سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

 لبنان اليوم -

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

رضوان السيد
بقلم - رضوان السيد

سبق العراقيون والأردنيون إلى القول: العبرة بالأعمال وليس بالأقوال! بل وأضافوا إلى ذلك المخاوف على الأقليات فبدا بعضهم مثل المستشرقين من دعاة الحضارة والتحضير. فهل هناك بالفعل دواعٍٍ ومؤشرات للقلق والتوجُّس؟ الجولاني أو الشرع يمدد المرحلة الانتقالية إلى ثلاث أو أربع سنوات. والخمسون ضابطاً الذين تعينوا لتشكيل الجيش الجديد بينهم ستةٌ من غير السوريين من «الجهاديين» السابقين شأن الجولاني نفسه. وأسوأ ما يقع فيه نظام قديم أو جديد التجرؤ على القتل ويقال إنّ ذلك يحصل. والقتال لا يزال يشتعل في شمال وشمال شرقي سوريا مع «قسد»؛ فإذا كان النظام الجديد على هذه العلاقة الوثيقة بتركيا، أفلا يمون عليهم لوقف القتال والحديث المباشر مع الأكراد السوريين بدلاً من انتهاء كل «نهضات» الأكراد إلى مذابح منذ قرن ونيف. يلجأون إلى دولةٍ كبرى فتعطيهم من طرف اللسان حلاوةً حتى إذا انقضت المهمة تركتهم لمصيرهم!

المؤشر الرئيس ذو المعنى الإيجابي: الاتجاه لعقد المؤتمر الوطني المنشود لصنع الشرعية الجديدة. المؤتمر الوطني الكبير يعني مشاركة الفئات السورية الأخرى غير «هيئة تحرير الشام» وحلفائها. قالوا إنّ كل التنظيمات المسلحة ستُحلّ بما في ذلك «هيئة تحرير الشام». لكنّ الضباط الجدد للجيش السوري الجديد هم من التنظيمات المنحلة فما الفائدة؟ لماذا لا يكون المنشقّون ذوو الخبرة والتجربة في قوام الجيش الجديد؟ وهل لا يزال ذلك وارداً أم يحصل ما حصل بالعراق، بحيث انضمّ إلى «داعش» هناك آلافٌ من الجيش المنحلّ بطلبٍ من الميليشيات القادمة من إيران ومن المهاجر الأوروبية والأميركية والأسدية. لا ينبغي أن يتشرذم الجيش القديم ويجري استخدامه من إيران وغيرها في اضطراباتٍ داخليةٍ مصطنعة! المحنة أن الضباط الكبار - ممن لم ينشقوا - أشركهم النظام البائد في قمع الشعب السوري، وتتفوق عليهم في ذلك الأجهزة الأمنية المتكاثرة والتي عملت في القمع والإرهاب ومع الإيرانيين والروس؛ إضافةً إلى التنظيمات المسلَّحة التي تجندت لدعم النظام ممن سماهم الشعب السوري: الشبيحة. إنّ استخدام الجيش الوطني في قمع الداخل، وإعادة تشكيله من حزبيي النظام السائد تبدو آثاره في أزمنة التغيير، وهذا ظاهرٌ في سوريا وليبيا والسودان والعراق، بينما بقي مصوناً في تونس ومصر. فالعملية معقّدة، وتحتاج إلى عنايةٍ شديدة، وتفيد فيها التجارب المصرية والسعودية. أما إذا صارت التنظيمات المسلحة جيشاً باعتبارها هي التي أسقطت النظام ومن حقها الحلول محله، فسيكون الأمر مثل الجزائر التي يحكمها جيش التحرير منذ الستينات بعد الاستقلال.

الظاهرة الإيجابية الأخرى إلى جانب المؤتمر الوطني الموعود: الاحتضان العربي وفي الطليعة مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية. سيشمل ذلك بالطبع إعادة البناء وليس في العمران وحسب، بل وفي المسائل الفنية والتقنية والمرافق والحركة التجارية والمصانع، والعلاقات مع الجوار والخارج العالمي. الذين رأوا أخيراً دمشق ودرعا وحلب أشادوا بالجمال والسكينة وفرح البسطاء بالحرية. لكنهم جميعاً قالوا: كأنّ هذه المدن متروكة على ما كانت عليه في مطالع الستينات! فالبؤس الإنساني ظاهرٌ في كل شارعٍ وزاوية. ذكّرني طبيبٌ من حلب بمقولة الأسد الأصغر: الأسد أو نحرق البلد! فما لم يتخرّب أو يحترق باقٍ من زمان الستينات قبل الإنعام على سوريا بحكم «البعث» عام 1963. السوريون وهم شديدو النشاط والإبداع في المهاجر التي ذهبوا إليها بالملايين سيتمكنون من النهوض ببلادهم من جديد إذا حماهم العرب من الاستبداد التجميدي باسم «البعث» أو باسم الإسلام الأصولي، وحموهم من التحرش الإيراني وربما الميليشياوي العراقي والسوري «الداعشي».

ويُنشر الكثير الآن عن الخوف من الإمبراطورية التركية. بعضهم مثل اللبنانيين يذكرون حتى جمال باشا في الحرب الأولى. ويتشدق آخرون بالخلافة ومطامح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في البر والبحر. وينبهون إلى أن الأتراك موجودون اليوم عسكرياً في سوريا وليبيا والصومال وجيبوتي وربما في السودان! الهدف العلني لإردوغان: التخلص من حزب العمال الكردستاني عند «قسد» وأمن الحدود المستقبلي. لكنّ العلاقات التركية تحسنت كثيراً مع المملكة ومع مصر وهي حسنة دائماً مع قطر. والأتراك والأميركيون هم الذين يدعون إلى دورٍ عربيٍّ في سورية. لا يستطيع أحدٌ أن يطغى إذا أصرّ العرب على الحضور، وعدم الانسحاب مثلما حصل في العراق وليبيا وفلسطين. لقد عادوا إلى فلسطين من بوابة الدولة الوطنية، ويعودون إلى سوريا ولبنان من البوابة ذاتها.

الشارة في سوريا كانت خضراء، لكنها بعد شهرٍ لا أكثر تتحول صفراء. لا يزال الجميع غائصين في تشريح مصائب النظام البائد. والمطلوب البدء في تشخيص ونقد ومتابعة خطوات تكوّن النظام الجديد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon