الهجوم على قطر وأفكار السلام

الهجوم على قطر... وأفكار السلام

الهجوم على قطر... وأفكار السلام

 لبنان اليوم -

الهجوم على قطر وأفكار السلام

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تُعدّ المرحلة التي نعيشها اليوم نقطة تحوُّل تاريخية في الإقليم حول أفكار الحروب وقيم السلام وضروراته وأفكاره المتشعّبة.

منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بدت الحرب الإسرائيلية مع «حماس» ذات بُعد دفاعي أكثر منها استئصاليّاً أو عقائديّاً. وما كانت السبل السلمية فعّالة في البداية، بل تغذَّت الأحزاب الأصولية، ومنها «حزب الله»، على هذا الحدث الكارثي المدمّر، وجنى بتصرّفه هذا على كل لبنان، على النحو الذي تقوم به جماعة الحوثي باليمن الآن.

عبر التاريخ، فإنَّ لكل حدث ارتداداته على المدى القصير والبعيد. وبعد تطوُّر الحدث المتصاعد، ومع تعنُّت الأطراف تغيَّرت الأفكار. ذهب كلٌّ إلى سبيله نحو طموحه، كل ذلك مصحوبٌ بإجراءات انتقامية مجنونة؛ وعليه فإنَّ تدخّل الحكماء في الإقليم لضبط هذا الصراع أساسي، والإنصات له ضروري.

منذ تصدّع الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية كانت السعودية مبادرة لحلّ هذا المشكل من أوّله، وآية ذلك أنَّ الملك فهد بن عبد العزيز طرح في قمة فاس نواة الحلّ لتلك الأزمة، وشغّب عليه بعض المزايدين. لاحقاً، تبلورت الفكرة بشكل أوضح بالمبادرة العربية في قمة بيروت عام 2002، والتي أشار لها الأمير محمد بن سلمان في الكلمة الملكية لافتتاح أعمال مجلس الشورى.

بالتأكيد لا بدَّ من رسم حلّ الدولتين الضابط لكل هذا النزاع، خصوصاً أنَّ العديد من الدول بالعالم انضمت لهذا المشروع الذي قادتْه السعودية ضمن تحالف عالمي كبير ومؤثر منذ سنة ونيّف.

المشكلة الأساسية -خصوصاً بعد الهجوم على الدوحة- أنَّ إسرائيل أبدت فروضها المستفزّة، أو كادت، على الإقليم؛ وهذا مؤشر خطرٍ على مستوى مشروعية الدفاع المؤقت ضد «حماس».

الأهم أن تنأى إسرائيل بنفسها عن مواجهة الأمن القومي للإقليم، خصوصاً دول الاعتدال والتوسّط والسلام، وهو الموضوع الذي إن استمرّت إسرائيل في المغامرة به فإنَّ حربها ستكون أقلّ إقناعاً لمؤيديها في الداخل والخارج.

للحروب ظروفها وأهدافها؛ لقد لخَّص الموضوع الأستاذ رضوان السيد بمقالته بهذه الجريدة تحت عنوان: «الهجوم على قطر والسياسات الأميركية» ومما قاله: «في المثل الشعبي اللبناني أنَّ الوسيط له ثلثا القتلة! هاجمت إيران قطر للانتقام من الولايات المتحدة، أمَّا إسرائيل فهاجمت قطر للانتقام من (حماس)! في حين علَّقت الرئاسة الأميركية بأنَّ الهجوم الإسرائيلي على قطر لا يخدم مصالح إسرائيل، ولا مصالح الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنَّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يذهب إلى أنَّ الهجوم قد تكون فيه فرصة للسلام! إنَّما في النتائج: ماذا لو اشتكت دولة قطر لمجلس الأمن، هل تسمح الولايات المتحدة بتمرير إدانة لإسرائيل من دون الفيتو؟ الشائع أن قيادة (حماس) كانت تريد الاجتماع بالدوحة للنظر في الاقتراح الأميركي الأخير للصفقة الشاملة، لكنّ إسرائيل بهجومها الصاعق لم تمكنها من ذلك. فهل بلغت بإسرائيل الجرأة أن تَحُول دون تحقُّق الصفقة التي اقترحتها أميركا».

ليس سرّاً أنَّ للحروب وظيفتها؛ كما أنَّ للسلام دوره وأثره. عبر التاريخ أخذت الحروب حيِّزها من الدرس والتحليل والنقد. الحرب ذروة قصوى من ذروات التاريخ، على أثرها تتشكل جغرافيا جديدة، وتبوّب على الأرض إمكانات مختلفة، بها تتحول مسارات عديدة، فالحروب هي الوسيلة الأجدى «أحياناً» من أجل صناعة السلام، ولكن الكارثة أن تتحوّل الحرب إلى غاية من دون أي معنى أو أفق للنهاية.

الخلاصة؛ أنَّ الحرب الحالية بحاجة إلى العودة نحو الحكمة؛ حيث تنتصر الحجة على السلاح، والجولة الحربية العادية على الحرب الأبدية، وأن تُنتزع الأفكار العقائدية من الصراعات الحدودية أو العادات الانتقامية.

إنَّ استمرار هذه الفوضى من دون تبويب سياسيّ خارج الخرافات القديمة، واستعادة الأساطير العتيقة، يعني المزيد من الفوضى المدمّرة، وهذا ما تؤكده الدول المعتدلة في بياناتها، خصوصاً السعودية والإمارات؛ حيث أكد قادتها ضرورة ضبط هذا الانفلات المتفاقم الذي لا يمكن أن يؤدي إلا لمزيد من التيه والفوضى.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجوم على قطر وأفكار السلام الهجوم على قطر وأفكار السلام



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon