لماذا على لبنان دفع فاتورة التشظي

لماذا على لبنان دفع فاتورة التشظي؟

لماذا على لبنان دفع فاتورة التشظي؟

 لبنان اليوم -

لماذا على لبنان دفع فاتورة التشظي

حنا صالح
بقلم - حنا صالح

دمرت حرب التوحش على غزة الذراع الفلسطينية في المشروع الإيراني للتسلط على المنطقة. هذه الحقيقة لا تتبدل ولا تتغير، مع قذيفة من هنا وطلقة من هناك، تمنح العدو المزيد من الفرص الانتقامية. ليشهد النصف الثاني من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي اجتياحاً جوياً للبنان، إذ وضع العدو في التنفيذ مخطط القضاء على الهيكل القيادي لـ«الحزب» وتدمير معظم قوته النارية، فتتالت الاستهدافات وتم تدمير الكثير من الصواريخ في مخازنها.

بدأ المخطط المستند إلى أوسع خرقٍ استخباراتي وأمني، يوم «النداء القاتل» في 17 سبتمبر، باغتيال حسن نصر الله يوم السابع والعشرين منه. بينهما قتل العدو كل المتبقين من عناصر القيادة العسكرية العليا الأعضاء في مجلس الجهاد، ما صدّع قدرات «حزب الله» على القيادة والسيطرة، فاستكملت إسرائيل مرحلة اصطياد الكوادر العسكرية والقيادات الميدانية وقوات النخبة. وهي تواصل هذه المهمة، ويتتالى سقوط القيادات تحت وطأة القصف المتصاعد الذي قد يستمر عدة أشهر.

لكن الأخطر في نتائج الاجتياح الجوي، الذي تحول إلى هجومٍ بري، منذ ساعات الفجر الأولى ليوم الثلاثاء أول أكتوبر (تشرين الأول)، ولا أحد يعرف حجمه، أنه حول لبنان إلى مقبرة مفتوحة مع أكثر من ألفي ضحية وأكثر من 6 آلاف جريح خلال الأيام القليلة التي سبقت الهجوم البري. وتحت ضغط التدمير وركام بلدات الجنوب والتهديد بالقتل الجماعي، أُرغم الأهالي على أكبر تهجير قسري طال نحو مليون مواطن، مع تشتيت في البقاع، لتشكل الضربات الانتقائية لـ«أهداف» في مناطق كانت تُعد «آمنة» ضغطاً لتهجير متكرر؛ لأنها أوقظت الكثير من أسباب الحذر في تلك المناطق.

ولئن كانت آلة الحرب الصهيونية الثالثة على لبنان، تهدف إلى خلق وقائع على الأرض في جنوبٍ فارغٍ من أهله، تمنع التفكير لعقود مستقبلية بأي إمكانية لأي شكلٍ من أشكال «7 أكتوبر»، فإن مخطط العدو المعلن يحول دون العودة حتى انتهاء الحرب، ليتحول جموع المقتلعين من أرضهم إلى رهائن بيد العدو الذي يقرر وحده مصيرهم (...) كان لبنان الرسمي قد تعامى عن مسؤوليته وواجبه الأخلاقي في حماية الأرواح، عندما أُبلِغ قبل أشهر من الفرنسيين أن نتنياهو يضع على طاولته خطة شارون للحرب على لبنان في عام 1982. وكانت تفترض الوصول إلى نهر الأولي شمال صيدا، فوصل الاجتياح إلى العاصمة بيروت. وكان الادعاء أن المهمة ستُنجز خلال أيام فبقي العدو في لبنان 18 سنة، وقد يتكرر ذلك الآن!

بمعزل عن إمكانية إنزال خسائر بالعدو، فإن مفاعيل بالغة الخطورة قد تترتب لاحقاً على التهجير الثاني الكبير لأبناء الجنوب، نظراً لهشاشة المجتمعات اللبنانية المضيفة، وضعفها الشديد نتيجة المنهبة والإفقار المبرمج الذي ضرب لبنان. بعد الاحتضان والتضامن المجتمعي الكبيرين للمهجرين، فإن الأرض قد تكون جاهزة لخلق توترات وانعدام استقرار وهزِّ النسيج الاجتماعي في مناطق التهجير، الذي سبق وأن هزه الوجود الهائل للاجئين. لذلك قد يترك الوضع المستجد تداعيات مقلقة على الاجتماع اللبناني وهو في رأس أولويات العدو الذي يعمل لجنوب شبه فارغ من أهله، وربما أهدافه أبعد وأخطر وتطول المياه!

فضحت فاجعة التهجير التي سبقت بدء الغزو، السلطة المتشظية المتهالكة وكشفت عن عقم سياسي لديها، وهي تدرك بالعمق أن ما يلوح بالأفق أكثر من خطير، سواء بالنسبة لمصير أعداد كبيرة من المواطنين، أو لمآل مناطق لا قدرة على إعادة إعمارها وتمتد حتى الآن من الجنوب إلى أجزاء واسعة من ضاحية بيروت الجنوبية وصولاً إلى بعلبك، قد يكون مصيرها شبيهاً بما عليه مدن سورية في الغوطتين والقلمون! والأخطر أن هذا الثنائي الذي ارتضى دور ساعي البريد بين أصحاب المبادرات و«حزب الله»، رفض بتعنت إعلان فصل الجنوب عن غزة، وتمسّك بمقولات خشبية من نوع أن لبنان يؤيد القرار الدولي 1701، فيما المطلوب خطوة حاسمة للتنفيذ الجدي كانت تفترض إرسال قوات إضافية من الجيش إلى الجنوب. كما تعامى عن قراءة التطور الذي برز في انقلاب كبير في سياسات إيران.

في بداية «طوفان الأقصى» كان الوعيد لغة اللهيان، لكن الإدراك اللاحق للقيادة الإيرانية أن متغيرات كبيرة تتبلور جعلت مجرم الحرب نتنياهو يسقط كل مبادرات الهدنة، فسارعت لملاقاة التحول الجديد ومحاكاته.

وبعد كل هذا فلماذا على لبنان الموجوع والمنهك أن يتحمل فاتورة تشظي «محور الممانعة»؟ وألا يمكن بعد إطلاق بقايا السلطة مبادرة سياسية تعكس رغبات الأكثرية التي رفضت أخذ لبنان إلى حربٍ مدمرة؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا على لبنان دفع فاتورة التشظي لماذا على لبنان دفع فاتورة التشظي



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon