لئلا يكون التهجير الثاني لمغتربي لبنان نهائياً
أخر الأخبار

لئلا يكون التهجير الثاني لمغتربي لبنان نهائياً!

لئلا يكون التهجير الثاني لمغتربي لبنان نهائياً!

 لبنان اليوم -

لئلا يكون التهجير الثاني لمغتربي لبنان نهائياً

بقلم:حنا صالح

يُخشى أن يكون ما شهده البرلمان اللبناني الاثنين 30 يونيو (حزيران)، في موضوع قانون الانتخاب، بداية مسار تعطيل حق دستوري يؤمّن المساواة بين اللبنانيين؛ مقيمين ومغتربين! فواقعة منع اقتراح قانون يضمن حق غير المقيمين في الاقتراع ضمن دوائر قيدهم الانتخابي، انتقاص من حق المغترب في التأثير على القرار الوطني من خلال سلبه حق الاقتراع لـ128 نائباً!

السؤال الكبير الآن: هل بوسع «الثنائي المذهبي» والعونيين وآخرين في نظام المحاصصة فرض مسار تعطيلي يجعل البلد عصياً على التغيير من خلال مصادرة أصوات الاغتراب، بما يحرم لبنان من فرصة للتغيير، ضمانتها برلمان ينبثق من صدقية التمثيل؟ وقد أكّدت التجربة السياسية الراهنة مستوى السلطة التنفيذية؛ حيث انعدمت القدرة، وأحياناً الرغبة، على ضرورة وجود هذه الضمانة لنقل لبنان من حالٍ إلى حال.

بداية، لا بد من تأكيد أن موقع الاغتراب اللبناني عميق في وجدان الناس، فقد احتل حيزاً في مناهج التدريس وفي الفنون والمسرح، ودوماً كان الحديث يدور عن جناحي لبنان، وقد شكّل الجناح الخارجي رافعة اقتصادية، إذ غطت تحويلات المغتربين عجز ميزان المدفوعات، وأمّنت فائضاً سنوياً في الموازنة. وفي مرحلة الإفلاس المبرمج والإفقار المتعمد، ساهم الاغتراب في درء مجاعة زاحفة حاصرت المنهوبين مع تحويلات معدلها السنوي 8 مليارات دولار تعادل 40 في المائة من الناتج الوطني الراهن بعد الانهيار!

لنترك جانباً الهجرات القديمة التي بدأت قبل 160 سنة، واستمرت حتى الحرب الأهلية، لا أرقام رسمية بشأنها، ولا تقديرات دقيقة للمتحدرين من أصل لبناني، لكن اهتمام اليوم ينصبّ على هجرة الحرب الأهلية التي اتسعت في تسعينات القرن الماضي ومطلع الألفية الثانية، ولامست المليون ونصف المليون مواطن، وتلتها هجرة شبابية ارتبطت بمناخ الخيبة بعد الغدر بـ«انتفاضة الاستقلال» عام 2005، ثم حرب يوليو (تموز) 2006 وتداعياتها، واتسعت مع الانهيار المالي المستمر منذ عام 2019. وتقول المعطيات إن المسجلين على لوائح الشطب في هاتين الهجرتين يتجاوزون المليون و500 ألف مقترع، أي نحو 35 في المائة من المقترعين، فيما تُعدُّ واحدة من أعلى نسب الاغتراب عالمياً التي تفترض حرصاً في المساواة والمواطنة. وما يُميز هاتين الهجرتين شمولهما النخب من أبناء الطبقة الوسطى الذين يمتلكون كفاءة علمية وخبرات.

لماذا بات هذا الأمر يحتل صدارة لافتة؟ مع السياسات التي عمّقت الانهيار تنبّهت المنظومة السياسية إلى دور ومكانة «الدياسبورا» اللبنانية. صار الاسم المخادع «المنتشرين» وهم من هَجَّرتهم البطالة بعدما انعدمت فرص العمل، وتعمقت الأزمة المعيشية، ثم الانهيار المبرمج للعملة ونهب الودائع، ما نقل كثرة من البحبوحة إلى الفقر المدقع. فذهبت منظومة الفساد بعد تركيب مؤتمرات تودد باسم «المنتشرين»، إلى ابتداع صيغة في قانون الانتخاب عام 2017 تخصص 6 مقاعد للخارج. الصيغة البدعة ما كان بالإمكان تنفيذها، سواء لانعدام القدرة على تنظيم انتخابات على مستوى القارات، إن لجهة الإشراف أو لضبط الإنفاق والإعلام أو تعيين المندوبين، وكذلك لعدم بلورة دور هؤلاء النواب، وكيف ستكون مشاركتهم في اللجان النيابية والهيئة العامة. فتم تعليق التنفيذ في دورتي 2018 و2022 ليمارس المغترب حقه كاملاً كما المقيم، فلماذا هذه الاستفاقة لتطبيق القانون البدعة في انتخابات عام 2026؟

لقد سُجل للانتخابات عام 2022 نحو 225 ألف ناخب، اقترع منهم 141 ألفاً، وكان لهذا الاقتراع تأثيره على البرلمان الحالي، عندما نجح التصويت العقابي الواسع في إفقاد «حزب الله» وفريقه الأغلبية، ومنع الأغلبية من معارضة نظام المحاصصة الطائفي. وفي حسبة بسيطة لكيفية توزع هذه الأصوات فإن نسبة 30 في المائة ذهبت إلى قوائم التغيير «التشرينية»، ونسبة لافتة نالتها قوى ترفع العنوان السيادي، في حين حصة «الثنائي الشيعي» لم تتجاوز الـ12 في المائة، والسبب معروف، وهو أن الصوت الاغترابي محرر من تأثير الرشوة والتهديد بلقمة العيش وقيود التبعية الطائفية وشتى أشكال الزبائنية، ما مكّنه من الحدّ من حسابات القوى المافياوية.

لكل ذلك يصبح مفهوماً ما شهده المجلس النيابي من محاولة آثمة لتعليب العملية الانتخابية، بفرض المنحى إياه الذي يتيح للقوى المافياوية المتسلطة ممارسة التهويل والابتزاز لتزوير إرادة الناخبين، كما منع المغترب من التصويت أسوة بالمقيم، بعدما تسببت بتهجيره وسرقة ودائعه.

إن القوى التي تهيمن على المسار السياسي، وتفرض مراوحة في جمع السلاح اللاشرعي، وتمنع الإصلاحات وتعيد تكوين السلطة على مقاس مصالحها، بعدما أخذت لبنان إلى خراب اقتصادي وعزل وإذلال للناس، تخشى ارتفاع مشاركة المغتربين إلى أكثر من 400 ألف مقترع، ما يعني أن برلمان عام 2026 سيشهد تغييراً كاسحاً. هنا تكمن أم المعارك التي على أكثرية اللبنانيين خوضها والنجاح فيها، لكي يكون البرلمان المقبل، برلمان إعادة تأسيس فعلية للدولة التي تحمي الجميع، وتضمن الحقوق، وتصون الحريات!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لئلا يكون التهجير الثاني لمغتربي لبنان نهائياً لئلا يكون التهجير الثاني لمغتربي لبنان نهائياً



GMT 20:29 2025 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

تعديل وزاري في ممر إجباري

GMT 20:28 2025 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

المفاوضات تحت النار!

GMT 20:26 2025 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

التوقيف

GMT 20:24 2025 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

هل ماتت الجماعات... أم ستُبعثُ من مراقدها؟

GMT 20:22 2025 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

هل حانَ وقتُ توديع العقل؟

GMT 20:21 2025 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

احتراماً للقانون الدولي

درّة زروق بإطلالات كاجوال مثالية في صيف 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 14:02 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 18:41 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

كرة القدم ضحية فيروس كورونا من تأجيل بطولات وإصابة نجوم

GMT 04:50 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

أفضل وجهات شهر العسل بحسب شهور العام

GMT 22:50 2022 الثلاثاء ,12 تموز / يوليو

أشهر عارضات الأزياء من أصول عربية

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي

GMT 20:30 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

بذور البقدونس تنضمّ إلى المكوّنات الطبيعية المفيدة لبشرتك

GMT 05:50 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات: "رواد" تطلق النسخة الثانية من "ابدأ في الكلية"

GMT 17:15 2020 الثلاثاء ,26 أيار / مايو

الجولة التالية من الحرب العالمية ضد «كورونا»

GMT 21:23 2013 الخميس ,04 إبريل / نيسان

إدخال جثة فلسطيني إلى قطاع غزة عبر معبر رفح
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon