المر حلاوة اللعبة السياسية

المر.. "حلاوة" اللعبة السياسية

المر.. "حلاوة" اللعبة السياسية

 لبنان اليوم -

المر حلاوة اللعبة السياسية

عماد مرمل
بقلم : عماد مرمل

يعترف خصوم الراحل ميشال المر، قبل محبيه، بأنّ الرجل يحمل نكهة سياسية وشخصية لا تشبه غيرها. قد تخالفه او تؤيّده في مواقفه، لكن الاكيد انّ كلًا من الخلاف والاتفاق معه ينطوي على مذاق خاص.

منذ الستينيات صنع ابو الياس لنفسه حضوراً بين الارقام الصعبة في المعادلة اللبنانية المعقّدة، وهو حضور بقي وازناً في ايام الحرب والسلم على حدّ سواء. صاحب أدوار محورية في مراحل مفصلية لم تفش بعد بكل أسرارها وخفاياها.

خاض ابو الياس في غمار السياسة وفصولها حتى العظم. اختبر الإنتصارات والإخفاقات، الضوء والظل، الضوضاء والسكون، الغدر والوفاء، السلطة والإنكفاء. لم تتوقف التجربة عند هذه الحدود، بل انّ مغامرته أخذته بعيداً حتى لامس الموت الذي تحوّل بفضل العناية الالهية الى ولادة متجدّدة في محطتين، مرة عندما حاولوا اغتياله، ومرة اخرى، وهي الاصعب، حين تعرّض ابنه الياس لمحاولة اغتيال.

نجح ميشال المر في نسج علاقة مميزة مع الناس، الامر الذي حسده عليه كثيرون ممن سعوا طويلاً الى فك رموز هذه العلاقة واستنساخ شيفرتها. وبمقدار ما كان يحترف فن الدهاء السياسي على مستوى اللعبة الداخلية، كان في الوقت ذاته متخصصاً في التقاط نبض الشارع المتني ومحاكاة مطالبه، الى حدّ انّ أدبيات معظم خصومه الموجّهة ضدّه ترتكز على مقولة انّه رجل خدمات او انّه وظّف نفوذه في السلطة لتقديم الخدمات.

عوّض أبو الياس بثقله الشخصي وشبكة علاقاته عن ضعف الدولة في المتن او غيابها في كثير من الاحيان، حتى اصبح «مرجعية» لأهالي المنطقة خلال عقود من الزمن، وبالتالي، فإنّ ما يعتقد معارضوه انّها نقطة ضعف في سيرته ومسيرته، يعتبرها مناصروه واحدة من أهم نقاط قوته التي ساهمت في ان يصنع الفارق الجوهري عن منافسيه.

يحفظ أبو الياس تفاصيل المتن عن ظهر قلب. يعرف الوجوه والاسماء والأسرار والاحتياجات، وهو الذي أيقن باكراً انّ الطريق الى النيابة او الزعامة تمرّ حُكماً في دروب البلدات والقرى، حيث صنع بالتراكم قاعدة شعبية واسعة، أصبحت رصيده الوحيد في مواجهة أحزاب وتيارات مدجّجة بالقدرات.

صار ميشال المر لوحده نداً لقوى سياسية ناشطة في المتن، وبعضها متجذر فيه تاريخياً. هو أقرب الى حزب في رجل، وليس أدلّ على ذلك من انّه قاد وحيداً في الانتخابات النيابية السابقة لائحة انتخابية في مواجهة لوائح اخرى، بدا انّ قاسمها المشترك على رغم من تبايناتها المتعددة هو إحراجه.. لإخراجه.

شكّل ابو الياس علامة فارقة في معظم العهود الرئاسية، قبل «اتفاق الطائف» وبعده. نجح في التعامل مع كثير من رؤساء الجمهورية وكسب ثقتهم، على الرغم من الاختلاف في اتجاهاتهم وشخصياتهم، بل يمكن القول انّه كان شريكاً في القرار، وليس مجرد شاهد عليه، حتى كاد يكون «رئيس الظلّ» الارثوذكسي.

مع غياب «دولة» ميشال المر، ستفقد اللعبة السياسية في لبنان كثيراً من حيويتها وحلاوتها..

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المر حلاوة اللعبة السياسية المر حلاوة اللعبة السياسية



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon