نبوءة يمنيّة

نبوءة يمنيّة

نبوءة يمنيّة

 لبنان اليوم -

نبوءة يمنيّة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان سياسي لبناني من عائلة سكاف يروي أن الجامعة العربية عقدت في الأربعينات مؤتمراً في بلدة شتوره حضره وفد من اليمن. وفيما هو يتمشى ذات يوم مع مندوب اليمن، توقف المندوب فجأة وقال له: «اسمعني جيداً يا صديقي، ولا تغضب مني. إن دولتكم لن تعيش طويلاً. كل هذا الجمال، وهذه الجبال، والسهول، والأنهار، والغابات، والأمطار، والبحيرات، والمناخ والمواسم. هذا ليس بلداً. هذا مشروع خلاف دائم».

سأله النائب اللبناني، لماذا هذا الرهان؟ فقال ما معناه: «لأن أبناءه سوف يدعون إرثه وآباءه سيدعون أبوته، وجيرانه سوف يدعون ملكيته، فيحوّله النزاع الدائم من وطن إلى كابوس».

كان العرب في تلك المرحلة لا يزالون يرون في لبنان مركز مقاصدهم: هو الجامعة المتقدمة، وهو المستشفى المتقدم، وهو الصحافة المتطورة، وهو المصيف الجميل والمشتى المعتد، والمقهى المنفتح، والسفر السعيد. وفي الخمسينات أضاف لنفسه مهمة أخرى: الملاذ السياسي.

أوائل الستينات تبدل الأمر. سقطت الوحدة المصرية السورية في دمشق، فبدأ لبنان بالتساقط. المهمة أصبحت تهمة. موالاة مصر أو سوريا «البعث»، الذي أطل في بغداد، ثم دمشق، اختار بيروت حلبة ملاكمة، ومن ثم حلبة قتل.

مع سهولة العدوى وضعف الدولة اللبنانية، صارت الحلبة ساحة للجميع. انكفأت مصر، «فحكمت» منظمة التحرير. تصاعد النزاع السوري العراقي، فانضم إليه النزاع السوري - الفلسطيني. ثم تطورت الملاكمة إلى حرب مفتوحة بين جميع قوى الأرض، واللبناني الذي كان يستقبل العرب بالنسائم العليلة، صار يستقبلهم بالرشاشات.

انتهت حرب الجبهات وبدأت، دون إعلان، حرب الساحات. وإضافة إلى سائر القوى القديمة، أطلت للمرة الأولى، القوة الإيرانية. وتغيرت خريطة المنطقة من داخل ومن خارج. لبنان الذي لم يقسم بين مسيحيين ومسلمين، انقسم عملياً بين سني وشيعي، وتحوّل المسيحيون إلى شهود عرس وأدعياء أمجاد بالية، مكملين مسيرتهم الانتحارية خلف فكر انتحاري، هو مزيج من المدفعية العمياء وسوق التجارة السوداء.

قبل يومين انقسم لبنان على نحو أشد خطورة عندما أعلنت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» جمع متطوعي لبنان لحرب غزة. عارض الخطوة كثيرون، بينهم رؤساء ووزراء سابقون. أخطر لحظات المصير ولبنان بلا رئيس، وبلا حكومة، و«الممانعة» لا تلتفت حتى إلى رأيه في الحرب الدائرة على أراضيه.

ليس من يعارض أو يتجاهل دعم غزة في صمودها الملحمي سوى فاقدي الحس والعقل. أما الذين يحوّلون سيادة لبنان المريضة والمعتلة، فإنهم يفتقدون حقاً إلى الحكمة واللياقة، مهما كانت الظروف.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نبوءة يمنيّة نبوءة يمنيّة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon