نصيحة في غير محلّها

نصيحة في غير محلّها

نصيحة في غير محلّها

 لبنان اليوم -

نصيحة في غير محلّها

مشعل السديري
بقلم - مشعل السديري

لم أتعود طوال حياتي أن أقدم النصائح إلى أحد، لا لأقاربي ولا لأصحابي ولا إلى من أعرفهم وأقابلهم عموماً، ولا حتى إلى نفسي، كما أنني بالمقابل لم أستمع إلى أي نصيحة.
وفي يوم من الأيام وبعد أن أعيتني الأخطاء وأعياني التعب، جلست أحملق (في اللاشيء)، واستدعيت نفسي لأحاسبها وأعاتبها، وفي ساعة تجلٍّ قررت لأول مرة أن أخوض تجربة لم يسبق لي أن جرّبتها من قبل، متذكراً صديقاً أرعن لا يجامل ولا يهمه أبداً جرح مشاعر الآخرين؛ قررت فعلاً أن أخوض تجربة النصائح لكي أرى نتائجها على الأقل في هذا الإنسان الساذج وغير السوي.
والتقينا واعتقد هو أننا كالعادة سوف نقلبها (بسط)، ولكنه تفاجأ من تجهمي وجديتي ورزانتي خصوصاً عندما بادرته بالسؤال قائلاً له: يا فلان، لماذا أنت بطريقة أسلوبك هذا تكسب من الأعداء أكثر مما تكسب من الأصدقاء؟! ثم أردفت كاذباً وقائلاً: هل تعلم أنني قضيت على كل أعدائي؟! سألني كيف؟! قلت: لأنني جعلتهم أصدقائي، ثم أتبعت هذا الكلام المنمق بكلمة لا زلت أحفظها عندما قلت له: يا فلان، (العذر عند كرام الناس مقبول)، فعليك أن تعتذر إذا أخطأت وهذا ليس عيباً.
عندها أحسست بأنه بدأ يصغي إليّ، فاستغللتها فرصة متذكراً كلمة قالها أحد الرهبان القدماء: (نحن جميعاً وحيدون تحت النجوم، كلنا غرباء ضيوف على هذه الأرض، فلماذا نشقي أنفسنا بالعداوات)، وبحكم أنني من أكثر الناس حفظاً للأمثال التي لا أمتثل بها، قلت له أيضاً: يا فلان، أشجع الناس هو من رد جهله بحلمه.
ويبدو أن كلمة الشجاعة قد وقعت في نفسه موقع السحر، لأنها قد استثارته إلى درجة أنه اقترب مني يريد أن يعانقني، فدفعته بيدي لأبعد فحيح أنفاسه المزعجة عني.
وانتهيت معه قائلاً: يا فلان، لا تخف من إظهار عواطفك للناس، فالناس يا صاحبي من الممكن أن تأكل عقولهم ونفوسهم بقطعة حلاوة، لا (بقرن شطة).
المهم يا ليتني لم أقدم تلك النصائح لذلك الساذج، لأنه بعدها (دلق) نفسه على كل من يقابله، ويعتذر لكل من هب ودب من دون أي مناسبة، بل و(دلق) عواطفه إلى حد البكاء أحياناً على أناس لا يستحقون حتى ولا كلمة (شكراً)، وأصبح بعدها أضحوكة لمن يعرفه بعد تغيره الفجائي هذا.
فهل نصيحتي قد أتت أكلها يا ترى؟! لا أظن.
أختم وأقول لمن يقرأ هذا: لا تقدم ولا تتقبل النصائح، ولكن (استفتِ قلبك)، ومعه عقلك، فقط لا غير.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصيحة في غير محلّها نصيحة في غير محلّها



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon