بعد أن أصيب بالسعار، هل يضرب ترامب إيران

بعد أن أصيب بالسعار، هل يضرب ترامب إيران؟

بعد أن أصيب بالسعار، هل يضرب ترامب إيران؟

 لبنان اليوم -

بعد أن أصيب بالسعار، هل يضرب ترامب إيران

أكرم عطا الله
بقلم : أكرم عطا الله

يقدم علم النفس تعريفاً للمريض النفسي بأنه الشخص الذي لا يمكن التنبؤ بسلوكه، والجنون أحد أبرز الأمراض النفسية التي اهتمت مدرسة علم النفس بدراستها. ومن راقب سلوك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال سنوات حكمه الأربع، عندما فشلنا جميعاً في تقدير مسارات سياساته، يدرك أن هذا الرجل، الذي كان ينام مهدِّداً الرئيس الكوري بالنووي وفي الصباح يلتقيه، إضافة إلى الكثير من السياسات، لم يكن سوياً بالمعنى النفسي. وإن كان الكثير من زعماء العالم مصابين بنوع من الجنون كجنون العظمة وكلف مرضهم البشرية ملايين الضحايا، إلا أن جنون ترامب كان أكثر بروزاً لمن يرى.

تصاعد هذا الجنون منذ أن بدا له أن الانتخابات تهيل التراب على مرحلته التي سيكتب عنها الكثيرون أنها وصمة عار في التاريخ الأميركي، وهذا ما حاول الرئيس السابق باراك أوباما أن يقوله عن مرحلة ترامب في كتابه «الأرض الموعودة «الذي سيطرح بعد غد في الأسواق، فلم تشهد أميركا رئيساً بهذه الخفة وبهذا العبث والسخرية منذ إقامتها قبل ما يقارب قرنين ونصف القرن، ولم تشهد رئيساً يضع نفسه كدُمية في يد إسرائيل مفاخراً بأنه خادم مطيع لها.

قبل الانتخابات كان يقدم لهزيمته، قائلاً: إن الانتخابات ستكون مزيفة، قبل أن تبدأ. وفي اليوم الأول للانتخابات، كان يطالب بوقف عد أوراق الاقتراع والاكتفاء بالأوراق التي سجلت تقدمه، وحين بدا أنه سيغادر المسرح بدأ يتصرف بجنون أبعد، محطماً ما تبقى في المؤسسة التي قادها، ليقيل حتى من ينظر إليه بعين الشفقة أو من ينصحه بالتسليم بالهزيمة. ولم يتوقف الأمر عند وزير الدفاع مارك أسبر، بل أصبح ترامب يتصرف كمن أصيب بالسعار أو بجنون العظمة الذي رافق كل الزعماء العرب الذين اعتقدوا أن التاريخ اختارهم لتصويب مساره ولا يتصورون أنهم يسقطون، فنهاية ترامب شبيهة تماماً بنهايات زعماء العرب قبيل السقوط وسلوكه يشبه سلوكهم.

لن يذكر التاريخ ترامب أكثر من أنه كان دمية في يد بنيامين نتنياهو، ونفذ كل ما طلبه هذا الأخير، بل زاد عليه أكثر؛ فقد تبنى كل البرامج السياسية الإسرائيلية التي أنتجتها مراكز الدراسات على امتداد عقود ماضية، أراد نتنياهو أن يستغل وجود الرئيس الدمية لينهي كل المشاريع دفعة واحدة، هكذا فعل أو حاول في الملف الفلسطيني، وكذلك بإرغام دول عربية ضعيفة على إشهار علاقاتها وكسر خطوط حمراء في السياسة الدولية فيما يخص القدس والجولان، وحصار إيران التي شكلت هاجساً لنتنياهو على امتداد فترة حكمه.
الآن يغادر ترامب الذي نذر نفسه لإسرائيل، ويأتي بايدن الذي سيعيد الاتفاق الذي أبرمه سلفه الديمقراطي أوباما مع إيران، وهو ما حاول رئيس وزراء إسرائيل الاعتراض عليه بشتى الوسائل قبل أن يطالبه أوباما «بالسكوت لأن هذا أمر يتعلق بالمصلحة الأميركية» وليس الإسرائيلية.

هذا الأمر يشكل هاجساً لدى نتنياهو ومع رئيس بهذه الخفة وعلى وشك أن يغادر في أسابيعه الأخيرة، ومستعد لفعل كل شيء من أجل إسرائيل، لذا لم يستبعد المراقبون أن تكون فعلته الأخيرة هجوماً أو ضربة على إيران. هذا الأمر عززه إقالة وزير الدفاع وبعض أركان الوزارة، وبعض التحركات في المنطقة، من ضمنها لقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، مع رئيس الأركان القطري، حيث قاعدة العيديد التي تنطلق منها القوات الأميركية في عدوانها على أيّ دولة في المنطقة، كما حدث مع العراق.

هناك عدد من المؤشرات التي تجعل الاعتقاد بأن السعار الذي أصيب به ترامب قد يدفع بهذا الاتجاه. فشخصية الرئيس الجامحة تحتمل هذا القدر من التحليل، وتأثير نتنياهو على الإدارة الحالية يزيد من ذلك الاحتمال، والتحركات التي يتم تسريب جزء منها تجعل من المنطق التفكير بذلك، وهو ما يمكن مراقبته في إسرائيل التي أجرت مناورة كبيرة في المناطق الشمالية أثناء مفاوضات ترسيم الحدود التي تتعارض مع هذه المناورة، والتصريح الإسرائيلي بأن إسرائيل ستعامل بقسوة مع أي صاروخ ينطلق من غزة، كأنها تشير إلى منطقتين تعتقد أنهما ستشتعلان في حال ضرب إيران، وإن كانت المنطقة الشمالية مؤكدة، ما استدعى مناورة الشمال.

ترافقت التحركات الإسرائيلية مع قرارات ترامب التي أثارت قلق ريتشارد هاس أحد أبرز المفكرين السياسيين، الذي ينظر بخطورة إلى ما سمّاه «تجريف وزارة الدفاع من كوادرها» وإحلال الموالين لترامب. وتشير بعض الأوساط إلى أن الأمر سيصل لرئيسة وكالة المخابرات المركزية «جينا هاسبل»، وهو ما جعل المتحدث باسم وزارة الدفاع، ديفيد لابان، يعتبر أن «كل ما يحدث من تحركات ليس منطقياً، وبالتالي يدعو للقلق»، وهو ما دعا وزير الدفاع المقال أن يطلب المساعدة من الله؛ لأن بديله من صنف الرجال الذين يقولون نعم لترامب. فما الذي ينوي ترامب فعله؟

رغم كل الصخب الصادر والفوضى التي يحدثها ترامب، أغلب الظن أن الدولة الأميركية العميقة والجيش الأميركي الذي كان تصريح رئيس أركانه لافتاً، يمكن أن تلجم أي مغامرة يقدم عليها مورطاً الجيش والإدارة الجديدة والدولة الأميركية. فالحرب مع إيران في حالة استهدافها لن تكون سهلة، وإن كانت الخيار الأخير لنتنياهو قبل مغادرة خادمه المطيع، وقد تصل لمنافذ إمدادات النفط، ولأننا على أبواب الشتاء لا تحتمل أوروبا وكذلك الاقتصاد العالمي المهزوز بسبب «كورونا». فإيران لم تخض حرباً رغم الاعتداءات عليها؛ لأنه لم يتم تهديدها داخلياً أو تهديد النظام، لكن عندما تهاجم في الداخل سيختلف الأمر في الخليج، وكذلك الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل، فلو كانت الحرب على إيران نزهة لتمت منذ زمن، وهكذا علق الثنائي (نتنياهو وترامب) الآن أمام خيارين، وكلاهما سيّئ: الحرب على إيران بتداعياتها الكبيرة، أو عدم الحرب وانتظار الاتفاق مع بايدن...!!!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد أن أصيب بالسعار، هل يضرب ترامب إيران بعد أن أصيب بالسعار، هل يضرب ترامب إيران



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 10:26 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

قيود لحماية المراهقين على تطبيق "فيسبوك" و"إنستغرام

GMT 05:28 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

نسرين طافش تَسحر القلوب بإطلالة صيفية

GMT 17:42 2022 الأحد ,23 كانون الثاني / يناير

3 فنادق فخمة في روسيا من فئة الخمس نجوم

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 08:42 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

اتجاهات الموضة في الأحذية لربيع عام 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon