؤول لتجريب ردة فعل الإسرائيليين المشهورة بعنفها وسحقها، فالقوة الإسرائيلية لا ترحم، وتعوّد عليها العرب في تاريخهم الحافل بالهزائم والنكبات.

لقد خسرت الشعوب اللبنانية والسورية والفلسطينية واليمنية مبالغ باهظة، وانهارت اقتصادات، وترنحت الشعوب حائرة تحت سطوة سلطات بليدة مغامرة.

مثلت قضية فلسطين طوال العقود الماضية، للسياسيين مصيدة أخلاقية تبرر للشعوب جرائمها، إذ دُكت دول وعواصم واحتُلت بلدان بأكملها وهُجّر الملايين باسم المقاومة وباسم فلسطين، إذا كانت الشعوب عازمة على التنمية فعليها بالفعل أن تؤسس لمحاكم تقاد فيها زعامات المقاومة إلى العدالة، حين تتطور ثقافة الانتحار من تفخيخ جسد الفرد، إلى تشريك عواصم ومجتمعاتٍ بأكملها فإن هذه جريمة ضد الإنسانية؛ لذلك يتعاطف الجميع مع المآسي، لأن ضحاياها رهائن مختطفة من قبل قوى ظلامية تخضع لدول مارقة.

الخلاصة؛ أن التاريخ يكتب دوماً درسه وعلينا الانتباه أن هذه المرحلة حادة، بل شديدة الحدة، ومن دون الرجوع إلى الأصول والقوانين والمؤسسات، فإن هذا يعدّ تهديداً للأمن الدولي، فالمرحلة متغيرة، والخرائط تبّدلت. وجزء من المعيارية الأخلاقية التي تطوّق الحديث عن فلسطين صنيعة إخوانية، ويكررها اليوم جمع من المثقفين والأكاديميين، من هنا يحاول المحور إعادة ضخ الخطاب الإخواني بكل ما أوتي من قوة، وجعل المعجم الإخواني حول فلسطين هو المثبت للتحليل السياسي والتعاطي الإعلامي مع كل حربٍ تشنها إسرائيل، وهذا فيه إجحاف وإنكار للتطور التي حدث لدى عددٍ من الشعوب العربية، وبخاصة التي اختارت السلام، ووقعت اتفاقيات التسامح والتصالح بين أتباع الأديان، كما أن هذه الضربة والمغامرة «الحمساوية» إنما تستهدف تأخير أي اتفاق سلامٍ مزمع، إنهم يعوّلون على حرجٍ افتراضي أمام أي دولة تعتزم توقيع اتفاقية سلام.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول الحرب وتغيير الخرائط حول الحرب وتغيير الخرائط



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon