واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام

واشنطن ـ طهران... أبواب الحرب ونوافذ السلام

واشنطن ـ طهران... أبواب الحرب ونوافذ السلام

 لبنان اليوم -

واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

أضحت علامة الاستفهام المخيمة على سماء المنطقة في الساعات الأخيرة من العام المنصرم، ومع انبلاج فجر العام الجديد، موصولة بفرص الحرب والمواجهة بين واشنطن وطهران، لا سيما بعد عدد من النذر والشواهد الأولية، التي تشير في مجملها إلى أن المعركة قادمة لا ريب فيها، وإن ترك المرء كالمعتاد هوامش للكواليس والأبواب الخلفية.
تبدو إيران عازمة، ومع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال رجلها في المنطقة الجنرال قاسم سليماني، على الثأر. وهو عزم عززته تصريحات عديدة، في مقدمها ما صدر عن المرشد علي خامنئي، حين أشار إلى أنه يتوجب على من أمر ونفذ اغتيال الجنرال سليماني أن يدفع الثمن، وأن الانتقام حتمي، ومتاح في أي فرصة.

يمكن للمرء أن يرى في التصريح السابق اتساقاً مع رؤية خامنئي للصراع، غير أن ما يشي بأن الملالي باتوا تحت ضغوطات داخلية هائلة، جعلت رؤوسهم ساخنة، وغير قادرة على التفكير الصائب، هو ما صدر عن الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي اعتبره البعض، عند نقطة زمنية معينة، ممثلاً للحمائم، وإن كانت وقائع التاريخ تخبرنا بأنه في إيران لا يوجد حمائم ولا صقور، وأن الأمر برمته هو تبديل أدوار وتغيير مواقع، ضمن إطار حركة مقرر ومقدر من جهة المرشد الأعلى.

روحاني قبل أيام أكد أن بلاده ستقطع رِجل أميركا في المنطقة مقابل قطعها يد سليماني، وأن طهران لن تتراجع عن الانتقام الذي هو حق لها. وضمن ما قاله أن تصويت البرلمان العراقي على إخراج القوات الأميركية كان عملاً كبيراً.

هل هذه وعود صريحة بات الشارع الإيراني ينتظر تحقيقها وإلا أضحت القيادة الإيرانية غير صادقة في عيون مواطنيها؟ وإذا كان ذلك كذلك، فهل يعني المشهد أن خطط إيران ماضية قدماً في هذه الساعات للانتقام، ومع الذكرى الأولى لاغتيال سليماني؟

الأسئلة كثيرة وسريعة، لا سيما أن التقارير الاستخباراتية الأميركية تشير إلى تدفق أسلحة غير مسبوق من إيران إلى العراق، وفي الوقت عينه تقطع بفرار قيادات عسكرية إلى طهران، خوفاً من الانتقام الأميركي.

دق إيران أبواب الحرب أو الولوج من نوافذ السلام أمر مربك، ولعل الحيرة في طهران هي السبب الرئيسي، فالملالي أمام خيارين أحلاهما مر، وحلين كلاهما أعرج؛ الانتقام لسليماني، والتعرض لجحيم الانتقام الأميركي، أو الصمت أملاً في أن يكون «العمدة الجديد»، بالتعبير الأميركي، أي الرئيس القادم، أكثر مرونة وتفاهماً، ويمكن معه تعويض خسائر إيران في السنوات الأربع العجاف لدونالد ترمب؛ لكن في المقابل ستبدو التصريحات الإيرانية الحنجورية وبالاً على مصداقية القيادات الإيرانية في أعين مواطنيهم ومريديهم في المنطقة.

هناك في واقع الأمر سيناريو ثالث لا توفره إيران في الحال أو الاستقبال، وهو توجيه سهام الانتقام إلى جيرانها في الإقليم، أولئك الذين تعتبرهم بطوناً رخوة، وهو ما قد لمَّحت إليه تصريحات أميركية عديدة الأيام الفائتة.
في كل الأحوال تظهر التحركات العسكرية الأميركية وتصريحات الجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية (سانتكوم)، أن واشنطن قابضة على الجمر، وما تحرك حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن»، وتحليق قاذفات «بي - 52» الحاملة للقنابل النووية على اختلاف أشكالها، من استراتيجية كبرى، إلى تكتيكية صغرى، ومرور غواصات نووية لتكون بالقرب من الخليج العربي، إلا إشارات يفهمها العسكريون في إيران، إن كانت لهم بقية من فهم.
لا تبدو إيران راغبة في سيادة مفهوم السلام في المنطقة بحال من الأحوال، وليس أدق على صدقية ما نقول به مما جرى في اليمن نهار الأربعاء الماضي، لا سيما أن الصواريخ التي قصفت المطار وأوقعت القتلى والجرحى، هي صواريخ باليستية بعيدة المدى، إيرانية الصنع والتدريب، وهدفها الأول والأخير كان إعاقة عمل الحكومة اليمنية المتصالحة على أمل تحرير بقية التراب اليمني الوطني.
إيران مخزون استراتيجي من الشر يكفي الخليج العربي والشرق الأوسط ويفيض على بقية العالم. إنها العقلية الثيولوجية، تلك التي تؤمن بفكر امتلاك الحقيقة المطلقة، والتي لا تقبل فلسفة المواءمات أو قسمة الغرماء. إنها لا تعرف سوى الامتلاك الكلي، والهيمنة السادرة في غيها، ولعل هذا ما دفع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى تصريحه الأخير: «لن نصبح رهينة للابتزاز الإيراني، بعدما زرع النظام الإيراني عدم الاستقرار والإرهاب في المنطقة، وبات مهدداً للولايات المتحدة ولحلفائها في المنطقة».
السؤال الجوهري والنهائي: «هل يوجد في إيران في هذه الأوقات من هو قادر على إطلاق شرارة حرب كارثية نتائجها بالمواجهة مع أميركا؟».
لن نتكهن بالجواب؛ لكن على أقل تقدير لو كان هناك عاقل في الداخل الإيراني لأدرك أن إسالة أي نقطة دم لأميركي في العراق أو منطقة الخليج، أو في أي بقعة أو رقعة حول العالم، سوف يجعل من عملية «براينغ مانتس» التي جرت في 18 أبريل (نيسان) 1988 عندما شن الطيران الأميركي هجمات على موانئ إيران أغرق فيها نصف الأسطول، وأدى إلى نهاية الحرب الإيرانية العراقية، وإعلان الخميني تجرعه كأس السم إنقاذاً لبلاده، نقول: سيجعل من هذه العملية نزهة خلوية، مقارنة بما يمكن أن يحدث.
من الآن وحتى 20 يناير (كانون الثاني)، تواجه طهران أسداً جريحاً في البيت الأبيض، رئيساً يسعى لاسترداد بعض من هيبته بأي شكل ممكن، وقد يكون الانتقام الإيراني طاقة الفرج بالنسبة له.
الغضب الإيراني غير المحسوب سوف يستبعد أوراق الدبلوماسية من على طاولة بايدن، ويفتح أبواب الحرب، ويغلق نوافذ السلام.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon