الزيارة المفتاح

الزيارة المفتاح

الزيارة المفتاح

 لبنان اليوم -

الزيارة المفتاح

بقلم ـ جهاد الزين

زيارة وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة إلى دمشق ولقاؤه الرئيس بشار الأسد ليستا فقط بداية حقبة في الموقع العربي لسوريا إنما قد تكون، رغم الاعتراضات الأميركية عليها، بدايةَ توازن جديد مشرقي يعيد مسار نوع من الاستقرار طالما افتقدته المنطقة في العقد الماضي. فالزائر عبدالله بن زايد شخصية مرموقة في العلاقات العربية والدولية بحكم الوزن المتزايد لدولة الإمارات إقليمياً ودوليا.

لا بد من وقفة حول طبيعة علاقات النظام السوري مع إيران هنا، من حيث البحث عن الهوامش التي يملكها النظام مع حليفه الأكيد إيران وتجعله رغم أهمية التحالف واستراتيجيته لا زال يملك قدرة على التحرك وبناء سياساته الخاصة ليس بالشكل الذي كان عليه أيام الرئيس حافظ الأسد ولكن بطاقة ملموسة على التميّز لو أتيحت له الفرصة.
لبنان والعراق نظامان سياسيان مفكّكَان وبات من الصعب بناء دولة مركزية قوية في كل منهما. أما في سوريا فهناك نظام سياسي ذو بنية مغلَقة تجعلها عصيةً على التلاعب بها مهما كانت طبيعة نواتها. وقد أظهرت أحداث الحرب السورية كم استطاع النظام السوري أن يكسر كل محاولة إما بناء مراكز قوى تلعب لحسابها أو ضرب كل محاولة لاستخدام مواقع فيه ضده.
لهذا فإن الصلة العائدة على هذا المستوى الرفيع بين دمشق وأبو ظبي والتي قد تُتوّج بزيارة الرئيس بشار الأسد للدولة الخليجية الأساسية بعد المملكة العربية السعودية تعكس استعادة النظام السوري لقدرة على التحرك شديدة الأهمية لاسيما إذا اقترنت بعودة سوريا إلى حضور القمة العربية المقبلة.
شيء ما في أفق الأوضاع العربية في ما يتعلّق بموقع سوريا من النظرة إلى إسرائيل الأرجح أن إيران ستتعامل معها ببراغماتية تعيد تذكيرنا بمنعطَفَيْن كبيرين دخلت فيهما السياسة الإيرانية. الأول بعد الاحتلال الأميركي لأفغانستان عام 2001 وطرده ل"طالبان" الأولى ويومها تجسّدت تلك البراغماتية في إقدام إيران على فتح سفارتها في كابول متحوِّلةً إلى أول سفارة تفتح أبوابها في الوضع الجديد آنذاك.
المنعطف الثاني السريع بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003. وهي ازدواجية أميركية إيرانية لا زالت "بكامل مُشْمُشِها" كما يقول الشاعر محمود درويش.
رغم كل مصائبنا اللبنانية الداخلية ومصائبنا الخارجية التي أصبحت داخلية بفعل الانخطاف البنيوي للوضع اللبناني لاسيما في الضغط الإيراني الثقيل والطويل الأمد وغير المسبوق في تاريخ المشرق العربي بهذه الصيغة... رغم ذلك تفتح العلاقات السورية الإماراتية نافذةً لا يمكن إلا أن تكون إيجابية بالمعنى العميق للكلمة.
الانفتاح الأردني على سوريا، والآن رفع مستوى الانفتاح الإماراتي عليها، والملاحَظ انتقال الوزير الإماراتي فور انتهاء اجتماعه بالرئيس الأسد إلى الأردن لوضع المسؤولين الأردنيين في صورة لقائه السوري، هذه كلها لا يمكن إلا أن تحمل معها مؤشرات "استقرارية" طالما افتقدتها منطقتنا، أعني التخوم العراقية والسورية واللبنانية.
لبنان رصيد مؤجل في هذه التحولات. مع الأسف. ولعل التشدد الإيراني في ضبط الوضع العراقي علامة على استعدادات إيرانية لإعادة تحمّل نوع من "الاستقلالية" السورية واستيعابها. لقد ظهر أن التخلي العربي عن النظام السوري أوقعه أكثر في الحضن الإيراني. وهذا ما لا شك أن تحولات الديبلوماسية العربية في مواقعها الفعالة والحيوية تأخذه في عين الاعتبار.
يبقى السؤال الذي لا يمكن لمراقب جاد ألا يطرحه في هذا السياق:
ماذا حمل الوزير الإماراتي البارز الذي وقّع اتفاق تبادل العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل في واشنطن في حقيبته من تقييمٍ ما للموقف الإسرائيلي ولا بد أنه نقله للرئيس الأسد ضمن الأجواء الجديدة في المنطقة؟
هل من تباين أميركي إسرائيلي حول الملف السوري؟ نقطة في غاية الأهمية لنراقبْها جيدا. المهم هو الاستقرار.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزيارة المفتاح الزيارة المفتاح



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:49 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

حيل بسيطة للحصول على مظهر طويل وجذاب

GMT 13:37 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

تعرفي على طريقة عمل الكريب الحلو بالوصفة الأصلية

GMT 12:49 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon