سوريا اتجاه البوصلة

سوريا... اتجاه البوصلة

سوريا... اتجاه البوصلة

 لبنان اليوم -

سوريا اتجاه البوصلة

حسين شبكشي
بقلم - حسين شبكشي

تعيد تبعيات الأحداث المختلفة منذ سقوط نظام الأسد في سوريا، على الساحة، السؤال القديم المتعلق بهوية سوريا مجدداً، وهو السؤال المستمر منذ إعلان استقلال سوريا في مطلع القرن الميلادي الماضي.

وتدور الأحداث هذه الأيام في سوريا تحت ذريعة تحديد هوية سوريا، منذ استقلال سوريا وشبح التقسيم يهددها؛ دويلات للأقليات أم وطن كبير يشمل الجميع؟ ولأجل ذلك، انطلقت الأفكار والمشاريع المختلفة. أنطون سعادة أسس الحزب القومي السوري الاجتماعي، وهو توجه فاشي تأثر بالحركات الفاشية حول العالم، في صميم عقيدته أن الشعب السوري هو أفضل شعوب منطقته، وكان يؤمن بجغرافية للمنطقة أطلق عليها اسم الهلال الخصيب تشمل العراق والأردن وفلسطين وسوريا ولبنان وقبرص، وهناك توجه آخر أطلق على الجغرافيا السورية اسم سوريا الكبرى، وهو ما تبناه حزب البعث ومؤسسه ميشال عفلق، وطبعاً يبدو واضحاً أن الفكرتين خرجتا من شخصيات محسوبة على الأقليات بالمفهوم السياسي. سوريا هي تاريخياً جزء من المنطقة التي كانت تعرف ببلاد الشام (والتي تقول الرواية التاريخية إن الاسم عائد لابن النبي نوح سام)، وظلت الصراعات المختلفة عبر التاريخ تحاول تشكيل هذه المنطقة أو تفتيتها وتقسيمها، ولعل آخر المحاولات التي سعت لتغيير الجغرافيا والهوية السورية، تلك التي قام بها محور المقاومة بتغيير جذري ملموس في التركيبة السكانية والديموغرافيا، والحدود أيضاً، لصالح تكريس فكرة الهلال الفارسي.

إنه الصراع على سوريا مجدداً، نستعيد معه كتاب المؤلف البريطاني باتريك سيل الصادر عام 1965، والذي تحدث فيه عن الصراع على سوريا منذ استقلالها حتى الستينات الميلادية، مروراً بالحركات القومية المختلفة التي ادعت أحقيتها بسوريا، اليوم تدخل إسرائيل طرفاً محتلاً على أرض الواقع؛ تارة يقتطع من الجغرافيا السورية، وتارة أخرى يهدد بالتدخل لحماية الدروز والعلويين. إسرائيل تؤمن تماماً بأنه مع العرب لا حرب من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا.

الصراع على سوريا يتجدد والصراع على هويتها؛ هل هي دولة وطنية تشمل الجميع، أم هي فسيفساء، ولكنه غير مترابط، سوريا لها العمق التاريخي الذي أثبت قدرتها على التعايش والتسامح الفعلي، وذلك قبل وصول نظام الأسد إلى السلطة، والبدء في منهجية حكم استبدادي طائفي، وهو النظام الذي كان يطلق عليه بكل سذاجة أنه نظام حامٍ للأقليات.

كانت سوريا على مر العصور ملتقى حضارات وثقافات متباينة، ما جعلها واحدة من أكثر دول الشرق الأوسط تنوعاً طائفياً وعرقياً وثقافياً.

تعاقبت على البلاد التي تعد من أقدم المناطق المأهولة بالسكان في العالم حضارات عدة، بدءاً من ممالك إبلا وماري وأوغاريت السامية القديمة، مروراً بالحيثيين والآراميين، ثم الآشوريين والبابليين والفرس. لاحقاً، خضعت لحكم الإسكندر المقدوني والهيلينيين، تلاهم الرومان والبيزنطيون، وصولاً إلى الحكم الإسلامي الذي جعل دمشق عاصمة للأمويين. وفي العصر الحديث، حكمها العثمانيون أربعة قرون، ثم خضعت للانتداب الفرنسي حتى استقلالها عام 1946؛ مما شكل فسيفساء مميزة فيها.

اليوم سوريا في واجهة مدفع «سايكس بيكو» جديد، وعلى شعبها أن يحدد اتجاه بوصلتها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا اتجاه البوصلة سوريا اتجاه البوصلة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon