الملائكة تمنحه لحنًا «تحت المخدة»

الملائكة تمنحه لحنًا «تحت المخدة»

الملائكة تمنحه لحنًا «تحت المخدة»

 لبنان اليوم -

الملائكة تمنحه لحنًا «تحت المخدة»

طارق الشناوي
بقلم: طارق الشناوي

كان ينبغى ألا تمر مئوية الموسيقار الكبير محمد الموجى بدون أن نرصد كل هذا السحر المتنوع فى جماله والمتعدد فى طموحه الفنى.

الموجى هو الأغزر بين كل الملحنين يتجاوز الرقم 1800 طبقًا للأوراق الرسمية لجمعية المؤلفين والملحنين، ولا يلاحقه سوى بليغ حمدى 1500، أعلم قطعًا أن الإبداع يقاس بالكيف، ولكن مع الموجى حدث عناق بين الكم والكيف.

الموجى واحد من القلائل الذى يعبرون عن المعنى، هو لا يلحن الكلمة بقدر ما يبحث لها عن رداء موسيقى.

سألونى عنه قبل أيام لتقديم فيلم تسجيلى؟، قلت لو حللتم دماءه لن تجدوا كرات دموية حمراء وبيضاء ولكن مقامات وإيقاعات موسيقية، الموجى خلق لكى يلحن فقط، حتى أسماء بناته الثلاث غنوة وألحان وأنغام، ليس عشوائيا.

ولكنها تنويعات لعالمه الخاص، فهو يعيش بين الغنوة والأنغام والألحان، سألت مرة الشاعر حسين السيد، الذى ارتبط بتوأمة موسيقية مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، عن الملحن الثانى الذى يسعد عندما يمنحه كلماته بعد موسيقار الأجيال، قال لى بلا أى تردد محمد الموجى، بينما مرسى جميل عزيز الذى جمعت بينهما مئات الأغنيات، قال عندما أمنح كلماتى للموجى أنام وأنا قرير العين.

فى واحد من لقاءاته التليفزيونية، قال إنه لم يكن فى بداية مشواره يعرف اسم المقام الذى يعزفه فى أغانيه، وكانت الفرقة الموسيقية حتى تتمكن من (الدوزنة) أى ضبط الأوتار، تسأله قبل (البروفة)، فلا يجيب وكأنه لم يستمع للسؤال.

يكرر عدد من أفراد الفرقة السؤال، بينما يخشى الموجى أن يذكر اسمًا خاطئًا أو يعلن على الملأ أنه لا يعرف، وجد الحل أن يمسك العود أثناء البروفة قائلًا لهم إنه سيضبط الأوتار، أثناء ذلك يبدأ فى العزف، وعلى الفور يتهامس العازفون باسم المقام، وهنا يعلو صوته معاتبًا: (أومال أنا كنت بقول إيه من الصبح!).

ومع تكرار تلك المواقف بدأ الموجى فى التقاط الأسماء، سيكة وبياتى ونهاوند وكُرد وصبا وعجم وحجاز وغيرها.

تخرج فى مدرسة الزراعة، وكان أمل العائلة أن يصبح أكبر (ناظر زراعة) فى قريته بيلا بمحافظة كفر الشيخ.

قلبه دفعه إلى طريق آخر، التقط بأذنه الحساسة الأنغام وكأنها تأتى إليه من السماء، وعن إبداعه الموسيقى نوقشت أكثر من رسالة علمية دكتوراه وماجستير، فى محاولة لاكتشاف سر هذا التدفق.

لا أتصور سوى أن العلم لا يستطيع أن يحيل الإبداع إلى قواعد صارمة، أى دراسة علمية لن تستطيع الوصول إلى كل هذا السحر، على الجانب الآخر، بدأ الموجى يسعى لما هو أكثر من معرفة المقامات الموسيقية.

أراد أيضا أن يكتب (النوتة) الموسيقية، كان الموجى مثل أساتذته الكبار عبد الوهاب والسنباطى والقصبجى يستعين ببعض الدارسين لكتابة (النوتة)، حددوا ستة أشهر يتفرغ خلالها ساعتين يوميًا وبعدها يكتب بنفسه ألحانه، وجدها الموجى فكرة صائبة، إلا أنه أخفق كثيرًا فى الاستيعاب.

ولا حظ عبد الحليم حافظ تلك الحيرة التى يعيشها رفيق المشوار، فقال لكل الأساتذة والعازفين، لو تعلم الموجى الكتابة سيفقد الإبداع.

لا أتصور أن تحليل عبد الحليم صائب، ولكن كانت وستظل إبداعات الموجى متجاوزة أى تقنين علمى، فهى ترنو بعيدًا عن أى قواعد موسيقية صارمة.

يقولون من فرط التدفق النغمى للموجى إنه يستيقظ بعد نوم عميق صباح كل يوم ليكتشف تحت المخدة لحنًا أبدعته له الملائكة!!.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملائكة تمنحه لحنًا «تحت المخدة» الملائكة تمنحه لحنًا «تحت المخدة»



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon