على أبواب عام مضطرب وقلق من غزة إلى واشنطن

على أبواب عام مضطرب وقلق... من غزة إلى واشنطن

على أبواب عام مضطرب وقلق... من غزة إلى واشنطن

 لبنان اليوم -

على أبواب عام مضطرب وقلق من غزة إلى واشنطن

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

أتيحت الفرصة بالأمس أمام مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا ليقدم مطالعة اعتلى معها «المنبر الأخلاقي» في انتقاده الشديد لموقف واشنطن ضد مشروع وقف إطلاق النار الدائم في حرب تهجير قطاع غزة.

وشخصياً، أزعم أن المزاج العام في العالم العربي كان متعاطفاً مع معظم ما ورد على لسان المندوب الروسي ضد الإصرار الأميركي على إفراغ مشروع القرار الدولي من مضمونه، ودعم واشنطن اللامحدود للحرب الإسرائيلية المستمرة.

بيد أن العواطف شيء والواقع السياسي شيء آخر. ولئن كانت موسكو اليوم تلعب الورقة الإنسانية والأخلاقية، فإنَّ السنوات الفائتة – تحديداً منذ وقوف موسكو بعناد ضد الانتفاضة السورية، واستخدامها حق النقض «الفيتو» تكراراً - تكشف أن المسألة برمتها مسألة «صراع مصالح»، ونزاع استقطابي ممتد منذ حقبة «الحرب الباردة».

في صراعات ونزاعات من هذا النوع، تعلمنا أن لا مكان للأخلاق أو المبادئ... بل الكلمة العليا للمصالح وحدها.

ثم إننا نجد أنفسنا راهناً أمام طيف من الاعتبارات المعلنة والحسابات المضمرة؛ أطرافها القوى الأساسية المعنية في الحالة الفلسطينية الإسرائيلية. وعلى الرغم من مرور نحو 80 يوماً، ما زال الغموض يكتنف الوضع. إذ ثمة جدلٌ حقيقي داخل إسرائيل نفسها عن مدى التقدّم الذي أنجزته الحرب حتى الآن، وفرص تحقيقها كل الأهداف التي حددها بنيامين نتنياهو وأركان حكومة الحرب التي يقودها.

أيضاً، إذا كان قد ثبت بالدليل القاطع أن لا حدود للدعم الأميركي لتل أبيب، سياسياً وعسكرياً، فإن إيران تطرح علامات استفهام جدية أمام تفاصيل المقاربات الأميركية المستقبلية. وهذا ما تعكسه العمليات العسكرية التي تشنها أذرع طهران في المنطقة، بدءاً من «حزب الله» عبر الحدود مع لبنان وسوريا، مروراً بالميليشيات الشيعية العراقية، وانتهاءً بالحوثيين في اليمن. واللافت بشأن هذه الميليشيات - المتحركة وفق إيقاع طهران ومصالحها - أن واشنطن سعت بدايةً إلى «تحييدها»؛ تسهيلاً لتركيز إسرائيل على جبهة غزة. وبالفعل، منذ الأيام الأولى للهجوم الإسرائيلي، أعلنت واشنطن أن «لا أدلة لديها على دور لطهران في هجوم حماس يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)»... وهذا على الرغم من علمها التام بالعلاقة الوثيقة بين الجانبين.

كذلك شدّدت واشنطن - وكرّرت المناشدة - على «تحاشي توسيع العمليات العسكرية» خارج جبهة غزة، وبالذات، إلى الجبهة الشمالية مع لبنان... حيث حافظ الجانبان، أي ميليشيا «حزب الله» والجيش الإسرائيلي على ما اصطلح على تسميته «قواعد المواجهة». وحقاً، التزم مقاتلو الجانبين بسقف مضبوط لاشتباكات... كانت أقرب إلى رسائل سياسية هدفها «إنقاذ ماء الوجه» و«رفع العتب» منها إلى معارك جدية تؤثر على ميزان القتال في القطاع المُعاد احتلاله. ولمن يتابع الوضع اللبناني، لا تغيب عن الذاكرة تطوّرات الفترة الأخيرة التي رحّب فيها «حزب الله»، بالذات، بمهمة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتين المتصلة بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. وهي مهمة ينتظر تجدّدها بمساعي هوكشتين على صعيد الحدود البرية.

الأمر نفسه ينطبق على الميليشيات العراقية التابعة لطهران، مع أن بعض المراقبين يقرأون فيها مرحلة «مساومة» جديدة في المسرح العراقي، حيث نجح الجناح الإيراني داخل القوى الشيعية، ممثلاً بـ«الإطار التنسيقي»، في تعزيز قبضته على السلطة في بغداد. والمعروف طبعاً أن صعود الميليشيات الشيعية التابعة لإيران كان قد بدأ في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003. وكما نتذكر، بدأ توافد القوى المنفية إلى إيران بمجرد سقوط بغداد في قبضة القوات الأميركية. ثم، بدأت مرحلة تعايش بين واشنطن وحكام العراق الجدد... تراوحت بين التفاهم والتنسيق والابتزاز.

لكن الجديد بالفعل، فيما يتعلق بأذرع إيران الإقليمية اليوم، هو النشاط العسكري المتنامي للحوثيين في جنوب البحر الأحمر، وهو نشاط غير مسبوق استوجب تحرّكاً أميركياً غايته المعلنة حماية الطرق البحرية. وسيكون مثيراً للاهتمام رصد تداعيات تأسيس واشنطن تحالفها الدولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر وعبر مضيق باب المندب في خليج عدن.

بطبيعة الحال، هنا تدخل المعادلة عدة قوى دولية، بينها الصين ذات المصلحة في حرية الملاحة، وروسيا التي تستفيد على مسرح العمليات الأوكراني من الانشغال الأميركي في رمال الشرق الأوسط وبحاره. ومن ناحية ثانية، يترافق هذا الانشغال مع بدء العد التنازلي لعام الانتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

في الانتخابات الرئاسية هذه لا يجوز الاستخفاف بما يمكن أنه تُحدِثه حرب تهجير غزة من «ديناميكيات» جديدة في المعركة الانتخابية بين رئيس ديمقراطي تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبيته في أوساط وولايات مؤثرة إذا كان التنافس متقارباً، ومتصدّر للمرشحين الجمهوريين تحوم حول وضعه القانوني الشبهات.

بناءً عليه، يحمل العام الجديد الذي يطل علينا خلال أيام شكوكاً ومخاوف لا يظهر أن بمقدور القيادات التحكم في تداعياتها.

إنه عام مضطرب وقلق يستقبله أيضاً عالم مضطرب وقلق، يحاول مواجهة مخاوفه بفرار يائس إلى الأمام.

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على أبواب عام مضطرب وقلق من غزة إلى واشنطن على أبواب عام مضطرب وقلق من غزة إلى واشنطن



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon