«بشير» لبنان و«قاسمه» الإيراني

«بشير» لبنان... و«قاسمه» الإيراني

«بشير» لبنان... و«قاسمه» الإيراني

 لبنان اليوم -

«بشير» لبنان و«قاسمه» الإيراني

بقلم : فـــؤاد مطـــر

لا تكاد تمر مناسبة إلا ويسجل أهل السلطة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية مواقف بالغة الحدة في حق الولايات المتحدة من دون تمييز بين إدارة وإدارة، وتصل أحياناً إلى درجة صياغة الموقف بمفردات إنذارية. ولنا على سبيل المثال لا الحصر مخاطبة اللواء قاسم سليماني يوم كان ما زال يقود «فيلق القدس» الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمفردات يوحي فيها بأنه قادر برجال «الحرس الثوري» على مواجهة الدولة الأقوى أميركا. ومن جملة أقواله في هذا الشأن مخاطباً ترمب «قد تبدأ أنت الحرب لكننا سننهيها» و«أنا ندكم وقوات القدس هي ندكم» و«في اللحظة التي أنت فيها عاجز عن التفكير نحن قريبون منك لدرجة لا يمكن تصورها...».
هذا العنفوان في أعالي درجاته جعل حتى الرئيس حسن روحاني يتخلى في تصريح عن هدوء الرؤساء في المناسبات الكلامية الشديدة الحماسة ويخاطب الرئيس ترمب بمفردات «سليمانية» مثل قوله «لا تلعب بذيل الأسد فالحرب مع إيران ستكون أم الحروب...»... وهذه «الأمومية» سبق أن سمعها العراقيون ومعهم الأشقاء والأصدقاء في الأمتين من خلال تسمية «أم المعارك» لتلك الحرب التي خاضها الرئيس صدام حسين ضد إيران الخمينية. كما أن هذا العنفوان جعل الأمين العام «حزب الله» حسن نصر الله يقصف مهاجماً متحدياً في احتفالية لمناسبة الذكرى الثانية للتصفية الجوية من جانب أميركا ترمب لسليماني ومعه ثاني مثلث الحراك الإيراني في المنطقة وفي محطات إقليمية ودولية وذراع إيران الفاعلة في العراق أبو مهدي المهندس. ويبقى من المثلث حسن نصر الله الذي خاطب أميركا في احتفالية الذكرى الثانية لاغتيال رفيقيه بالأسلوب الذي اعتمده وزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف وآخرون من المسؤولين في العهد الصدامي. ونتذكر عبارات في هذا الشأن كمثل «إن الجوارح ستأكل لحوم قوات أميركا إن حدث اعتداء على العراق».
لم تقتصر مفردات التحدي على قاسم سليماني وعلى روحاني، ذلك أن نصر الله ذهب في الكلمة التي ألقاها في احتفالية الذكرى الثانية أبعد بكثير من الاثنين ومن إسماعيل قاآني الذي شغل المنصب الذي خلا باغتيال سليماني وأنذر هو الآخر قائلاً مخاطباً الرئيس ترمب «من داخل بيتك قد يظهر شخص لينتقم منك على جريمتك». كما أن الرئيس الإيراني نفسه إبراهيم رئيسي قال عن ترمب «يتعين على خلفية جريمة اغتيال قاسم سليماني المروعة إنزال العقوبة وحكم القصاص العادل على القاتل والمجرم الرئيسي أي رئيس الجمهورية الأميركية في حينه». وتخفيفاً لنبرة التحدي هذه لم يسمِ رئيسي ترمب بالاسم لكن ذلك لا يخفف من غليان النفوس.
قد يكون إحساس أهل السلطة في إيران بأن إدارة بايدن أضعف من أن يفوز سيدها الحالي بولاية رئاسية ثانية وهذا يسهل تنفيذ السيناريو المحبوكة بدقة خيوطه ويستهدف عودة ترمب شخصياً أو من خلال ظل له إلى البيت الأبيض... إلا في حال نامت أميركا على بايدن رئيساً واستيقظت على نائبته كامالا هاريس تقود البلاد نتيجة حالة مباغتة أصابت الرئيس. ومثل هذا التحدي هو بغرض الإيحاء بأن النظام في إيران قوي لدرجة أنه يخاطب الإدارة الأميركية بندية تخلى عنها حفيد كيم إيل سونغ
قد تكون دوافع الحدة من جانب نصر الله في مخاطبة أميركا هي لإشعار الرأي العام في مناطق نفوذ «حزب الله» بأنه قوي إلى درجة مخاطبة أميركا بالمفردات التي حفلت بها كلمته وأن لا موجب لأي خشية من مفاجآت وعواقب في علم الغيب الأميركي إلى جانب علم غيب الاستحقاق الانتخابي الآتي علاوة على علم الغيب المتعلق بالمصير السوري وهل تحل المقايضات محل المحادثات النووية العقيمة وبذلك يحل منطق الحدة وتصبح المفردات التي أفرط حسن نصر الله في استعمالها ضد مقامات عربية ومصالح لبنانية قرينة على قائلها عند تبدل الظروف وحلول معادلات جديدة. وحتى في هذه الحال لا تعود ذريعة المناخ الديمقراطي الذي يجيز التعبير تكفي لمحو آثار عبارات غير مستحب قولها. فالمناخ الديمقراطي يسمح بتسجيل رؤى ومواقف إنما يحرم تجاوز حدود التعبير. وحتى الأخذ بالتحدي له أصول سبق أن خرج على حدودها أسامة بن لادن قولاً وفعلاً فكانت تصفيته التي تباهى بها باراك أوباما بمثل تباهي دونالد ترمب بتصفية قاسم سليماني وذراع فيلقه الفاعل في العراق. وليس هنالك ما يمنع ترمب إذا عاد، أو حتى بايدن إذا فاز بدورة رئاسية ثانية أو حتى أيضاً إذا ما ورثت هاريس المنصب، من تنفيذ ما في قائمة العقاب الأميركي. وليس غائباً عن الذاكرة كيف أن بوش الابن وعلى خلفية ذرائع تتصل بالمصالح انتقم حرباً ماحقة ضد العراق لأن صدام حسين أو الابن عدي وضعا صورة بوش الأب على مدخل «فندق الرشيد» لكي يدوسها الداخلون ومن بينهم مسؤولون وصحافيون أميركيون وأجانب.
ما نريد قوله إن التحدي والتعبير عنه سواء بعمليات تصفية خصوم أو بكلام تغلب الشتيمة على مفرداته مآله فواجع. حدث ذلك ماضياً مع بشير الجميل. ولم ينفع التحدي في أن يمارس بشير الجميل سلطته التي نالها رئيساً للجمهورية وأدى اليمين الدستورية عليها. كما أن توسيع قاسم سليماني لرقعة التحدي التي وصلت إلى أبعد بكثير مما يجوز لأي طرف حتى إذا حقق حلمه النووي الوصول إليه لم تحقق له الحلم في أن يكون رئيس إيران. وما بقي للاثنين «بشير لبنان» و«قاسمه الإيراني» عبارة عن مناحات وأعلام وتماثيل ولوحات واحتفاليات وقداديس تذكارية... و«بشير ما بموت» و«كلنا قاسم». لعل الذين باتوا أسرى «فيروس التحدي» يعتدلون. لعلهم يتأملون بكثير من الرشاد أن «بشير لبنان» كما «قاسمه الإيراني» وضعا كل وفق أحلامه وتهيؤاته لبنان في بند عدم الاستقرار... وها هو الوطن بين علامات من التعجب وأخرى من الاستفهام. وأما الذي أداه «قائد فيلق القدس» ولم تكتمل حلقات مخططه فإنه ماثل للعيان في العراق وغزة واليمن وسوريا إلى جانب لبنان وأذرع كثيرة في مناطق ودول أخرى. والله الهادي إلى ما يرضي العباد ويصون البلاد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بشير» لبنان و«قاسمه» الإيراني «بشير» لبنان و«قاسمه» الإيراني



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon