القمة الأميركية ــ الصينية هدنة أم أكثر

القمة الأميركية ــ الصينية... هدنة أم أكثر؟

القمة الأميركية ــ الصينية... هدنة أم أكثر؟

 لبنان اليوم -

القمة الأميركية ــ الصينية هدنة أم أكثر

بقلم :ناصيف حتّي*

القمة الأميركية الصينية التي انعقدت في 30 نوفمبر (تشرين الأول) عشية قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ -المنتدى الذي لم يشارك فيه الرئيس الأميركي شخصياً- شكَّلت بالطبع محطة رئيسية في العلاقات بين القوتين العظميين.

قمة بين أكبر اقتصادين دوليين تحمل انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمي أياً كانت نتائجها المباشرة والبعيدة وعلى سلاسل التوريد وعلى التجارة الدولية بشكل خاص. الاقتصادان يمثلان 43 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وللتذكير فإن القمة السابقة عُقدت بين الرئيسين قبل سنواتٍ ستٍّ في اليابان على هامش «قمة العشرين» (يونيو - حزيران 2019) وبعد عام من بدء الحرب التجارية الأميركية ضد الصين الشعبية. القمة التي انعقدت في كوريا الجنوبية جمعت بين رمز العولمة الاقتصادية وأحد أبرز أركانها وكذلك التعاون المتعدد الأطراف من جهة، ورمز الأحادية الحادة في السياسة والاقتصاد وسياسات التعاون «بالقطعة»، كما يُقال التي يمثلها الرئيس الأميركي خير تمثيل، من جهة أخرى. أكثر ما يعبّر عن هذا الأمر أن الرئيس الأميركي لم يشارك في أعمال القمة، كما أشرنا، وكان ذلك بمثابة رسالة واضحة من ترمب حول هذا النوع من التعاون المتعدد الأطراف والأهداف. وغادر ترمب بعد لقائه الزعيم الصيني كأن وظيفة القمة كانت لتوفير المكان والإطار للقمة الثنائية.

الجدير بالذكر أن كثيراً من القمم الدولية والإقليمية توفر الإطار أو المنتدى المطلوب لعقد قمم ثنائية أو أكثر بين دول تتسم علاقاتها بدرجة مختلفة من البرودة، وليست بالتالي علاقات طبيعية بين دولتين تسمح أو تشجع على إجراء زيارات متبادلة بين الطرفين، الأمر الذي قد يحمل مؤشراً على تنازل من هذا الطرف أو ذاك، وهو ما يرفضه الطرفان في علاقات من هذا النوع.

إذابة جليد قائم بين طرفين أو ضخ بعض الحرارة المطلوبة في علاقات بين هذين الطرفين، هو ما توفره القمم الدولية أو الإقليمية وما وفَّرته القمة الأميركية - الصينية. وقف الحظر الصيني على تصدير ما تُعرف بالمعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، مقابل خفض التعريفة الجمركية الأميركية على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، كانا أهم ما أنتجته القمة من اتفاقات أو تفاهمات.

الرئيس الأميركي وصف نجاح القمة بـ«أنها 12 من أصل 10 نقاط»، ولو أنها في حقيقة الأمر بمثابة هدنة لا أكثر.

من الأمور التي أسهمت في تسهيل عقد القمة خفض حدة الخطاب الأميركي، مقارنةً مع الماضي، فيما يتعلق «بالمسألة التايوانية» التي تبقى أولوية وطنية واستراتيجية صينية. لا يعني ذاك بالطبع إمكانية التوصل إلى تسوية شاملة ونهائية في هذا الخصوص، ولكن يمكن منع هذه القضية من أن تسهم مستقبلاً في توتير العلاقات الأميركية - الصينية بشكل مستمر، مما ينعكس بالطبع سلباً على العلاقات الاقتصادية وغيرها.

مقابل عدم مشاركة ترمب شخصياً في القمة كمؤشر آخر على رؤيته للتعاون المتعدد الأطراف سواء الإقليمي (كحال هذه القمة)، أو الدولي، وللموقع الهامشي لهذا التعاون على أجندة أولوياته ومقارباته الدولية، فإن تعزيز التعاون الدولي والإقليمي المتعدد الأطراف، بصيغ وسرعات مختلفة، يقع في طليعة الأولويات الصينية. وستستضيف بكين القمة القادمة للمنتدى في عام 2026، الأمر الذي يعكس الأهمية متعددة الأوجه ومترابطة الأبعاد في هذا «المسرح الاستراتيجي» لبكين؛ سواء على الصعيد السياسي أو الصعيد الاقتصادي، مع التذكير بالترابط بينهما. ومع تراجع الدور الروسي على الصعيد العالمي، مع غرق روسيا في «المستنقع» الأوكراني، دون أن يعني ذلك بالطبع فقدان روسيا دورها أو وزنها على الساحة الدولية، ستتعزز وستزداد المنافسة الأميركية - الصينية، بين القوتين العظميين، في مختلف الأقاليم الدولية، كما نشهد بشكل خاص في القارة الأفريقية: المنافسة التي بدأت في الجغرافيا الاقتصادية وتنتقل مع الوقت إلى الجغرافيا السياسية أيضا بسبب الارتباط والتكامل بينهما.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة الأميركية ــ الصينية هدنة أم أكثر القمة الأميركية ــ الصينية هدنة أم أكثر



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon