الحرب التي أولُها الكلام

الحرب التي أولُها الكلام!

الحرب التي أولُها الكلام!

 لبنان اليوم -

الحرب التي أولُها الكلام

بقلم: رضوان السيد

في بيانٍ لمجلس الأمن القومي الروسي أنّ قادة «الناتو» والأوكرانيين إن أصروا على التصعيد، فيمكن المصير إلى إلغاء أوكرانيا من الوجود! وتصرح جهات رسمية روسية منها وزير الخارجية أنّ الاستيلاء على دونباس ليس كافياً ولا بد من توسيعه من أجل الأمن القومي الروسي! الرئيس الإيراني قال لبوتين إنّ العدوان غربي، ولو لم تبدأ روسيا الحرب، لكان «الناتو» قد بدأها! ومن جهتهم يقول الأميركيون والغربيون إنّ الأوكرانيين بفضل تفوق السلاح الغربي، ومنها صواريخ هيمارس، أوقفوا في الأسابيع الأخيرة الزحفَ الروسي، وهذا ما دفع روسيا إلى التصعيد ومحاولة توسيع الحرب! لكن ماذا عما وراء خطوط القتال؟ الأوروبيون متضايقون جداً في الطاقة والغذاء. والروس يزيدون الضغط على ألمانيا وفرنسا لإيقاف التدفقات من الغاز من خط «نوردستريم-1» أو تخفيضها إلى حدود ثلاثين أو أربعين بالمائة. بينما يقول الهنغاريون (المجر) إنهم لا يستطيعون العيشَ من دون الغاز الروسي.

ومن وراء الأميركيتين وأوروبا التي تعاني التضخمَ، بدأ الأفارقة، وبخاصةٍ المعوزون منهم، يعانون المجاعةَ، بسبب انقطاع الإمدادات الغذائية من أوكرانيا، والارتفاع الفاحش في الأسعار! أما المعسكرات فقد ثبتت إذا صحّ التعبير. الأميركيون والأوروبيون واليابانيون هم الذين صرحوا بمواجهة روسيا. بينما صرحت الصين وصرحت إيران بالانحياز إلى روسيا. وبقي معظم الآخرين المعتبرين، ومنهم الهنود والأتراك والعرب في الوسط. هم يعلنون الانزعاج من الحرب وأهوالها، كما يعلنون عن استعدادهم لتقديم المساعدات الإنسانية. وقد جاء الرئيس بايدن إلى المملكة العربية السعودية رجاءَ زحزحة الموقف العربي باتجاه المحور.

وأظهر العرب استعدادَهم للدخول في الشراكة الاستراتيجية المعروضة عليهم. لكنّ ملفّ الطاقة ما تزحزح إلاّ قليلاً وعلى مديات متطاولة. بدليل حديث بوتين مع ولي العهد السعودي عن الاستمرار في «أوبك+». وقد تحدث الرئيس السيسي عن تزويد أوروبا بالغاز المصري المسال. في حين وعد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الفرنسيين بالتعاون في ملف الطاقة. كل هذه الأمور تبدو بطيئةً وبطيئةً جداً بالنسبة للأميركيين وحلفائهم. والواضح أنّ العرب لا يريدون الانحياز في هذه الحرب، وأنه لا بديل عن الغاز والبترول الروسيين، والغذاء الأوكراني والروسي!

وقد اعتبر كثيرون (ومنهم الكاتب) قمةَ طهران بين روسيا وإيران وتركيا رداً على قمة جدة. لكنّ ذلك بدا متسرعاً. فتركيا لم تكد تتفق في شيء مع الحليفين، وإن أشادت بمسار أستانا، وذلك للمعارضة الشديدة من الحليفين ضد غزوتها الجديدة في سوريا. والثلاثة قالوا بضرورة جلاء الأميركيين عن مناطق شرق الفرات. وكل ذلك بعيداً عن أوكرانيا.

أذكر أنه في العامين الأولين من الحرب اللبنانية (1975-1977) دأب بيار الجميل، رئيس «حزب الكتائب»، على التصريح بأن الاختلافات كثيرة، لكنّ حلها ممكن لو توافر الوسيط الكبير والنزيه. وقد تأمل الأكثرون في النزاع الروسي الأوكراني بالوساطة الصينية، لكنّ الصينيين وقفوا إلى جانب روسيا اقتصادياً وعسكرياً. والواضح أن الرئيس الفرنسي كان يأمل أن يكون وسيطاً مقبولاً. لكنّ الروس لم يقبلوا به، والأميركان أعرضوا عنه. والتركي حاول الوساطة الشاملة، ثم تواضع فصار وسيطاً في تمرير الحبوب الأوكرانية عبر الحصار الروسي! قال نصر بن سيار آخر ولاة الأمويين على خراسان: «فإن النار بالعيدان تذكى/// وإن الحرب مبدؤها الكلام». والكلام تهديد لكنه أيضاً سياسة وتفاوض. وإنما تبدأ الحرب بعد انتهاء الكلام. لقد تعب العالَم كلُّه من الحرب في أوكرانيا وآثارها. وخشيتُ على روسيا عندما قال بعض الخبراء الروس إنّ الأميركيين يريدونها مثل الحرب في أفغانستان! لا بد أن تنتهي هذه الحرب، لكن أين الوسطاء؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب التي أولُها الكلام الحرب التي أولُها الكلام



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon