عن لبنان الجديد

عن لبنان الجديد!

عن لبنان الجديد!

 لبنان اليوم -

عن لبنان الجديد

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

أخذت دقات التغيير تطرق أبواب لبنان بشدة، بعدما نجحت «نترات الأمونيوم» في التسلل إلى السراي الحكومي، لتحرق من فيه - سياسياً - من الرئيس وحتى الوزراء، ولتحيل مبنى حكومة دياب إلى ركام سياسي، ولتعطي زخماً دولياً ومحلياً لمسألة وضع خارطة جديدة لمستقبل لبنان.

ومعنى ذلك، أن الحكم في المرحلة المقبلة، سيكون تعددياً انتقالياً مرحلياً لسنتين وعلى بركة الطوارئ، أما النقاش حول شكله فسيأخذ مداه ويحال ترتيبه إلى الغرف المغلقة.
على كل حال، لم يسعف المشهدان الداخلي والدولي المرتبطان بـ»بالانفجار» حسان دياب، بل كانا أكبر وأقوى منه. حضورهما فجأة ومن خارج أي سياق أسقط مبررات استمرار الحكومة، حتى الحلفاء لاذوا عنه هاربين طمعاً في إغراء تقدم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الأخيرة للبنان، «حكومة وحدة وطنية» بضمانة فرنسية لتخفيف القيود وكسر الحصار عن لبنان».

وفي الوقت التي كانت حكومة دياب تتهاوى، كان القواتيّون والكتائبيون والاشتراكيون يفركون أيديهم غبطة.
وحده سعد الحريري كان صامتاً، وفي صمته أكثر من علامة. فللحريري حسابات أخرى، وما زال يتعامل مع الموضوع، بحذر متناه، خشية من مغبة إيقاعه في فخ ما، والتجارب مرة.
 وبدا الحريري كأنه تحت تأثير «الصدمة الفرنسية». ففي قرارة نفسه، يعتقد أن طرح الرئيس الفرنسي القائل بحكومة وحدة وطنية يعنيه بالاسم، وعليه أن يستعد لقبول حكومة أقطاب ربما يشارك فيها جبران باسيل شخصياً.
لذا اتخذَ قراره بالتموضع في الوسط، يُساير الثنائي الماروني - الدرزي، ويُغازل الشيعي، ولم يهاجم «حزب الله» على خلفية انفجار المرفأ.

على الرغم من أنه لا توجد جهة في لبنان ولا غير لبنان، قادرة على تصديق رواية حسن نصر الله، بأنه لا شأن للحزب في مرفأ بيروت، ولا يعلم ما يدخل إليه ولا ما يخرج منه، ولا يستعمله في الحصول على أسلحة، ولا يعلم الحزب بوجود نيترات الأمونيوم به، ووصلت الاتهامات لـ»حزب الله» إلى حد القول: إن كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم كانت قد سُحبت من المرفأ لاستخدامها في عمليات عسكرية، وذلك طبقاً للخبير الروسي فيكتور موراخوفسكي الذي تحدث عن سرقة كميات كبيرة منها وأن الكمية المتبقية هي التي انفجرت، لأن انفجار 2750 طناً كان سيؤدي حتماً إلى إزالة بيروت عن الخارطة.

ويدرك سعد الحريري أنه رغم الدفع الدولي لحكومة إنقاذية في لبنان، إلا أن التدخلات الدولية - زيارة ديفيد هيل، وزيارة جواد ظريف للبنان في نفس اليوم، وزيارة وزيرة الجيوش الفرنسية - وتضارب الأجندات، قد يجعل من تشكيل الحكومة في مهب الريح، لمصلحة الفراغ القاتل.

فالفرنسيون الذين يبحثون عن فضاءات إيجابية تنقلهم إلى مستوى طرح انتخابات نيابية مبكرة وفق قواعد جديدة، ما زال يحكمهم هاجس إعادة استنهاض اتفاقية توزيع السلطة التي كرست في تفاهم الدوحة ٢٠٠٨، وبالتالي هم يعتبرون أن السلطة التي انبثقت عن انتخابات ٢٠١٨ نقيض لتلك الاتفاقية.

بمعنى أوضح، يردون حالياً من خلف طرح إعادة حكومة الوحدة الوطنية، العودة إلى نموذج ٢٠٠٨، أي توزيع السلطة بين اللبنانيين على أساس رئاسة جمهورية لـ ٨ آذار ورئاسة مجلس وزراء لـ١٤ آذار، وانتخابات مهما أتت نتائجها تؤدي إلى نشوء حكومة وحدة وطنية!

بينما المبعوث الأميركي – بالإضافة إلى مهمته في ترسيم الحدود البحرية - أعطى رسماً تشبيهياً، للحكومة المقبلة، بأن تكون حيادية وتعكس إرادة الشعب اللبناني وتحقق الإصلاح وتكافح الفساد، وتعتمد المساءلة.

 ولا يبدو المشهد الداخلي في لبنان سهلاً، ويؤشر إلى ولادة قريبة للحكومة اللبنانية، لملاقاة الكارثة التي حلت في بيروت، ومعالجة الوضع الاقتصادي المنهار، فالمعطيات الجدية والموثوقة تؤكد أن سعد الحريري الرقم الأول في الطائفة السنية، لن يغطي أحداً في موقع رئاسة الحكومة، ولن يهرول نحو العودة إليها من دون توافر الشروط الصارمة التي تتيح إنجاح حكومة نوعية بمواصفات قادرة على اجتراح إستراتيجية إنقاذية، وهو يرغب بالعودة إلى رئاسة الحكومة بشروط تعتبرها مصادر سياسية غير قابلة للتنفيذ، كونه يطلب موافقة كل الكتل النيابية على تكليفه، ومن ثم إطلاق يده في التأليف واختيار وزراء من الكفاءات مع مراعاة موازين القوى، وكذلك الحصول على صلاحيات استثنائية.

كما أوكل الحريري أمره إلى قصر الإليزيه في مسألة تأمين التوافق الدولي والخليجي حوله. وهو أبلغَ من يعنيهم الأمر بأنه في حلٍ من أي دخول للسراي متى كان هذا الدخول من خارج أي إجماع دولي – سعودي – إقليمي. لذلك يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاورات التأليف والتكليف من الخارج بهدف ترتيب المسرح.

فالحريري يريد أن يحظى بعودة ناجحة ومختلفة، مستفيداً من النظارة الدولية التي افتتحت على بركة مراقبة الأداء السياسي في لبنان، وأن تحمل القوى السياسية على أداء مختلف في السلطة. وهو يريد في الحقيقة أن يقلم أظافر العهد الذي كان يتهمه بالتدخل في أعمال رئاسة الحكومة، وأن يحد من قدرة جبران باسيل على التخريب بشكل مباشر أو غير مباشر.

في حين تدفع بعض مكونات الرابع عشر من آذار صوب حكومة حيادية يرأسها مندوب لبنان في الأمم المتحدة نوّاف سلام أو من يزنه في السياسة من ضمن موافقة صادرة عن بيت الوسط، تسعى لأن تتشكل من نواة مصغرة أقرب إلى حكومة من «١٠ وزراء يُحال إليها الحكم الفعلي،

وترى أوساط مقربة من بعبدا، أن طرحاً من هذا النوع يستفز رئاسة الجمهورية وفيه نوايا مبيتة لإحالتها إلى تقاعدٍ سياسيٍ مبكر قبل عامين من انتهاء عمر العهد، بحيث يتحول ميشال عون إلى نسخة قريبة من حالة الرئيس إميل لحود، أي إلى رئيس من دون قدرة على الحكم، وهذا أمر غير وارد. وتؤكد «بعبدا «أن «النيترات» المنبعثة جراء انفجار المرفأ وعلى شدته لن يحول المكتسبات السياسية للتيار العوني إلى ركام، ونقطة انتهى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن لبنان الجديد عن لبنان الجديد



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon