السلام في حياة الأُمم والدول

السلام في حياة الأُمم والدول

السلام في حياة الأُمم والدول

 لبنان اليوم -

السلام في حياة الأُمم والدول

رضوان السيد
بقلم: رضوان السيد

سمعتُ برنامجاً في إحدى القنوات حول آثار حرب أوكرانيا في حياة الأُمم والدول. قال مقدّم البرنامج إنّ الدرسَ الأولَ من الحرب، والذي يسلّم به الجميع الآن، أنه لا حياةَ للأُمم من دون الدولة الوطنية القوية.
أما الدرس الثاني فهو أنه لا حياةَ ذات مستقبل من دون السلام. أما الدرس الثالث فمفاده أنه لا ينبغي أن تضع بيضك في سلةٍ واحدة. وبالطبع هذه الدروس كلّها واضحة المغزى، وأحسبُها ما كانت غامضةً حتى قبل الحرب الأوكرانية. فالمقصود من الدرس الأول أنه لو لم تكن في أوكرانيا دولة وطنية قوية لانهارت البلاد منذ الشهر الأول. والحرب في هذا المعرض لا تتناول الحكومةَ المستقرةَ فقط، ولا تتناول القوةَ العسكريةَ والتسلحَ فقط، بل وسائر المسائل الحياتية التي تشمل مختلف المرافق في حياة المواطنين وهم يناهزون في أوكرانيا الخمسين مليوناً.
وسأُقدّم الدرسَ الثالثَ قبل الثاني، وقد عنى به مقدّم البرنامج أنه ما كان للأوروبيين أن يعتمدوا وحسب على البترول الروسي والغاز الروسي الذي حرموا أنفسهم منه عقاباً لروسيا على حربها! وروسيا لم تتعطل، بل انصرفت للتصدير نحو الصين والهند، بينما اضطر الأوروبيون للاعتماد على الولايات المتحدة، سواء لجهة إمدادات الطاقة أو لجهة الاحتماء بها من الحرب وآثارها.
ما علةُ ذلك كلّه؟ علتُه أنّ الأُمم لا تحيا ولا تتطور إلاّ بالاستقرار السياسي والمجتمعي الذي يصنعه السلام. فالخيارات في الحروب محدودة، وكلها خيارات، بل إجبارات الضرورة. عليك أيها السياسي ألا تتجاهل احتمالات الحرب، لكنك لا تستطيع أن تعتبر الحروبَ وأخطارَها أساساً للتخطيط للحاضر والمستقبل. وقد اعتبر الأوروبيون الحربَ العالمية الثانية التي انطلقت من عندهم وشملت العالَم، اعتبروها نهايةَ الحروب، وانصرفوا بالاستقرار والسلام لتطوير أنفسهم وبلدانهم باعتبار ذلك أمراً مؤبَّداً. وهكذا، ولأنهم فوجئوا بما حصل، فقد سارعوا للبحث عن بدائل مؤقتة ستكون لها عواقب خطيرة في المستقبل القريب.
وإذا كانوا قد بدَوا حتى الآن على شيء من الصلابة، فليس الأمر كذلك لدى الأفارقة مثلاً والذين يبحثون عن الطاقة والغذاء وهي مسائل حياةٍ أو موت، وليست لديهم إمكانيات ولا طاقات لضمان البدائل. وبالطبع فإنّ الافتقار إلى الضروريات ينشر الفوضى والاضطراب.
فلننظر في الفروق الآن بين سوريا وتركيا في حالة الزلازل. كانت الزلازل أقسى على تركيا بكثير، ما بين خمسين ألف قتيل فيها وستة آلاف قتيل بسوريا. وتهدُّم أربعين ألف بناء في تركيا وتصدع مائة ألف، وثمانية آلاف مبنى في سوريا ولا إحصاء للمتصدع. الدولة التركية تقول إنها ستعيد بناء ما تهدم خلال عام، بينما في شمال غرب سوريا لا سلطة ولا مَن يميز بين الميت والحي!
أما الفرق الآخر فهو أنه في تركيا دولة قوية وسلام داخلي، بينما في شمال سوريا حروبٌ منذ العام 2012. سوريا بحاجةٍ وجوديةٍ إلى السلام، والسلام في حالتها لا تصنعه غير الدولة التي تستطيع التفكير بالغذاء والدواء والطاقة والعمران ووسائل الحياة الإنسانية الأُخرى.
اجتمع أعضاء مجموعة العشرين وتحدثوا كثيراً عن السلام، لكنهم لم يستطيعوا إصدار بيان يدعو إلى إنهاء الحرب، لمعارضة روسيا والصين. وكان أستاذنا الراحل هانز كينغ يقول: لا سلام في العالم إلاّ بالسلام بين الأديان، ولا سلام بين الأديان إلا بالاتفاق على أخلاق عالمية مشتركة. لقد تجاوز الأمرُ الأديانَ ونزاعاتِها، وصارت الحروبُ وباءً عالمياً تتجاوز أضرارُه الأوبئةَ والاختلالَ المناخي.. والزلازل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلام في حياة الأُمم والدول السلام في حياة الأُمم والدول



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 18:24 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الممثل التلفزيوني جاك أكسلرود عن عمر ناهز 93 عاماً

GMT 17:21 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 23 أبريل / نيسان 2024

GMT 12:44 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأفلام الأجنبية في عام 2023

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 17:09 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المغنية الأميركية الشهيرة لولا دي عن عمر ناهز 95 عاماً

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon