حول العولمة وأحاديث النهايات

حول العولمة وأحاديث النهايات

حول العولمة وأحاديث النهايات

 لبنان اليوم -

حول العولمة وأحاديث النهايات

بقلم : فهد سليمان الشقيران

مع كل حدثٍ مدوٍ يتصاعد الحديث عن المفاهيم ضمن تحليلاتٍ محورية. أنتجت الحروب الأهلية والحروب العالمية الكثير من المفاهيم القوية والمتماسكة، وكل حدثٍ يعقبه تفجّر بالمفاهيم والتحليلات والمدونات. وما كانت نظريات صراع الحضارات أو نهاية التاريخ إلا نتيجة الأحداث الكبرى وبخاصةٍ سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار جدار برلين، على أثر كل ذلك التحوّل وسيطرة القطب الأميركي على تنظيم العالم وسياساته، صارت نظرية «النظام العالمي الجديد» من أسس إدارة العالم لدى كل القادة الأميركيين، ولنقرأ كتاب هنري كيسنجر الذي يشبه المذكرات بعنوان: «النظام العالمي» فيه يفلسف المفهوم معرفياً وتاريخياً وسياسياً.

منذ الأزمة الروسية - الأوكرانية والعالم يتطلّع إلى ما ستنتجه هذه الحرب. كان الفيلسوف إدغار موران قارئاً للحدث وكتب رسالته الشهيرة حول أن العالم سيواجه تحدي «النهايات» على المستوى المفهومي؛ ما يعزز فرص صعود أقطابٍ وضمور أخرى. وفي هذه الأيام ثمة أطروحة هي محل اهتمام بورش النقاش والمجاميع البحثية وهي «نهاية العولمة».

لقد أخذت الأطروحة صيغتها الواضحة مع القرارات الجمركية التي أصدرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهزّت العالم وغيّرت الكثير من المعاني الاقتصادية التي رسّختها العولمة منذ القرن العشرين.

ومن ضمن القراءات المهمة ما كتبه الأستاذان عبد المنعم سعيد، ووليد خدوري.

يرى الأستاذ عبد المنعم في مقالته «نهاية العولمة؟!» أن «العولمة بتفاعلاتها العالمية حققت نمواً غير مسبوق في الاقتصاد العالمي، ومعه تصاعدت أشكال التقدم التكنولوجي، وأصبح الحديث عن العالم يجري بصورة كوكبية تعرف آلام كوكب الأرض، وتخرج عن محيطه إلى الفضاء. (العولمة) باتت تجري بسرعة غير مسبوقة في تاريخ التطورات الإنسانية التي لم يعد ممكناً استيعابها عالمياً. بشكل ما لم يعد ممكناً تلاقي الأفكار اليمينية المعروفة حول دور الدولة في الاقتصاد والمجتمع مع أفكار العولمة، أو حتى ما كان معروفاً بالنظام الدولي المتسم بحرية التجارة. وعلى العكس من ذلك، فإن توجهات (اليمين) أصبحت تميل نحو الانعزال والعزلة، والتقوقع داخل شرنقة الدولة القومية مع درجة كبيرة من التوجس من الدول الأخرى بما فيها التي اجتمعت داخل تحالفات واندماجات وتكاملات عابرة للحدود الوطنية».

بينما عنوان مقالة وليد خدوري: «من العولمة إلى الحروب الجمركية» يرى أن: «الخطاب المتلفز للرئيس الأميركي دونالد ترمب في يوم (التحرير) أدى إلى حالة عالمية من (عدم اليقين)، بشأن (العولمة)، وانتشار التبادل التجاري بأوسع حالاته، حتى بين الدول غير الصديقة (الولايات المتحدة والصين). لكن تشمل حالة (عدم اليقين) الآن، حتى الدول الأوروبية الحليفة تاريخياً مع الولايات المتحدة، التي تشعر بأنها حالياً في مأزق بين المطرقة الروسية والكماشة الأميركية، التي ستواجه صعوبة في اتخاذ قرار مستقبلي، بعد حرب أوكرانيا».

الخلاصة؛ إن العولمة برأيي تواجه تحولات أكثر منها نهايات. من المبكّر الحديث عن نهاية العولمة، لكن من المفيد أن يُفتح نقاشٌ مطوّل عن هذا الموضوع الراهن. نعم، لن تكون العولمة في الثلث الأول من القرن الحادي والعشرين كما كانت عليه من قبل. ثمة تطوّرات علمية وفلسفية وجغرافية وسياسية تفرض على المتخصصين النقاش على مستوى هذا التحوّل بالمفهوم ومدى انعكاسه على حيويّة الاقتصاد العالمي الذي اعتاد على نظمٍ سهلة في الاستثمار والتداول، ومن الطبيعي أن تؤثر قرارات ترمب الجمركية على عددٍ من المفاهيم على المستويات كافة، بيد أن العولمة ستظلّ أساسية في تحريك حيويّة الاقتصاد بالعالم حتى وإن تعرَّضت لمجموعة من التحديات والتحولات.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول العولمة وأحاديث النهايات حول العولمة وأحاديث النهايات



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon