الرحلة السعودية في حاضر العرب ومستقبلهم

الرحلة السعودية في حاضر العرب ومستقبلهم

الرحلة السعودية في حاضر العرب ومستقبلهم

 لبنان اليوم -

الرحلة السعودية في حاضر العرب ومستقبلهم

بقلم: رضوان السيد

ما كاد الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، يصل إلى الولايات المتحدة حتى بدت ثمار الجهود الكبيرة التي بذلتها الدبلوماسية السعودية طيلة عامين ونيّف من أجل إنهاء حرب غزة، واستعادة القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح... فقد أقر مجلس الأمن المشروع الأميركي بشأن المرحلة الثانية من إنقاذ غزة وإحلال القوات الدولية لترتيب سلامها، واستشراف مشروع الدولة.

جمعت المملكة العرب والمسلمين لمواجهة حرب الإبادة... وبعد استقبال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مضى السعوديون مع الفرنسيين باتجاه نشر المشروع على المستوى الدولي، حيث جمعوا حوله أكثر من 150 دولة. ولو قارنّا بين خطاب الرئيس ترمب قبل عام وخطابه الحالي، لتبين لنا أنّ الإدارة الأميركية (وبتأثيرٍ من الضغط السعودي) تحول موقفها 180 درجة... فبدلاً من التهجير وأفكار «الريفييرا»، صار سلام غزة غاية، وكذلك الرؤية الأخرى للقضية الفلسطينية. لقد أنجزت المملكة كل ذلك دونما اهتمامٍ بدعايةٍ كبيرة أو كثيرة. وكانت زيارة ولي العهد فرصةً لتشاور تفصيلي في كل ما يتصل بفلسطين والمستقبل القريب. أما «الاتفاقيات الإبراهيمية» فهي جيدة كما ذكر ولي العهد؛ لكن بعد حلّ الدولتين.

تتحمل المرجعية السعودية أعباء مواجهة الأوضاع الخطيرة، ليس في فلسطين فقط، بل وفي سوريا أيضاً، حيث رعت التغيير منذ بداياته، ولا يزال ولي العهد يطالب برفع العقوبات عن سوريا في الكونغرس. وما نسي وليُ العهد والرئيسُ لبنانَ، وحربَ السودان؛ وبين أميركا والسعودية «منصة جدة» للحلّ التفاوضي في البلد الذي تكاد تقضي الحروب عليه. وما بقي موضوعٌ في العلاقات الدولية إلا جرى الحديث فيه، وكانت لولي العهد مواقف محدَّدة، وكان الرئيس الأميركي سريع الاستجابة. حتى في الموقف من إيران، بدا من إجابة ولي العهد أنه حريص على ألا تتكرر الحرب من جديد، وأنه يعتزم التوسط للعودة إلى التفاوض.

أشاد ولي العهد بالرئيس ترمب بوصفه صانع سلام. وأراد الرئيس إشراك الأمير محمد في مبادراته. كما عبّر عن إعجابه بتقدم السعودية في مجال حقوق الإنسان.

ومع أنّ برامج التعاون الثنائي كانت معروفةً من قبل، لكنها بدت؛ لكثرتها وضخامتها وشمولها، مذهلة. صارت الاستثمارات تريليون دولار. وهي في سائر مناحي التقدم التكنولوجي، والذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والمعادن النادرة، والمجال الدفاعي (تزويد السعودية بطائرات «إف35 - F35»)... هذا إضافةً إلى التفكير في الملف النووي السلمي.

وقد تطرق ولي العهد إلى مرحلة أسامة بن لادن، وأنه كان يريد من وراء أعماله الإرهابية ضرب العلاقات القوية والتحالفية بين واشنطن والرياض. لكنّ التعاون بين الطرفين في مكافحة الإرهاب ظلَّ عنواناً بارزاً.

ومن اللافت للانتباه أنّ التنظيمات الفلسطينية المسلحة كلها، بما فيها «حماس» بالطبع، أعلنت موقفاً واحداً ضد المشروع الأميركي في غزة وفلسطين، بما في ذلك «القوة الدولية» و«مجلس السلام». بينما رحّبت المملكة والسلطة الفلسطينية بالمشروع الأميركي الذي أقره مجلس الأمن، وحدث انقسامٌ في إسرائيل نتيجة المشروع، وبدت إيجابيةُ بنيامين نتنياهو ملغومةً للخوف على «مصائر» حكومته.

في فلسطين، كما في السودان وليبيا وسوريا ولبنان والعراق، موقف ولي العهد واضح منذ سنوات: ميليشيات التحرير والتبرير هي العدو الرئيسي لمشروع الدولة، ولا بد من تنحيتها عن المجالين السياسي والأمني كي تقوم الدولة.

ما معنى ذلك كله؟

الزيارة تاريخية بالفعل، وهذا الذي عبّر عنه ولي العهد وهو يعدّد مجالات التعاون واتساع آفاقها، ومن ضمنها «النووي السلمي»، والشراكة في شتى المجالات. هو بناءٌ هائلٌ لدولةٍ قويةٍ جداً، وتأتي قوتها من تقدمها بمقاييس العصر، وصنع الجديد والمتقدم، بحيث تحمي سلامها وسلام الخليج، وتستعيد الدولة في الشرق الأوسط أو المشرق العربي.

وهكذا فللزيارة عمودان: التعاون الثنائي المنقطع النظير، وتقدم المملكة إلى الصدارة بوصفها المرجعية في استعادة الدولة في العالم العربي، وإحلال السلام بحل الدولتين في فلسطين، والالتفات إلى كل «الكيانات» التي هددت وجودها الحروب الداخلية ونفوذ الدول المجاورة.

منذ أيام الملك عبد العزيز كانت العلاقات السعودية - الأميركية جيدة ومتميزة، باستثناء الحقبة المضنية التي صار أسامة بن لادن رمزاً لها. وهي حقبة تجاوزتها المملكة مع أميركا منذ زيارة ترمب الأولى عام 2017. إن الجديد في العلاقات ليس مجالات التعاون الكثيرة فقط، بل أيضاً الشراكة القائمة على المصالح المتبادلة من جهة، ومن جهة أخرى الدور «الجديد - القديم» للمملكة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط باتجاه المشرق العربي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحلة السعودية في حاضر العرب ومستقبلهم الرحلة السعودية في حاضر العرب ومستقبلهم



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon