التغيير من الداخل مستحيل

التغيير من الداخل.. مستحيل

التغيير من الداخل.. مستحيل

 لبنان اليوم -

التغيير من الداخل مستحيل

شارل جبور
بقلم : شارل جبور

الرهان على تشكيل جبهة سيادية على غرار 14 آذار وهمٌ، سوى في حال طرأ ما ليس في الحسبان، والرهان على لبننة «حزب الله» وهمٌ، كما رهان الحزب على وراثة الدور السوري وهمٌ، والوضع الداخلي يتراوح بين مزيد من الشيء نفسه او الفوضى، بانتظار تطورات الخارج.

لا يجب «بيع» الناس أوهام ولا الإيحاء بما هو غير قابل للتحقّق، فلا جبهة سيادية وازنة وحقيقية قادرة على إحداث دينامية تغيير وطنية من دون ثلاثي «القوات» و»المستقبل» و»الاشتراكي»، ولكن حسابات وأولويات هذا الثلاثي مختلفة ومتباعدة، ويمكن على سبيل المثال لا الحصر التوقف أمام الآتي:

أولاً، ترفع «القوات» عنوان الانتخابات المبكّرة كمدخل لإسقاط الأكثرية الحالية وإعادة إنتاج السلطة، ولكن هذا العنوان لا يستهوي «المستقبل» و»الاشتراكي»، بسبب رفضهما إجراء الانتخابات النيابية على القانون الحالي الذي تتمسك به «القوات»، ويتقاطعان على هذا المستوى مع الرئيس نبيه بري الساعي إلى تغيير قانون الانتخاب.

ثانياً، طالما الرئيس سعد الحريري لم يعتذر عن التكليف، فيعني انّ إمكانية التلاقي بينه وبين «القوات» متعذرة، لأنّ التكليف يعني مدّ اليد إلى الأكثرية الحاكمة والرهان على فرصة معها للإنقاذ، فيما «القوات» سحبت يدها من اي تعاون مع هذا الفريق نهائياً.

ثالثاً، دعوة رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط الرئيس المكلّف إلى الاعتذار وترك الأكثرية تحكم، لا تعني بأنّه قرّر إسقاطها، ليس فقط من باب رفضه لقانون الانتخاب، إنما لأنّه يتجنّب المواجهة مع «حزب الله»، ويحرص على علاقته مع بري الذي يعتبر الانتخابات المبكّرة رسالة ضده، وما ينطبق على جنبلاط ينسحب على الحريري الذي لا يريد المواجهة مع الثنائي الشيعي.

رابعاً، ظهور ملامح تحالف رباعي يضمّ رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى بري والحريري وجنبلاط، وأولوية هذا التحالف التوازنات السلطوية، وبالتالي الجبهة السيادية غير مطروحة إلّا في الإعلام.

وبما أنّ لا مقومات سياسية لتحالف الثلاثي «القوات» و»المستقبل» و»الاشتراكي»، فإنّ «القوات» غير قادرة منفردة على تغيير الواقع ولو تحالفت مع أحزاب وجمعيات مدنية وشخصيات مستقلة، لأنّ اي تغيير بحاجة لأكثريات طائفية بالتوازي مع أكثرية عابرة للطوائف، وخلاف ذلك يكون التشكُّل أقرب إلى الجبهة الفولكلورية لا الفعلية، وبالتالي لا أمل يُرجى من قيام جبهة سيادية إلّا في حال حصول حدث عسكري او أمني او سياسي كبير أدّى إلى إسقاط الستاتيكو الحالي.

ومن ثم، لا حاجة للإستفاضة كثيراً بشعار لبننة «حزب الله» الذي رفعه التحالف الرباعي في العام 2005، لأنّ الوقائع أثبتت انّ الحزب يشكّل جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الإيرانية، وبالتالي لا يمكن فصله عن طهران، واي اتفاق يتعلق بدور الحزب يجب ان يحصل بالتفاهم بين واشنطن وطهران وليس بين القوى السياسية اللبنانية و»حزب الله».

وإذا كانت الوقائع قد أثبتت وهمَ لبننة «حزب الله»، فإنّ الوقائع أثبتت أيضاً عدم قدرة الحزب على استنساخ حقبة الوصاية السورية، لأنّه مكون داخلي لا خارجي، فلا هو قادر على حكم لبنان، ولا القوى السياسية المناهضة له قادرة على الحكم معه، وما بين الاستحالتين يستحيل قيام دولة في ظلّ حزب مسلّح بدور خارجي.

وإن دلّ كل هذا المشهد على شيء، فعلى استعصاء التغيير بإرادة لبنانية، طالما انّ القوى السيادية، للأسباب المشار إليها أعلاه وغيرها، ليست في وارد توحيد صفوفها، لأنّ «حزب الله» الذي يدرك استحالة ان يحكم لبنان بمفرده، من مصلحته ان يستمر الستاتيكو الحالي، إلى اللحظة التي يشعر فيها انّ بإمكانه إقرار تسوية لمصلحته، يعزز فيها موقعه السلطوي من دون ان يتخلّى عن دوره وسلاحه.

وفي موازاة المشهد السياسي المقفل، فإنّ الستاتيكو الحالي مرشح ان يطول سوى في حالتين: مزيد من تدهور الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي ووصوله إلى انفجار اجتماعي تعجز القوى الأمنية عن ضبطه، فيدخل لبنان في فوضى لا يمكن الخروج منها سوى بتسوية وطنية جديدة، ولكن لا شيء يوحي بأنّ هذا السيناريو بات قريباً.

والحالة الثانية تتمثّل بتسوية على مستوى المنطقة برعاية أميركية، تعيد طهران بموجبها النظر بدورها، فيضطر «حزب الله» عندذاك إلى تسليم سلاحه وتغيير دوره، الذي لا يمكن ان يتبدّل إلّا مع تبدُّل الدور الإيراني، إذ في اللحظة التي يعود فيها الدور الإيراني إلى داخل إيران، يعود دور «حزب الله» إلى داخل لبنان.

وفي كل هذا المشهد القاتم مالياً ومعيشياً وسياسياً، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن إسقاط الأكثرية الحاكمة من خارج الانتخابات التي لا يريدها التحالف الرباعي القديم زائد العهد؟ وما الخطوة التي يجب اتخاذها علاوة على فك الارتباط مع الفريق الحاكم؟ وما قيمة الاستقالة من مجلس النواب في حال لم تترافق مع الدعوة إلى إسقاط السلطة في الشارع؟ وما خطورة توسُّل الشارع على تسريع سيناريو الفوضى والصدام مع القوى الأمنية؟ وما الخيارات أو المبادرات الممكنة والمتاحة لتحريك الوضع خارج السياسة الإنتظارية؟
 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التغيير من الداخل مستحيل التغيير من الداخل مستحيل



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon