الأخلاق والتنوع والحرية 9

الأخلاق والتنوع والحرية (9)

الأخلاق والتنوع والحرية (9)

 لبنان اليوم -

الأخلاق والتنوع والحرية 9

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

فى المقال التاسع وقبل الأخير فى سلسلة «إعادة اختراع العجلة» المستوحى من زيارة طويلة لبريطانيا، وذلك فى محاولة لإلقاء الضوء على طرق حل معضلات نواجهها وسبقنا آخرون فى حلها بدلا من إصرارنا إما على تجاهل المشكلات من الأصل، أو إعادة اختراع طرق- غالبا تكون فاشلة- لعلاجها، أتحدث عن الأخلاق والتنوع والحرية الشخصية.

التنوع والحرية الشخصية فى بريطانيا يحميها القانون، ولا شىء سوى القانون. لا القس فى الكنيسة يناشد المصلين أن يلتزموا حسن الأخلاق، أو الملك يخاطب شعبه مطالبا إياه بعدم التحدى على حريات الآخرين، ولا أسقف كانتربرى يناشد تجار الفاكهة وباعة الأرصفة وسياس شارع كذا الرأفة بالسكان الذين يئنون تحت وطأتهم وقبضتهم، ولا طبيب أو محاسب أو مهندس أو سباك أو حداد قرر أن يكون رجل دين يخبر الشعب عبر الشاشات أن التنوع مصيبة، وأن على الجميع أن يكونوا صورة طبق الأصل من بعضهم البعض، وإلا خربت الدنيا وضاعت الآخرة.

لا يوجد مجتمع ملائكى وآخر شيطانى. وأى منظومة قوانين، يحاول البعض خرقها أو التحايل والالتفاف عليها. الفرق يكمن فى هامش الملائكية، وفى طرق مواجهة الخروقات ومعاقبة المتحايلين، وهل توجد إرادة من الأصل لاحترام القانون وتطبيقه؟ أم تغيب دون أن يأسف لغيابها أحد، أو يساءل من سكت على تغييبها!

المجتمع البريطانى متنوع، فيه شتى الألوان. وفقا لتعداد عام 2021، لندن هى المنطقة الأكثر تنوعا عرقيا فى إنجلترا وويلز. نحو 63 فى المائة من المقيمين فى العاصمة البريطانية ينتمون لأصول ليست «بريطانية بيضاء». توجد عنصرية أحيانا؟ نعم. لكن القوانين تحمى إلى حد كبير جدا الضحايا. ولغة الخطاب الرسمى والإعلامى تطغى عليها بشكل عام، تسيطر عليها مفردات ومعانى رفض خطاب الكراهية.

من جهة أخرى، فإن حرية التعبير والاعتقاد والزواج والتجمع السلمى بقواعد وغيرها ليست حبرا على ورق. الحرية الشخصية مكفولة، طالما لم يخرق الشخص القوانين، أو يعتدى على حرية الآخرين. على سبيل المثال، لا يحق لعابر سبيل أن يعلق على ملابس سيدة لا تعجبه أو لا تطابق أفكاره، فما بالك بالتدخل لإجبارها على ارتداء المزيد أو الأقل؟! ولو فعل، فمن حق السيدة أن تلجأ إلى القانون لمعاقبته.

ملحوظة على الهامش: رغم ارتداء بعض النساء فى بريطانيا ملابس يصنفها البعض فى منطقتنا بـ«المكشوفة»، بالإضافة إلى تفاصيل الحرية الشخصية التى ترفضها وتعارضها مجتمعات أخرى، ورغم أن كثيرين فى منطقتنا يربطون بين تكبيل الحرية الشخصية وإجبار الغالبية المطلقة على اتباع نمط واحد لا ثانٍ له وبين صون الأخلاق وحماية العفة، إلا أن نسبة معتبرة من جموع المهاجرين واللاجئين والراغبين فى البحث عن فرص أفضل من منطقتنا يختارون دولا مثل بريطانيا، وهم يعلمون علم اليقين تركيبة المجتمع الذى يحلمون بالانضمام إليه.

إنه القانون الذى يحمى الحريات والحقوق، ويصون التنوع والاختلاف، ويٌحتَكم إليه وقت الخلاف.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأخلاق والتنوع والحرية 9 الأخلاق والتنوع والحرية 9



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon