عمر خيرت إطلالة من «برلين»

عمر خيرت... إطلالة من «برلين»

عمر خيرت... إطلالة من «برلين»

 لبنان اليوم -

عمر خيرت إطلالة من «برلين»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

لا أدري كيف لمهرجان عريق لديه إمكانات وميزانية وتاريخ عريض انطلق في أعقاب الحرب العالمية الثانية ويبلغ اليوبيل الماسي (75 عاماً) ثم تتراجع اختياراته على هذا النحو؟ الإخفاق بدأ مع فيلم الافتتاح «الضوء». هذا هو انطباعي حول الأيام الأولى لفعاليات «مهرجان برلين»، خصوصاً في مسابقته الرئيسية. آمال كثيرة ارتبطت بتعيين المديرة الجديدة الأميركية تريشيا تاتل، التي وعدت بأن يستعيد المهرجان بريقه المفقود.

الأيام تلاحقنا، والأمل في القادم لا يزال يداعبنا، تصادف أن ليلة افتتاح «برلين» كانت هي أيضاً ليلة انطلاق حفل الموسيقار الكبير عمر خيرت، من «الرياض»، تابعتُه فضائياً، حتى أمتلك التوازن النفسي، الذي تحققه لي موسيقى عمر خيرت.

لم يكن مجرد حفل لتقديم روائعه التي سكنت الوجدان العربي بقدر ما هو تتويج لرحلة عظيمة أنجز فيها عمر ما يمكن أن أطلق عليه الإبداع رأسياً وليس أفقياً، أعمال عمر مهما استمعت إليها تجد بداخلك حنيناً لتستعيدها، كأنها تولد في كل مرة من جديد.

عمر بطبعه مقلٌّ جداً، لا يقدم الكثير ولكن القليل القادر على الحياة، مقطوعاته تخترق حاجز الزمن، وهذا هو ما أعنيه بالإبداع الرأسي؛ موسيقاه على ندرتها تحيا وتتنفس من جيل إلى جيل، وترشق في القلب، ولها أيضاً وحشة، فهي لا تنشغل أبداً بالمكان بقدر ما ترنو إلى المكانة، هناك من يتباهى بالرقم الذي حققه في عدد الألحان، بينما موسيقى عمر تُقاس بعمقها، فهي من بين الأكثر حضوراً في الضمير العربي الجمعي.

هيئة الترفيه برئاسة المستشار تركي آل الشيخ تجيد اختيار الشخصية التي تستحق. قدم حفلاً لا تراه مره واحدة، ولكنك تشعر دوماً بالحنين إليه. تم التتويج بعدد من العازفين العالميين الذين شاركوا في هذا الاحتفال الاستثنائي، وأضافوا بأناملهم سحراً خاصاً يمنحك انتعاشة دائمة ومتجددة. جميل أن يرى الفنان تكريمه وهو لا يزال في الملعب ممتلكاً أدواته. وهذا الدور يلعبه دائماً موسم الرياض، يقول للفنان: «أنت عظيم وننتظر المزيد». كثير من الفنانين المصريين شاهدنا مؤخراً تتويجهم في «موسم الرياض»، وتابعت حفلاتهم، مثل هاني شنودة وصلاح الشرنوبي ومحمد منير وأنغام وغيرهم، ولا يزالون يكملون بألق مشوار الإبداع.

عندما يُعرض فيلم مصري في مهرجان عالمي مثل «برلين» مؤكَّد أشعر بالفخر، تلك هي أيضا مشاعري مع تكريم كثير من المبدعين، لأنه في عمقه يحمل تحية للأرض التي أنجبت الفنان.

البعض يتساءل قائلاً: لماذا لم نقدم ذلك في مصر؟ لا يوجد قطعاً ما يمنع، الفيصل هو كيف نُحيل الحدث إلي حالة إبداعية، هذا هو ما يجب أن نسعى إلى تحقيقه. أتذكر مثلاً في «قصر السينما» بالقاهرة، قبل نحو عام، أنني شرفت بعمل ندوة مع عمر خيرت، وتم تكريمه، هل شعر أحد؟ هل مثلاً شارك مسؤول بالحضور؟ هل وثَّقت الكاميرات شيئاً؟

انطلق عمر في الحوار معي وباح بالكثير، رغم أنه بطبعه قليل الكلام.

مر الحدث سريعاً، وربما لا يتذكره سوى العدد المحدود جداً في القاعة التي لم تكن تتجاوز 100 مقعد.

الحكاية في «موسم الرياض» لا تنتهي مع انتهاء الحفل، بل تبدأ. تم الاتفاق على توثيق وتسويق أعمال عمر خيرت، وهذا هو ما يُرضي المبدع أدبياً ومادياً، لأنه يضع سياجاً واقياً يحفظ للأجيال القادمة هذا الإبداع. ما تقوم به هيئة الترفيه نقطة فارقة لصالح الفن السعودي والعربي بوجه عام، ومصر دائماً حاضرة، فالتكريم في عمقه يحمل تكريماً للوطن!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمر خيرت إطلالة من «برلين» عمر خيرت إطلالة من «برلين»



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon