المنظومة العربية والرهان على إدارة بايدن

المنظومة العربية والرهان على إدارة بايدن؟!

المنظومة العربية والرهان على إدارة بايدن؟!

 لبنان اليوم -

المنظومة العربية والرهان على إدارة بايدن

هاني حبيب
بقلم : هاني حبيب

لم تنتظر المنظومة الرسمية العربية التسلّم الرسمي لمفاتيح البيت الأبيض من قبل الإدارة الديمقراطية برئاسة جو بايدن، بل سارعت إلى اتخاذ خطوات تمهيدية للتعامل مع المعطيات المرتقبة للسياسة الخارجية للإدارة الجديدة، وذلك في سياق مقاربة مختلفة عمّا كان الأمر عليه إبان الإدارة الجمهورية السابقة برئاسة دونالد ترامب، حيث اعتمدت هذه الأخيرة سياستها في إطار ما تسمى «صفقة القرن»، وذلك بحسم قضايا الصراع على الملف الفلسطيني الإسرائيلي: القدس، واللاجئين، والسيادة، والأرض، والمستوطنات، لصالح إسرائيل، وفرض هذه السياسة من دون الحاجة إلى عملية تفاوضية، بل من خلال تعزيز الأمر الواقع عبر خطة الضم، مع التجاهل الكلي للجانب الفلسطيني الذي عوقب نتيجة لرفضه هذه الصفقة بقطع التمويل الأميركي عنه وعن «الأونروا»، وبإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وتعزيز هذه الصفقة من خلال دعم «خطة أبراهام» حيث موجة تطبيع عربية غير مسبوقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

المقاربة الجديدة في ظل الإدارة الديمقراطية تعتمد على جملة التصريحات التي أدلت بها الحملة الانتخابية لبايدن: لا عودة عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، لكنه سيعاد فتح القنصلية الأميركية فيها للتواصل مع الفلسطينيين، مع معارضة واضحة لخطة الضم والاستيطان، لكن من دون ذكر مصطلح احتلال، وإعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن، واستئناف الدعم المالي للأونروا.. كل ذلك تحت عنوان حل الدولتين والأرض مقابل السلام، وهذا سيعتمد أساساً على أنّ السياسة الخارجية الأميركية الجديدة ليست جديدة حقاً، بل هي امتداد لتوجهات الحزب الديمقراطي، خاصة إبان ولايتي أوباما، وبالتالي هذه سياسة تقليدية باتت معروفة ومن شأنها استعادة العملية التفاوضية، بحيث يكون الجانب الفلسطيني طرفاً أساسياً فيها، خلافاً لما كان الأمر عليه إبان الإدارة الجمهورية، مع الالتزام التقليدي المطلق بأمن إسرائيل وتعزيز تفوقها في سياق التحالف الإستراتيجي بينهما.

وتستعجل المنظومة العربية، من خلال عدة تمهيدات، التعامل مع السياسة الخارجية  في ظل إدارة بايدن، مع أنّ هذه الأخيرة من المستبعد أن تضع على قمة أولوياتها الملف الفلسطيني الإسرائيلي؛ ذلك أنّ أولوياتها ستكون إيران والصين وروسيا، وتحسين العلاقات مع أوروبا وحلف شمال الأطلسي. مع ذلك يلاحظ أنّ تمهيدات المنظومة العربية أخذت تخطو بجدية وسرعة؛ لتوفير مناخات تؤهل السياسة الأميركية للتعامل مع هذه الملفات، ولكي تسهل على إدارة بايدن الانتقال من مرحلة «صفقة القرن» إلى العودة لمرحلة حل الدولتين والأرض مقابل السلام، والانتقال من تجاهل الجانب الفلسطيني إلى الزجّ به في سياق عملية تفاوضية تلعب الخارطة السياسية العربية المستجدة، على ضوء عملية التطبيع التي كانت جزءاً لا يتجزأ من «صفقة القرن»، دوراً رئيسياً وفاعلاً بها. إنّ استعادة الاهتمام الأميركي بالقضية الفلسطينية، بعد الاهتمامات بالمسائل الخارجية الأخرى، تهدف إلى الضغط على الجانب الفلسطيني من قبل إدارة بايدن، وبإسناد من بعض الأطراف العربية؛ للضغط على الفلسطينيين لدفع ثمن باهظ من أجل إعادتهم إلى جدول أعمال العملية التفاوضية.

هذه التوجهات العربية تتجاهل العامل الإسرائيلي المتعلق بالفوضى الداخلية الحكومية، واحتمالات متزايدة لانتخابات تشريعية تجعل الجانب الإسرائيلي منشغلاً بأوضاعه الداخلية لقرابة عام كامل، خاصة أنه مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض ستكون المحاكم الإسرائيلية قد بدأت محاكمة نتنياهو في قضايا ملفات الفساد، ما يجعل الجانب الإسرائيلي أكثر انشغالاً وأقل استقراراً، وبحيث لا تصبح ملفات العملية التفاوضية قيد اهتمامه.

من هنا يمكن فهم التطورات المتسارعة الأخيرة على الصعيد الفلسطيني العربي، تطورات لا يمكن الفصل بين كل مفردة والمفردات الأخرى، وعلى الأخص القمة الأردنية الإماراتية البحرينية، وحديثها عن حل الدولتين والتمسك بالمبادرة العربية! في وقت استبقت فيه القيادة الفلسطينية استعداد الملك الأردني للوساطة بين السلطة الفلسطينية والإمارات بإعادة سفيرَيها لأبو ظبي والمنامة، بعد ساعات من أول زيارة لوزير خارجية بحريني لإسرائيل والإعلان عن تبادل السفراء بينهما، وكذلك استعادة اللجنة الرباعية الدولية التذكير بها بالدعوة إلى عقد اجتماع فلسطيني إسرائيلي في سياق مؤتمر دولي بمشاركة عربية. ويبدو أنّ التجمعات التطبيعية والمؤتمرات العربية، والتحولات الأخيرة بشكل عام، تهيئ نفسها للانضمام العربي لمثل هذا المؤتمر، وذلك الاستثمار لقرار القيادة الفلسطينية باستئناف التنسيق مع إسرائيل.

علينا الانتظار وقتاً أطول ممّا تقدره المنظومة العربية والفلسطينية، قبل أن ندرك أن الإدارة الأميركية الجديدة ربما لا تجعل من الملف الفلسطيني الإسرائيلي أحد اهتماماتها الرئيسية؛ باعتباره ليس ضاغطاً عليها.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنظومة العربية والرهان على إدارة بايدن المنظومة العربية والرهان على إدارة بايدن



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon