أدهم النابلسي «الحَبة لن تصبح قُبة»

أدهم النابلسي «الحَبة لن تصبح قُبة»

أدهم النابلسي «الحَبة لن تصبح قُبة»

 لبنان اليوم -

أدهم النابلسي «الحَبة لن تصبح قُبة»

بقلم:طارق الشناوي

وجدوا الفرصة مواتية بعد أن أعلن المطرب الأردني الشاب أدهم النابلسي (28 عاماً) الاعتزال، لم يكتفِ فقط بالابتعاد، بل أضاف أن الغناء حرام، واتسعت الدائرة ليصبح الفن كله حراماً.
كيف لهم أن يحرموا ما أحله الله؟ الأصل دائماً في كل شيء هو الإباحة، بيد أنهم يضعون دائماً معياراً صارماً للفنون وهو خضوعها أولاً للاختبار الديني، هل لو وضعنا لوحات وتماثيل مايكل أنجلو التي ملأت الكنيسة الإيطالية في القرن السادس عشر، وكلها مناجاة لله، سوف تحصل على موافقة دينية؟ أم على العكس ستصطدم بعقول متصلبة؟ حاول البعض من منظار رؤية كاثوليكية قبل قرون من الزمان أيضاً أن يحطمها بالمعول.
تستطيع أن ترى النيران تحت الرماد من خلال عشرات من الأفعال القاسية التي تصل إلى حدود الدموية، تعرضنا لها في عالمنا العربي، ولا تزال لها بين الحين والآخر توابعها. هل غابت عن ذاكرتنا (العشرية السوداء) في الجزائر التي انتهت مع مطلع الألفية الثالثة، عندما كانوا يحرقون الملاهي، وأحلوا ذبح المثقفين والمطربين والصحافيين، حتى وهم آمنون في بيوتهم. شاهدنا من يمسك بالجنزير ليغلق مسرحاً في مصر أو يمنع حفلاً في الأردن، وهو ما تكرر مؤخراً في بغداد واضطرت الدولة إلى تعليق كل الحفلات.
لماذا أصبح اغتيال الفن بالنسبة لهم هو الهدف الأسمى؟ إجابتي: لأنهم يكرهون الحياة، وعندما يتعامل الإنسان مع كل أنماط الثقافة المتعددة الألوان مثل (قوس قزح) ينزعجون، يريدون إحكام قبضتهم على كل تفاصيل الحياة.
الزمن قطعاً يقوض أسلحتهم، العالم صار ضد الانغلاق؛ (القرية الصغيرة) نعيشها الآن، فلو رفرفت فراشة في الصين، لتغيرت ذبذبات الهواء في أميركا.
لا شيء صار بعيداً عن التحقق واقعياً، مثلاً مهرجان (البحر الأحمر) الذي أنهى أعماله قبل عشرة أيام في مدينة جدة أثبت أن ما كان يراه البعض مستحيلاً كحلم، صار واقعاً ملموساً، لديكم (موسم الرياض) الفني والترفيهي، ممتد طوال العام، والتجاوب في الشارع هو العنوان.
مهرجان السينما في مدينة جدة التاريخية، جمع بين فنانين من مختلف دول العالم بثقافات ورؤى مختلفة، وهذا هو العمق الوجداني، أن تتفهم الآخر وتنفتح عليه. المأزق هو تلك النظرة الأحادية التي ترى أن (الجحيم هم الآخرون)، بينما مَن نصفهم بالآخرين هم الذين يمنحون الحياة قيمة الحياة، التنوع هو بالضبط عمق الكون.
التقطوا موقف فنان شاب، أمسكوا به من أجل أن تتسع الدائرة متجاوزة الحدث الصغير لمطرب في مرحلة عمرية، تسمح لكثير من الأفكار المتطرفة أن تتصارع بداخله.
من حق أي فنان أن يعلن اعتزاله، وفي أي توقيت، ولكن ليس من حق أحد تحريم الفن، ولا أستبعد في أي مرحلة مقبلة، قد لا تتعدى بضعة أشهر، أن يعاود الوجود في الدائرة الفنية. شاهدنا كثيراً من تلك المواقف، وأشهرهم في الألفية الثالثة فضل شاكر، وأقول لكم إنه بين دائرة محدودة تمس قلبي، وهو أكثر مطرب عربي أعاد بألق تقديم أغانينا القديمة، التي نصفها بـ(زمن الفن الجميل). لم يكتفِ فضل بالاعتزال؛ بل هاجم الفن وألقى بماء النار في وجه زملائه. عاد قبل بضعة أعوام وغنى (عاطفي) هو وابنه، طالباً الصفح والسماح، ولكن لم تصفُ حتى الآن قلوب الجماهير.
المتطرفون كارهو الفن يحيلون (حبة) اعتزال أدهم إلى (قبة) لتحريم الفن، متجاهلين أن (قوس قزح) لا يمكن لأحد مصادرته!!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدهم النابلسي «الحَبة لن تصبح قُبة» أدهم النابلسي «الحَبة لن تصبح قُبة»



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon