كوميديان يبكي وجمهور يضحك

كوميديان يبكي وجمهور يضحك

كوميديان يبكي وجمهور يضحك

 لبنان اليوم -

كوميديان يبكي وجمهور يضحك

بقلم: طارق الشناوي

النجم كذَّب «البوست» المنسوب إليه، الذي كان يشكو فيه البطالة ويستجدي العمل، وتدخلت نقابة الممثلين، وقررت إجراء التحقيق لمعرفة من الذي أطلق الشائعة.

الغريب أن أغلب من قرأها صدقها، فهي حكاية متكررة، تابعناها طوال تاريخ الفن، كما أن النجم نفسه بطل الحكاية، تنطبق عليه المواصفات، بعد أن صار في السنوات الأخيرة خارج الخريطة.

بين الحين والآخر، تعيد شركات الإنتاج «تفنيط كوتشينة النجوم»، عندما يصعد اسم جديد ويدخل الحلبة، تأكد أن الوجه الآخر للصورة، استبعاد نجم آخر عن الصدارة.

تستطيع أن ترصد ذلك بوضوح في الكوميديا، مثلاً اقتراب أسهم فؤاد المهندس من الجمهور، في الستينات، أدى إلى ترا جع مكانة إسماعيل ياسين، وودَّع الحياة وهو يتجرع مرارة الهزيمة، وتكرر الأمر بعد عشر سنوات مع جيل عادل إمام عندما صعدوا مع «مدرسة المشاغبين» فصاروا هم عنوان الضحك في العالم العربي، واحتل عادل إمام مقعد الزعيم، وتوارى الآخرون.

في السنوات الأخيرة زادت شكوى الفنانين، وكثيراً ما شاهدنا مسؤولاً كبيراً، في لقطة تجمعه بفنان، وهو يوقّع معه عقداً لعمل فني قادم، كان في الماضي نجماً له «شنة ورنة» وجمهور ينتظره، ثم وكالعادة دارت الأيام عليه، وصار يستجدي، هل من الممكن أن نتحدى قانون الزمن؟

أسلحة البقاء داخل الإنسان، تصل للذروة في لحظات الخطر، وأفول النجومية مثل أي مرض تسبقه أعراض، كلما تمكن النجم من التقاطها مبكراً نجح في التعافي السريع، بينما لو غض الطرف، أو لجأ لسلاح الإنكار، تفاقمت مع الأيام الأزمة، وصارت المواجهة مستحيلة.

ذكاء النجم يمنحه قدرة على التخلص السريع من تلك الإرهاصات، وإحالتها من سلاح قاتل إلى بلسم شاف.

عادل إمام مثلاً في عام 1997 تعرَّض لضربة رقمية مباغتة، عندما حقق فيلم «إسماعيلية رايح جاي» في دور العرض، ضعف ما كانت تحققه أفلام عادل إمام، وشركات الإنتاج وقتها توجهت صوب محمد هنيدي، رغم أن ترتيبه حل رابعاً على «أفيش» و«تترات» الفيلم بعد محمد فؤاد وحنان ترك وخالد النبوي، الكل تأكد أن هنيدي هو نجم الكوميديا القادم بقوة، وأن أرقام الشباك تحسب له، بعد نحو عام، تأكد الأمر عندما حقق هنيدي بفيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية»، أربعة أضعاف ما كان يحققه عادل.

أدرك عادل أن «شفرة» الضحك تغيرت، وأن هناك جمهوراً جديداً في العشرينات من عمرهم، اندفعوا لشباك التذاكر، على الفور بدأ في تغيير البوصلة، وتوجه للعمل مع عدد من الشباب الموهوب، وبالفعل عاد عادل إمام مجدداً لصدارة المشهد.

يحمي عقل الفنان اليقظ موهبته، عليه دائماً إدراك التغييرات الاجتماعية، والتقاطها ليحيلها مادةً درامية يتكئ عليها.

ما اعتدنا أن نطلق عليهم جيل «الروشنة»، جاءوا للدنيا بمواصفات أخرى، ومفردات جديدة على مستوى التخاطب، لهم قاموسهم المختلف، لا تستطيع أن تطلب منهم الالتزام بقاموسك القديم، الفنان إذا أراد الاستمرار، عليه أن يهضم التعبير الجديد، لغة الجسد تتغير من حقبة إلى أخرى، والفنان الذكي قادر على التقاط كل تلك المؤشرات.

وعلى رغم إنكار كل الأطراف واقعة شكوى نجم الكوميديا، فإنني أرى أنها تحمل درساً ينبغي استيعابه، تستطيع تلخيصه في متابعة «أبجدية» التخاطب الاجتماعي، بمجرد أن تتغير عليك أن تتغير أنت أيضاً، وإلا سوف تعيش مشاعر الإحساس بالغربة عن الجمهور.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوميديان يبكي وجمهور يضحك كوميديان يبكي وجمهور يضحك



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon