عون باسيل أو «لن أسلم الرئاسة إلى الفراغ»

عون: باسيل أو «لن أسلم الرئاسة إلى الفراغ»!

عون: باسيل أو «لن أسلم الرئاسة إلى الفراغ»!

 لبنان اليوم -

عون باسيل أو «لن أسلم الرئاسة إلى الفراغ»

بقلم: حنا صالح

اليوم (الخميس) يكون المتبقي 340 يوماً من زمن الولاية الرئاسية. ومع دخول المئوية الثانية على إعلان دولة لبنان الكبير، التقى لبنانيون كثر على التأكيد أن لا داعي لإحياء استقلال يتم تضييعه، ولا داعي لخطبة تقليدية ما لم يكن الخطيب مستعداً للاعتذار وطلب الصفح عما آل إليه وضع اللبنانيين. ذلك أن السنوات الخمس الماضية، كانت طويلة لما حملته للمواطنين من صنوف البؤس، وخاطفة لجهة انتقال حياة الأكثرية من الاستقرار المعيشي الاجتماعي والاقتصادي إلى الفقر والعوز، والخشية حقيقية على استمرار الحياة، سواء من مجاعة زاحفة أو من عجز عن تأمين حدٍ أدنى من الرعاية الصحية.

السياسة المبرمجة لاقتلاع لبنان وإلحاقه بالمحور الإيراني، تسببت في عزل البلد، وسحقته وطأة انهيارات لم تكن في أي يوم بالأمر المفاجئ لكل منظومة الحكم. الانهيارات المالية والاقتصادية والإفلاسات الدراماتيكية، بما فيها السطو على الودائع، وكرة نار البطالة المتدحرجة، لم تكن أبداً خارج التوقع من جهة الممسكين بقرار البلد. منذ العام 2016 تلاحقت تقارير البنك الدولي وصندوق النقد، محذرة من مخاطر هبوط التصنيف الائتماني للبنان، الذي بلغ أربع درجات في 3 سنوات مع الهبوط إلى المستوى «C»، أي دخول البلد مرحلة خطرة تسمى تقنياً «مرحلة الشك»! وتعالت أصوات الخبراء محذرة من أن نفس السياسات ستفضي إلى انهيار كارثي في الوضعين المالي والاقتصادي، لكنهم استمروا في سياسة الخداع: الليرة بخير!

العزلة الدبلوماسية التاريخية للبنان عن السعودية وبلدان الخليج العربي، وخطوات القطيعة الاقتصادية الزاحفة، يدرك كل من في منظومة الحكم أنها الوجه الآخر لتقدم مخطط تلاشي السلطة واختطاف الدولة بالسلاح. وهو أمر بدأ قبل أكثر من عقد، مع بدء قضم الدويلة للقرار، وضرب التوازنات الداخلية. وكانت ذروة هذا المنحى، التسوية الرئاسية في العام 2016 التي انعقدت مع «حزب الله»، وفي المحصلة غرزوا الرؤوس في الرمال أمام مخطط تحويل لبنان منصة عدوان ضد المنطقة وكالة عن نظام ملالي طهران!

على مدى سنوات رئاسة عون، لم يخرج المقيم في القصر عن نهج شعبوي تعطيلي ميّز «تحالفه» مع «حزب الله» لفرض الإرادات! من احتلال وسط بيروت بعد حرب يوليو (تموز) 2006، إلى التمادي في تعطيل تأليف الحكومات لأشهر طويلة، وتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية 30 شهراً. واستمر منحى التعطيل مع انتقال عون إلى رئاسة الجمهورية، والهدف دوماً الفرض وتحقيق مكاسب فئوية، فبدت الرئاسة «معارضة»، تمارس سلطتها بالتعطيل، وهي صنيعة تعطيل، لم يوقفه لا تعمق الأزمات المعيشية ولا اتساع الانهيارات المالية والاقتصادية، كما لم تردع هذا النهج التعطيلي القطيعة مع دول الخليج وتداعياتها المخيفة الآتية!

في هذا السياق، لا تبدو الرئاسة ممتعضة، من تحويل «حزب الله» الحكومة الحالية إلى جثة بعد 32 يوماً فقط على تأليفها. ولولا مواقف تطلق في مناسبات استقبال زوار أجانب، عن تحمل المسؤولية والحلول الدستورية، لم يتخذ القصر أي مبادرة لكبح التعطيل ومصادرة دور مجلس الوزراء وسلطته. كما بدت الرئاسة «محايدة» أمام استهداف القضاء والعدالة، والسعي إلى تكريس الحصانات فوق القانون، وتأبيد سياسة الإفلات من العقاب، من خلال النجاح الآني في تعطيل التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت، والتمسك بمطلب استفزازي يقضي بـ«قبع» قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار! وبرزت اللامبالاة حيال إغراق التحقيق بدعاوى «رد» المحقق، أو كف يده، أو مخاصمة الدولة، مروراً باستيلاء فج على ملف «الرد»... في كل هذا المنحى كان «حزب الله» يستثمر في معاناة الناس لفرض شروطه التي تصب بالنهاية في خدمة مخطط استكمال منحى اقتلاع البلد وإلحاقه بمشروع إيران الكبرى! في حين أن رهانات رئاسة الجمهورية لم تتصادم مع منحى الدويلة التي تستهدف تعطيل الاستحقاقات الدستورية النيابية والرئاسية!

ما يريده ميشال عون من وراء التعطيل الشعبوي، وما يتأتى عنه من دمار يطال حياة أكثرية اللبنانيين، ضمان بقاء رئاسة الجمهورية ضمن العائلة، بانتقالها من الرئيس إلى صهره باسيل! وليس سراً أنه أطلق هذا الوعد منذ السنة الأولى من رئاسته! وربما زيّن له البعض أن ظروف 2021 والاتكاء على بندقية الدويلة، أمر مؤاتٍ أكثر مما كانت عليه الأمور في العام 1989، عندما ترأس حكومة انتقالية مهمتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فأعلن عن حل البرلمان لمنعه من مهمته! لكن التوصل إلى اتفاق الطائف، وإعلان وثيقة الوفاق الوطني، أنهى مفاعيل قراراته ليتحول إلى متمردٍ على السلطة، والباقي معروف، فهو مسؤول عن استدراج احتلال جيش النظام السوري للقصر الجمهوري بعد فراره إلى السفارة الفرنسية!

ولأن لا أولوية رئاسية تتقدم على ضمان فتح طريق التوريث، قفز عون مباشرة إلى استحقاق رئاسة الجمهورية، محذرا من أنه «لن يأتي بعدي رئيس كما قبلي»، وفي حديثه إلى جريدة «الأخبار» في 19 الحالي، وبعده إلى جريدة «الأوريان» الناطقة بالفرنسية في الـ20 منه، كشف المستور، عندما اشترط أنه إن لم ينتخب رئيس جديد، وإن لم توجد حكومة شرعية قبل نهاية ولايته فإنه «لن يسلم الرئاسة إلى الفراغ»! والمعنى واضح، إما أن تنتخبوا باسيل رئيساً جديداً للجمهورية وإلا فالتعطيل متواصل والفراغ سيسود ومعهما ما لا يمكن توقعه من الانهيارات! بالمقابل، أنجزت الغرف السوداء فذلكة دستورية بشأن تمديد بقاء عون في القصر رئيساً ضارباً بالدستور عرض الحائط، على قاعدة عدم جواز الشغور في موقع رئاسة الجمهورية والموقع الماروني الأول!

بديهي أن رئيس الجمهورية الذي تجاهل الانهيارات والقطيعة مع دول الخليج العربي وتداعيات ذلك، اعتمد في طرحه الانقلابي عنصر المفاجأة والإحراج لـ«حزب الله» أساساً، ومن خلفه كل محور الممانعة، في لحظة إقليمية فارقة تتسارع فيها المتغيرات من بغداد إلى مأرب وبينهما دمشق، لحظة تبدلات تستأثر باهتمام الجهات الفاعلة في الإقليم وأبعد منه. فإذا كان طبيعياً له أن يستخف بمواقف الآخرين في المنظومة السياسية، فقد قفز فوق تحفظات الشارع الذي عزل باسيل وعاقبه قبل العقوبات الأميركية، والسؤال عن الضمانات التي ينطلق منها بشأن توجه «حزب الله» والحسابات التي تجريها طهران، خصوصاً أن رئاسة الجمهورية وتيارها هما في طور الأفول الشعبي!

ما كان مطروحاً بشكلٍ جانبي أصبح على الطاولة؛ الأمر الذي يضع أكثرية اللبنانيين أمام تحدٍ مختلف، يتطلب تجاوز رهانات ترئيس باسيل إلى مهمة استعادة الدولة فتتحرر الرئاسة ويُستعاد الاستقلال. إنه تحدي الصمود بوجه مرحلة توترات جديدة، تفاقم من الاختناقات التي يعاني منها الوطن العالق في عنق الزجاجة، وتضاعف الأعباء على المحاصرين بالعوز والجوع، وتداعيات الارتهان لهيمنة النظام الإيراني. إنه امتحان إجباري مفروض على القوى الحية، المطالبة بعمل حثيث لاقتلاع منظومة الفساد والارتهان والتبعية!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عون باسيل أو «لن أسلم الرئاسة إلى الفراغ» عون باسيل أو «لن أسلم الرئاسة إلى الفراغ»



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon